كتبت جريدة "لوفيغارو" الفرنسية مقالا حول موضوع الوساطة الجزائرية لحل الأزمة التونسية، حاولت فيه استعراض مختلف جوانب الاهتمام الجزائري في استقرار الوضع في تونس. الاستقبال الذي خصصه مؤخرا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، لزعيم حركة النهضة التي تقود الحكومة راشد الغنوشي، ورئيس حزب نداء تونس المعارض الباجي قايد السبسي، بالإضافة إلى الزيارة التي يعتزم الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال القيام بها إلى تونس تظهر مدى اهتمام السلطات الجزائرية بمآل الأزمة في جارتها الشرقية. واعتبرت الجريدة الفرنسية، أن الجزائر قلقة من تأثير الأزمة السياسة في تونس على الوضع الأمني بالبلاد، وخصوصا على النقطة الحدودية القريبة من جبال الشعانبي حيث يتحصن عدد من العناصر الجهادية. التهديد الإرهابي فرض تعزيز التنسيق الأمني والمشاورات بين الطرفين،و كان آخر استقبال وزير الداخلية الجزائري الأسبق دحو ولد قابلية لوفد أمني تونسي مهم إلى جانب وزير الخارجية التونسي عثمان جراندي. ويقول المحلل الاستراتيجي التونسي فيصل الشريف، في هذا الصدد، إن هناك "ضرورة ملحة لحل الأزمة السياسية الداخلية لأن لها تداعيات مباشرة على الوضع في الحدود مع الجزائر ومع ليبيا". ويضيف الباحث التونسي أن الجزائر حريصة على أن تكون هناك مؤسسات دولة قوية في تونس، لأن الإرهاب في نظره ينتعش في ظل عدم غياب مؤسسات للدولة، كما هو الحال في ليبيا. مظاهر التهديد الإرهابي الحالي في تونس، تقول لوفيغارو نقلا عن جريدة تونسية، جعلت الجزائر هي الأخرى في واجهة الخطر، الذي تشكله الجماعات الجهادية حيث تخشى السلطات في البلاد أن تجد نفسها محاصرة من قبل "جبهتين استراتيجيتين على الأقل" واحدة في مالي والأخرى في تونس. الجزائر أصبحت بدورها فاعلا مهما تتجه إليه أنظار الساسة والمسؤولين التونسيين في مرحلة دقيقة من الفترة الانتقالية التي تعيشها البلاد. فرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي سبق له أن صرح بأن الجزائر هي "أهم بلد بالنسبة إلى تونس في المنطقة". وحتى لو كان الدور الجزائري في الأزمة السياسية بتونس لا يتعلق بالقيام بوساطة بين الأطراف المتنازعة، كما أكد على ذلك السفير الجزائري في تونس عبد القادر حجار في حوار مع جريدة "الخبر" الجزائرية، إلا أنه أقر أن بلاده لم تقدم "أي خارطة طريق للفرقاء" بقدر ما قامت بإسداء بعض النصائح من قبيل عدم حل المجلس التأسيسي. وسواء كانت هناك وساطة جزائرية في الموضوع أم لا، فالدور الذي تلعبه الجزائر بالنسبة لتونس، أصبح يكتسي ،حسب المحلل فيصل الشريف، بعدا استراتيجيا، حيث قال إن الجزائر لا ترغب في تدخل دول الخليج في شؤون جارتها الشرقية. تدبير الملف التونسيبالجزائر، حسب ما ذكرته صحيفة "لوفيغارو"، يوجد بالأساس بين أيدي المصالح الأمنية والاستخباراتية، نقلا عن مصدر في المخابرات الجزائرية، وإن كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يحاول أن يظهر في الصورة لإقناع الرأي العام أن المسألة تدبرها الأجهزة الدبلوماسية، يقول المصدر. واعتبر المحلل التونسي فيصل الشريف أنه من غير الممكن استبعاد أهمية الدور الدبلوماسي في هذا الجانب، مستشهدا بالعلاقة الجيدة التي تجمع بين الرئيس بوتفليقة ورئيس الوزراء السابق الباجي قايد السبسي، والذي حصل من الجزائر على مساعدة مليون بقيمة 100 مليون دولار خلال زيارة رسمية قام بها في مارس 2011. والخلاصة أن الدور الذي أضحت تلعبه الجزائر في الأزمة السياسية التونسية اختلفت الأوساط الإعلامية والسياسية في تونس تقييمه. هناك من اعتبر المسألة إيجابية لكون الثقة مفتقدة بين الفرقاء السياسيين التونسيين، وهناك من اعتبر لقاء بوتفليقة بالغنوشي والسبسي "تدويلا للأزمة التونسية" وخطأ جسيما.