شهدت العاصمة الموريتانية نواكشوط أمس تنظيم منتدى رفيع المستوى حول التنمية الرعوية في منطقة الساحل والصحراء الأفريقية، وذلك بحضور الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ونظيره التشادي إدريس ديبي، الذي يشغل منصب الرئيس الدوري لمنظمة مكافحة الجفاف في منطقة الساحل والصحراء (سلس). وخلال افتتاح المنتدى، أكد الرئيس الموريتاني، أن «التنمية الرعوية تشكل دعامة أساسية لاقتصادات دول الساحل، إلا أنها ظلت خلال العقود الماضية تعيش على هامش التنمية على الرغم من مزاياها الاقتصادية والاجتماعية الكثيرة»، مشيرا إلى أن اهتمام الشركاء الدوليين بالتنمية الرعوية «يمكن أن يلعب دور أداة فعالة لتحول الريف من بؤرة للفقر إلى مجال رحب للرقي والازدهار». وعلى هامش المنتدى، قال الرئيس الموريتاني في تصريح صحافي إنه من دون الأمن «لا يمكن تحقيق تطور اقتصادي في المنطقة، لأنه يجب في البداية تأمين المنطقة حتى يقتنع المستثمرون بالمجيء إليها». وأضاف: «هنالك موارد كبيرة في المنطقة لم تستغل حتى الآن، وهو ما يعود بالتأكيد إلى الأوضاع التي عاشتها المنطقة خلال العقود الماضية، من جفاف ونقص الاستثمار وانعدام الأمن». وعد الرئيس الموريتاني، أن «وضع السكان في ظروف اقتصادية مقبولة، سيجعلهم شريكا مهما وفعالا في الحرب على الإرهاب»، وفق تعبيره. وخلص الرئيس الموريتاني إلى أنه ما دامت هنالك «مناطق غير مؤمنة في بلداننا، فإن الإرهاب سيجد دائما مكانا للعمل وانخراط عناصر جهادية جديدة»، قبل أن يشير إلى أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تعرض لضربات قوية أخيرا «أضعفته كثيرا وجعلته غير منظم». وقال: «إن الإرهابيين غير منظمين حاليا، ولكن يجب أن لا نبحث عن النظام عند الإرهابيين، فانعدام النظام جزء من قوتهم، ويجب ألا نقارنهم بالدول والجيوش المنظمة». ونفى الرئيس الموريتاني وجود أي سوء تفاهم بين بلاده ومالي، وقال في هذا السياق: «لا توجد أي مشكلة في التفاهم بيننا وإخوتنا في مالي، فلا يمكننا إلا أن نتفاهم بسبب علاقاتنا الأخوية والتاريخية والحدود الكبيرة التي نعمل بشكل موحد لحمايتها». وينظم المنتدى رفيع المستوى من طرف الحكومة الموريتانية والبنك الدولي ومنظمة مكافحة الجفاف في دول الساحل (سلس)، ويشارك فيه بالإضافة إلى رئيسي موريتانيا وتشاد، وزراء منظمة «سلس» للتنمية الريفية، ونائب رئيس منطقة أفريقيا في مجموعة البنك الدولي، والمدير العام لمنظمة التغذية العالمية (فاو). ومن جهته، دعا الرئيس التشادي إدريس ديبي، خلال افتتاح المنتدى، إلى إيجاد «تحالف قوي» من أجل الدفع بقطاع التنمية الرعوية في بلدان الساحل والصحراء، قبل أن يشير إلى أن «التنمية الرعوية في منطقة الساحل الأفريقي لا تتوفر على الدعم الذي تستحقه، رغم أنها تحمل آفاقا تنموية واقتصادية كبيرة». وتأتي زيارة الرئيس التشادي لموريتانيا في ظل غياب عدد من رؤساء دول منظمة مكافحة الجفاف بالساحل، من ضمنهم الرئيس المالي إبراهيما ببكر كيتا، الذي يواجه تحديات كبيرة في ظل تزايد الهجمات التي تشنها مجموعات إسلامية متشددة في شمال بلاده، وسعيه إلى اعتماد نظام اللامركزية والتنمية المحلية كحل أمام مطالب انفصالية يرفعها الطوارق والعرب في الشمال.