قبل شهر من تولّي محمد مرسي الرئاسة المصرية، كانت الممثلة إلهام شاهين عرضةً لهجوم الشيخ عبد الله بدر (الأخبار 21/12/2012). ورغم أنّ البعض اعتقد أنّ الرئيس المعزول سيوفّر حماية للفنانين من المتشددين المؤيدين له، جاء لقاؤه الأول والأخير بالفنانين في أيلول (سبتمبر) 2012 بلا نتيجة. كان لافتاً أنّ شريحة المتطرّفين المؤيدين له، لم يهتموا بلقائه بالفنانين، بل وجّهوا له انتقادات، وأحدهم هو الشيخ محمود شعبان الذي هاجم مرسي بسبب ظهوره على التلفزيون المصري مع مذيعة «متبرّجة». قال الشيخ وقتها إنّه شخصياً ذهب إلى لقاءٍ تلفزيوني، وفوجئ بمذيعة امرأة، فصرخ قائلاً «هاتولي راجل». من جهته، واصل عبد الله بدر هجومه على إلهام شاهين، ولم يتوقّع أنصاره أن يحصل على حكم بالسجن في عهد الرئيس المعزول. لم يدرك الأخير كيف يستغلّ القوى الناعمة في المجتمع المصري، بل خسر الجميع، فنانين واعلاميين، ثم المثقفين قبل أسابيع قليلة من الثورة عليه، حين اختار شخصاً مغموراً وزيراً للثقافة وهو علاء عبد العزيز. على عكسه تماماً، بدا أنّ القائد العام للقوات المسلحة المصرية عبد الفتاح السيسي تنبّه باكراً إلى أهمية النجوم لدى أهل المحروسة. في نيسان (أبريل) الماضي كانت البداية: حضر السيسي أوبريت أقامته جامعة «المستقبل» في مناسبة عيد «تحرير سيناء». كان يريد تعويض ما جرى في الاحتفال بذكرى «حرب اكتوبر» الأولى في عهد مرسي، عندما دخل الأخير «استاد القاهرة» في سيارة مكشوفة وسط أنصاره ومؤيديه وبعض المشاركين في اغتيال أنور السادات. وأخيراً، قال السيسي لجريدة «المصري اليوم» إنّ ذلك الاحتفال (أكتوبر 2012) أصاب الجيش بالصدمة، لكنه لم يبادر إلى إعلان الاستياء. اعتمد القائد العام للقوات المسلحة المصرية على نفسه بعيداً عن رئاسة الجمهورية، وقرّر التواصل مع النجوم. في أيار (مايو) من العام الجاري، وجّهت دعوة للمرة الأولى لمجموعة من النجوم، والمطربين لحضور ما يسّمى «تفتيش حرب» (تدريبات عسكرية). مصطلح لم يعتده المصريون من قبل، لكن السيسي كان حريصاً على تأكيد التطوّر الذي وصله الجيش المصري بعد أشهر من توليه وزارة الدفاع. الدعوة ذهبت إلى أسماء بحجم عادل إمام، ويحيي الفخراني، وأحمد عز، وأحمد السقا، ومحمد فؤاد... وقتها لم يوجّه أنصار الإخوان انتقادات علنية لقائد الجيش الذي اختاره مرسي، خصوصاً أنّ السيسي صرّح يومها بأنّه من «الافضل للبلاد أن ينتظر الراغبون في التغيير صندوق الانتخابات». لكنّ الرياح جرت في اتجاه مغاير تماماً. بعد عزل مرسي، ردّ الفنانون «الجميل» للسيسي، فحقق أوبريت «تسلم الأيادي» (كتبها، ولحنها، وغنّاها مصطفى كامل مع عدد من المغنين) المثير للجدل شهرة غير مسبوقة في الأوساط الشعبية. كذلك، قدّم الفنان الاماراتي حسين الجسمي أغنية للسيسي والجيش المصري حملت عنوان «تسلم ايديك» (كلمات نادر عبدالله، وألحان وليد سعد) وحققت أيضاً انتشاراً كبيراً. بالتالي، لم يكن غريباً أن يشارك هذا الكمّ من النجوم المصريين والعرب في أوبريت «قد الدنيا» (كلمات ايمن بهجت قمر والحان وليد سعد) الذي قدّم الأحد الماضي (الأخبار 4/11/2013) لمدة أربع ساعات على أرض ملعب «الدفاع الجوي» في ذكرى «انتصار اكتوبر» قبل أيام. اسم الأوبريت مأخوذ من جملة شهيرة للسيسي يقول فيها «مصر أم الدنيا وهتبق قد الدنيا». هكذا كافأ الفنانون قائد الجيش المرشّح لرئاسة مصر، لأنّه عرف باكراً كيف يسوّق نفسه ويستفيد من الفنانين على عكس الرئيس المعزول.