بعد إعلان مجموعة من قيادات حزبه تشكيل جمعية تحمل اسم «بلا حدود» وإعلانهم دعم حكومة عبد الإله بن كيران، قلّل زعيم حزب «الاستقلال» المغربي حميد شباط من تداعيات هذا الانشقاق الذي يقوده منافسه السابق على زعامة الحزب عبد الواحد الفاسي نجل علال الفاسي المؤسس التاريخي للحزب، متمنياً التوفيق لأعضاء الجمعية. ولفتت مصادر مطلعة إلى انضمام قياديين سابقين في «الاستقلال» إلى الجمعية الجديدة، بعد أن كانوا انسحبوا من الحزب إثر حسم المحكمة مسألة شرعية انتخاب النقابي حميد شباط على رأس الحزب، وفي مقدمهم الوزير الأسبق محمد الخليفة وأحمد خليل بوستة، نجل الأمين العام السابق محمد بوستة، إضافةً إلى الرئيسة السابقة لكتلة «الاستقلال» النيابية لطيفة بناني سميرس، والقيادي عبد الحق التازي. وتوقف المراقبون أمام اختيار تشكيل جمعية بدل الإعلان عن حزب سياسي، في إشارة إلى استمرار النزاع على شرعية زعامة «الاستقلال». وانحازت «بلا هوادة « إلى بن كيران في خلافه مع حميد شباط الذي أدى إلى انسحاب وزراء الحزب من الحكومة واستبدالهم بوزراء من حزب «تجمع الأحرار» بزعامة وزير الخارجية الحالي صلاح الدين مزوار. ولم يتعرض «الاستقلال» إلى انشقاق منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي، عندما انفجرت خلافات سياسية وإيديولوجية بين جناحيه المحافظ واليساري، أدت إلى تشكيل «الاتحاد الوطني للقوات الشعبية» بزعامة المعارض المهدي بن بركة، إلا أن «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» المنبثق من رحم «الاتحاد الوطني» عاودا اللقاء، عبر تفاهم سياسي دفع القيادي البارز في «الاتحاد الاشتراكي» المحامي إدريس لشكر باتجاه بلورته، بعد انضمام الاستقلال إلى المعارضة، الأمر الذي عزز وضع شباط الذي دخل في مواجهة مفتوحة مع رئيس الحكومة المغربية. واستبعدت المصادر أن يكون لتأسيس «بلا هوادة» تأثير كبير على موقف الحزب في اختياره الانضمام إلى المعارضة، لكن من غير المستبعد أن تعبد الطريق أمام تحول جديد في مساره. وتوقعت المصادر اشتداد الصراع بين المعارضة المغربية التي يمثلها «الاستقلال» و «الاتحاد الاشتراكي» والحكومة، خلال جلسة المساءلة الشهرية اليوم، التي يعرض فيها بن كيران سياسته إزاء مختلف القضايا. وسيكون الحوار المغربي–الأميركي الذي تمّ خلال القمة التي جمعت أخيراً بين الملك محمد السادس والرئيس باراك أوباما، محور مساءلة أيضاً. من جهة أخرى، لا يزال غير معلوماً إن كانت الكتل النيابية المعارِضة التي قاطعت جلسات سابقة للبرلمان ستلتزم الموقف ذاته اليوم. إلى ذلك، اندلعت مواجهات جديدة بين الحكومة والمعارضة، لدى عرض مشاريع قوانين تنظيمية في مقدمها الإجراءات التي تطاول القانون التنظيمي للسلطة التنفيذية، والمحكمة الدستورية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، إضافةً إلى تشكيل لجان تقصي الحقائق في البرلمان. وعزت المصادر المواجهة إلى تصديق مجلس النواب في وقت سابق على مقترح قانون حول لجان تقصي الحقائق. وأبدت المعارضة استغرابها إزاء تأخير عرض بعض مشاريع القوانين، بخاصة ما يتعلق بالعمل الحكومي. على صعيد آخر، شكّل الموقف من تيار السلفية الجهادية ومعالجة أوضاع معتقليه الذين أُدينوا على خلفية الهجمات الإرهابية التي شهدتها الدارالبيضاء في مايو (أيار) 2003، محور اجتماع عُقد بين بن كيران وفاعليات دينية. ونُقل عن بن كيران قوله إن وجود أعداد كبيرة من المقاتلين المنتسبين إلى التيار السلفي إلى جانب الثورة السورية، كان من بين الدوافع التي حالت دون حسم قضيتهم.