فجّر تكليف مفوضية الاتحاد الإفريقي، الوزير الأول السابق، أحمد أويحيى، بقيادة البعثة الإفريقية لمراقبة الانتخابات التشريعية في موريتانيا الأسبوع المقبل، جملة من التساؤلات حول ما إذا كانت هذه المهمة هي بمثابة العودة إلى واجهة المشهد السياسي، أم أنها إبعاد للرجل وإشغاله بقضايا خارج البلاد. ومعلوم أن الوزير الأول السابق، لم يظهر له أثر منذ استقالته من على رأس الأمانة العامة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي في مطلع العام الجاري، إلا في جنائز كبار رجالات الدولة أو في أفراح بعض المقربين منه، كما لم ينقل عن الرجل أية تصريحات أو مواقف سياسية بخصوص العديد من القضايا السياسية التي عاشت البلاد ولاتزال، على وقعها. ويرى سليم قلالة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، أن الظهور المفاجئ للأمين العام السابق للتجمع الوطني الديمقراطي "أقرب إلى العودة منه على الإبعاد السياسي، لاسيما في الظرف السياسي الراهن، الذي تطبعه الرهانات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية المرتقبة العام المقبل". ويعتقد أستاذ العلاقات الدولية، في اتصال مع "الشروق"، أن الهدف من تكليف أحمد أويحيى بهذه المهمة الإفريقية، هو "إضفاء المزيد من التعتيم على الانتخابات الرئاسية، التي يرى البعض أنها باتت محسومة بشكل أو بآخر لجهة ما، خاصة وأن أويحيى تدعمه قوى سياسية، سواء داخل الحزب الذي ينتمي إليه أو على مستوى جهة ما في السلطة". ويرفض المتحدث القراءة التي تذهب إلى القول بأن تكليف الرجل بمهمة في الخارج يعتبر تحييدا له وقمعا لطموحه السياسي: "لو عين أويحيى سفيرا لكان هذا التحليل صائبا، أما وأن مهمة الرجل في موريتانيا محدودة في الزمن، فلا أعتقد ذلك"، وأضاف موضحا: "أرى أن ورقة أويحيى يمكن توظيفها في رهان الانتخابات الرئاسية المقبلة، على الأقل من باب إحداث التوازن في حرب التموقعات تحسبا لما هو قادم". ويتفق عبد العالي رزاقي، أستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر، على أن المهمة الإفريقية لأحمد أويحيى، هي إيذان بعودة محتملة للرجل إلى المشهد السياسي، غير أنه شكك بالمقابل، في نجاح مهمة مراقبته للانتخابات التشريعية في موريتانيا، بسبب تهم التزوير التي ظلت تلاحقه منذ تشريعيات عام 1997. وقال رزاقي في اتصال مع "الشروق" أمس: "معلوم أن لفرنسا نفوذا كبيرا على الاتحاد الإفريقي، ومادام أن أويحيى من المحسوبين على باريس في النظام الجزائري، لذلك فلا استبعد أن يكون هناك دور للمستعمرة السابقة للجزائر، في العمل من أجل إعادة الاعتبار له كمرشح محتمل للانتخابات الرئاسية المقبلة". وأضاف المحلل السياسي: "شخصيا، أعتقد أن الرئيس بوتفليقة سوف لن يترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وتكون فرنسا قد أدركت هذا المعطى، ولعل في النقاش الذي شهده برلمانها قبل أيام خير دليل على ذلك، لذلك أعتقد أن عودة أويحيى لها علاقة مباشرة بالاستحقاق المقبل، غير أن مشكلة الرجل تكمن في افتقاده للتأييد الشعبي الذي يمكن أن يوصله إلى قصر المرادية، بسبب قراراته المثيرة للجدل عندما كان في الحكومة". واستغرب المتحدث أن "يمثل الجزائر رئيس حزب اشتهر بتزوير الانتخابات عندما كان رئيسا لحكومة بلاده، في رقابة الانتخابات في دولة أجنبية، لأن نتائج تلك الاستحقاقات سيطعن في شرعيتها"، يقول عبد العالي رزاقي.