أصدرت الأممالمتحدة أمس الثلثاء تقريراً حول التعذيب وسوء معاملة المحتجزين في ليبيا، أوصت فيه باتخاذ «إجراءات عاجلة» لنقل المحتجزين الخاضعين لسيطرة الكتائب المسلحة ووضعهم تحت السيطرة الفعلية للدولة. وأوضحت الأممالمتحدة في بيان صدر في جنيف أمس، أن التقرير صدر في شكل مشترك بين بعثتها في ليبيا ومفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان، وذلك تنفيذاً لولاية البعثة التي تقضي بمساعدة الليبيين في تعزيز حقوق الإنسان. وتشمل الولاية دعم الجهود الليبية الرامية إلى مناهضة الاحتجاز التعسفي والتعذيب، وذلك من خلال رصد الانتهاكات التي تقع في مراكز الاحتجاز، وتأييد الإجراءات الإصلاحية، وتقديم المشورة حول الإصلاح القضائي، وبناء قدرات منظومة مراكز الإصلاح في ليبيا، كما جاء في البيان الذي تلقت «الحياة» نسخة منه. ويشير تقرير الذي يحمل عنوان «التعذيب وحالات الوفاة في مراكز الاحتجاز في ليبيا»، إلى أن الانتهاكات مستمرة على رغم الجهود التي تبذلها السلطات. ووفق التقرير، فإن «طول فترة الاحتجاز والتحقيق على أيدي الكتائب المسلحة في ظل غياب الخبرة أو التدريب في مجال التعامل مع المحتجزين أو إجراء تحقيقات جنائية، علاوة على غياب الرقابة القضائية الفعالة، يخلق بيئة تساعد على التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة. ومن جانب آخر، أدى تسليم مرافق الاحتجاز لضباط مدربين تابعين للشرطة القضائية إلى تحسن ملحوظ في ظروف المحتجزين وطريقة معاملتهم». ويستند التقرير إلى معلومات تم الحصول عليها بصورة مباشرة خلال الزيارات التي قامت بها البعثة إلى ما يقرب من 30 مركز احتجاز على مدى أكثر من عامين، وتشمل معلومات تم الحصول عليها من المحتجزين وأسرهم والمسؤولين والمجتمع المدني، علاوة على المعلومات التي تم الحصول عليها من وثائق مثل التقارير الطبية. ويضيف التقرير أن «التعذيب يجري على نطاق واسع ويكون أكثر تكراراً بعد الاعتقال مباشرة خلال الأيام الأولى من التحقيق حيث يتم استخدامه لانتزاع الاعترافات وغيرها من المعلومات. وعادة ما يتم احتجاز الأشخاص دون تمكينهم من الوصول إلى محامين، أو التواصل مع أسرهم إلا بشكل عرضي. ويتم احتجاز الغالبية العظمى من الأشخاص المحتجزين بسبب النزاع، والذين يقدر عددهم بنحو 8000 شخص، دون مراعاة للإجراءات القانونية الواجبة». وسجل التقرير 27 حالة وفاة أثناء الاحتجاز وقعت منذ أواخر عام 2011 «حيث توجد معلومات هامة تفيد بأن التعذيب كان سبب الوفاة». واضاف: «وقعت 11 حالة وفاة أثناء الاحتجاز ... خلال عام 2013 في مراكز الاحتجاز الواقعة تحت السيطرة الاسمية للحكومة، لكنها تدار فعلياً بواسطة الكتائب المسلحة التي ظهرت أثناء ثورة 2011. وفي بعض الحالات، أقر أعضاء الكتائب المسلحة طواعية بتعرض المحتجزين لإساءة المعاملة الجسدية، لا بل حاولوا تبرير ذلك». وأشارت الأممالمتحدة في تقريرها إلى أن «السلطات الليبية ملتزمة على أعلى مستوى بتأمين تسليم المحتجزين لسلطات الدولة، وإنهاء التعذيب، وضمان تفعيل منظومة العدالة الجنائية بشكل صحيح». وأضافت أن الحكومة سعت بالفعل منذ عام 2012 «إلى وضع الكتائب المسلحة المتورطة في عمليات الاحتجاز تحت السلطة الرسمية للدولة من خلال ضم تبعيتها إلى وزارات محددة، بالرغم من أن الكتائب احتفظت بالسيطرة الفعلية على مراكز الاحتجاز في العديد من الحالات». وأوصت الأممالمتحدة «بقيام السلطات الليبية والكتائب المسلحة بتسريع عملية تسليم المحتجزين لكي يصبحوا تحت السيطرة الفعلية لسلطات الدولة، وفي هذه الأثناء اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المحتجزين ضد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. كما توصي الأممالمتحدة كذلك بقيام السلطات الليبية بإقرار استراتيجية لفرز المحتجزين بسبب النزاع، بحيث يتم إطلاق سراحهم أو توجيه الاتهام لهم ومحاكمتهم عند الاقتضاء».