أضاعت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فرصة ذهبية للقطع مع حالة "اللا شرعية" التي طغت على صفتها في السنين الأخيرة، وبدل أن تحتفل بولوجها عهد الإنتخابات "النزيهة"، و"التعددية" أثناء فترة تقديم الترشحيات، بطريقة تنسي الرأي العام مصطلحات من قبيل "المرشح التوافقي"، والتعددية الإسمية فقط في غياب برامج واضحة، أبت إلا أن تقدم، وخلال 16 ساعة متواصلة، مشاهد بئيسة لواقع رياضي متخبط، أظهر أن مسيري الرياضة الأولى في المغرب، بعيدين كل البعد عن طموحات شعب راهن كثيرا على هذه الفترة الإنتقالية في تاريخ الكرة المغربية. وتدخل الإتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا، موجها لجموع الحاضرين، رسالة تحذيرية، تنبأ بعقوبات في حق الجامعة، إن هي لم تحترم قوانين المنظمة الأولى عالميا، فتحرك القيمون على الشأن الكروي، وراسلوا الفيفا بغية تفادي عقوبات محتملة، ومحاولة إقناع أصدقاء بلاتير أن القوانين المغربية ملائمة لنظيرتها الدولية، وأن ما جرى خلال الجمع، من خلاف بين اللائحتين، ما هي إلى طريقة مغربية لتدبير الأمور، وأننا لا زلنا في طور التجريب، وأن العملية الديموقراطية في بلادنا، لا زالت فتية. ومن أجل هذه المهمة، يستعد الرئيس السابق على الفاسي الفهري، لمرافقة خليفته فوزي لقجع، ونائبه الأول عبد الإله أكرم، لمقر الإتحاد الدولي بزيوريخ السويسرية، في رحلة ستميط اللثام عن كل ما قيل عن وجود سيناريو محبوك، أريد به تأجيل الجمع العام وإسقاط اللائحتين المتسابقتين بسبب "عيوب قانونية"، للتفرغ لإجتماعات سرية تقلب الموزاين وتبحث عن توافقات، كالحالة التي نوقش بها التقرير المالي للمكتب الجامعي السابق، وما تردد من تدخلات "حاسمة" للفاسي الفهري وأحمد غيبي، الرئيس السابق للجنة البرمجة، ليخرج الجميع بأقل الخسائر الممكنة. من حضر الإجتماع الماراثوني نهاية الأسبوع الماضي، تحدث عن "اتفاق" بين أعضاء لائحة فوزي لقجع، تقضي بعدم القيام بأي مداخلة خلال مناقشة التقريرين الأدبي والمالي، هذا الأخير حمل في طياته أرقاما كبيرة، بداية بإرتفاع مداخيل الجامعة، مستفيدة من الأمر الملكي، للمؤسسات العمومية الكبيرة، كبنك المغرب والمكتب الشريف للفوسفاك وصندوق الإيداع والتدبير وإتصالات المغرب، بضخ سيولة مالية قصد النهوض بكرة القدم الوطنية، ونهاية بالمصاريف الضخمة. ورغم أن النصف الآخر من كأس التقرير المالي، توقف عند صرف الجامعة خلال عهدها السابق الممتد لأربع سنوات، لما يقارب 126 مليار سنتيم، إلا أنه أشار أن كفة ميزان الجامعة، مالت نحو تحقيق فائض مهم، يبدو أنه لم يشفع للجامعة تجنب سهام الإنتقاد بخصوص تبذير لم يواكبه تحقيق نتائج كروية، بعدم التأهل لنهائيات كأس إفريقيا سنة 2010، والخروج بالدور الأول في نسختي 2012 و2013، وتواصل الغياب عن كأس العالم، في إنتظار تنظيم كأس إفريقيا بعد حوالي 14 شهرا. وسيحتفظ المغاربة بمقاطع الفيديو المنتشرة في المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الإجتماعي، عن رئيس فريق في القسم الأول "يعربط" على مسيري الجلسة، وآخر يكيل الشتائم للجميع، وكؤوس ترمى في وجوه كُشف عن معدنها، وكلام نابي يبدو مشابها للقاموس المتداول في مدرجات الملاعب المغربية، ويبقى الفريق الوحيد أن هذا الأخير، تم إخراج قانون لمحاربته والحد منه، ومجموعة من الحملات الأمنية والدراسات السوسيولوجية لمحاولة فهمه وإحتوائه، فيما الأول فُسر بطريقة ستنسى بأسرع ما يمكن، لأنه في نهاية المطاف، "لكل مقام مقال". وفي نهاية الحكاية، فاز من فاز وانهزم من انهزم، أوراق اللعب وزعت فوق طاولات قاعة المؤتمرات بالصخيرات، فبدت غير مربحة ليعاد خلطها وتوزيعها، غيرت طريقة اللعب فأوتي بنرد عكست أوجهه الستة حالة العبث واللامسؤولية التي طبعت الجمع العام، فبين كل رمية نرد، ابتسم من راهن على رقم ما، وأدار الحظ ظهره لمن أراد، غافلين أن لاعب النرد يربح حينا، ويخسر أحايين أخرى، وهم في نهاية المطاف مثل محمود درويش، أو أكثر منه قليلا.