جرى مساء أمس الأربعاء بمقر البيت العربي في دريد تقديم كتاب "الحماية الإسبانية في المغرب"، وهو عمل جديد يتطرق إلى هذه الفترة الهامة من تاريخ المغرب وإسبانيا. وبحسب ناشري الكتاب الذي أصدرته مؤسسة إيبردرولا بمناسبة الذكرى المئوية للإعلان الرسمي للحماية الإسبانية في المغرب، فإن هذا العمل عبارة عن دراسة وتحليل للأهمية التي تكتسيها هذه الفترة (1912-1956) في العلاقات الثنائية ونموذج جيد للتعايش بين الشعبين. ويحتوي هذا الكتاب الضخم، الذي يتوزع إلى ثلاثة أجزاء تقع في 1403 صفحة، على مقالات وتحليلات نحو ستين من الكتاب المغاربة والإسبان. وقد خصص الجزء الأول لفترة الحماية الإسبانية في المغرب من الناحية القانونية والسوسيو اقتصادية والديموغرافية، فيما تناول الجزء الثاني الجانب الثقافي والتأريخي، وتطرق الجزء الثالث للناحية التاريخية السياسية والعسكرية. ويقدم الكتاب الذي أشرف عليه مانويل أراغون وقام بتنسيقه كل من مانويل غاهيت وفتيحة بنلباح قصة مثيرة حول عمق ومتانة العلاقات المغربية الإسبانية، لاسيما البعد الإنساني في هذه العلاقة والذي يتجسد بقوة في التعايش المثالي بين شعبي البلدين. وأبرز مانويل أراغون في حديثه عن هذا الكتاب، الذي يتضمن أيضا تأملات لوزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي سعد الدين عثماني ونظيره الإسباني غارسيا مارغايو، أهمية هذا الإصدار "المتوازن" الذي ألفه مغاربة وإسبان في "الفهم الأفضل" للأبعاد المتعددة للعلاقات التي تجمع بين المغرب وإسبانيا. وأشار هذا الأستاذ الجامعي إلى أن هذا العمل "ليس تذكيرا بالماضي، وإنما هو عمل عظيم يشهد على التعايش بين مختلف الثقافات والحضارات في المغرب"، مؤكدا على أن مؤلفي الكتاب "لم يقوموا بتحليل للماضي من خلال نظرة للحاضر، بل اعتمدوا على الحكمة والتعددية" في سرد الأحداث التي وحدت، ولا زالت، بين البلدين. وخلص مانويل أراغون إلى أن "هذه الدراسة الشاملة تحلل الماضي المشترك بين المغرب وإسبانيا من أجل استشراف المستقبل سويا، وتعزيز العلاقات العريقة بينهما أكثر". وفي السياق نفسه، قال رئيس مؤسسة ايبردرولا، إغناسيو سانشيز غالان إن "المغرب واسبانيا بلدان صديقان يتقاسمان ليس فقط تاريخهما، ولكن أيضا المصالح المشتركة"، مذكرا بأن إسبانيا أضحت في 2012 المزود الأول للمغرب. وبعد أن أبرز العلاقات الثنائية الجيدة والممتازة على كافة الأصعدة أوضح غالان أن هذا الكتاب جاء لإعطاء بعد أكثر تجذرا لهذه العلاقات ويعود بالتفصيل للأحداث التي وشمت تاريخ البلدين، والتي لها سمة هامة في العلاقات بين مدريد والرباط. وسجل غالان أنه إلى جانب موضوعيته وتعدديته سيصبح هذا الكتاب، الذي يستعيد 50 حولا من التعايش الاجتماعي والتنوع الثقافي والتسامح، "مرجعا لا محيد عنه" للطلاب والخبراء والباحثين في هذا المجال. من جانبه قال المدعي العام الإسباني، وأحد مؤلفي هذا الكتاب، إن الكتاب مشروع "وحد مرة أخرى البلدين" و"موسوعة تتعرض لفترة خاصة ومهمة في العلاقات المغربية الإسبانية". وشدد إدواردو توريس دولسي ليفانتي على "أن الأمر يتعلق بجسر نحو التاريخ، بل نحو المستقبل لبناء علاقة قوامها الثقة والاحترام والتعاون المتبادل"، معتبرا أن مساهمة مختلف مؤلفي هذا العمل يعكس "نظرة متقاطعة" لفترة هامة في التاريخ المشترك بين البلدين. وتميز حفل تقديم هذا الكتاب بحضور وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإسباني خوسي مانويل غارسيا مارغايو، والمدعي العام الإسباني إدواردو توريس دولسي ليفانتي، وأستاذ القانون الدستوري بجامعة مدريد المستقلة مانويل أراغون رييس. كما حضرت هذا الحفل شخصيات سياسية ودبلوماسية وأكاديمية أخرى تنتمي إلى عوالم الفكر والأدب والإبداع