قال محمد بالنور قائد حركة تمرد تونس، إن عدد التونسيين الذين وقّعوا على وثيقة حل المجلس التأسيسي (البرلمان) وإسقاط الحكومة، بلغ حدود مليون و700 ألف توقيع، والعدد في تزايد. وتمسك بالنور بمطالب التونسيين، وقال في تصريحات خاصة ب«الشرق الأوسط» إن الحركة لا يمكن أن تخون قضيتها وتتنكر لمئات الآلاف من الموقعين عن اقتناع على تلك الوثيقة. وأضاف بالنور أن قيادات الحركة ستواصل الضغط على الحكومة الحالية من أجل حل المجلس التأسيسي، وإسقاط الحكومة المنبثقة عنه، وذلك بقطع النظر عن المبادرات السياسية وجولات الحوار الوطني بين الحكومة والمعارضة. واتهم قائد حركة تمرد تونس الائتلاف الثلاثي الحاكم بقيادة حركة النهضة بمحاولة تضييق الخناق على الحركة، وزرع بذور الفتنة بين أعضائها في أكثر من مناسبة، وذكر أن بعض أعضاء الحركة ممن غادروا «تمرد تونس» استغلوا غياب بعض القيادات خلال الفترة الماضية بسبب العاصفة التي ضربت خيام المعتصمين في ساحة باردو بالعاصمة التونسية، وأعلنوا عن انسحابهم من جبهة الإنقاذ الوطني التي تقودها أحزاب المعارضة. وفند بالنور هذا الأمر، وقال إن حركة تمرد تونس ستواصل النهج ذاته، واتهم أحزاب الترويكا بالوقوف وراء تلك المحاولات. وبشأن تقييمه لمدى نجاح الحركة، جراء تزامن ظهورها مع ظهور حركة تمرد مصر في 30 يونيو (حزيران) الماضي، وفشلها النسبي في إسقاط الحكومة، قال بالنور إن حركة تمرد تونس تجرأت على الحكومة الحالية، وكانت أول من أطلق شرارة الحراك الشعبي من خلال المطالبة بحل المجلس التأسيسي، وهو ما أحدث تململا في صفوف أحزاب الترويكا، وهي، على حد قوله، «لا تزال تعاني من تبعات تلك المطالب التي تبنتها أحزاب المعارضة في وقت لاحق». ونفى بالنور أن تكون «حركة تمرد تونس» حصلت خلال أي فترة من فترات نشاطها على تمويلات مشبوهة، وقال إن تبرؤ الحركة من بعض أعضائها كان بسبب غياب وضوح بعض مصادر التمويل التي أغدقت أموالا غير معروفة المصادر على الحركة، دون أن يوضح من قدم تلك الأموال. وسخر بالنور من مفهوم «حكومة الانتخابات»، الذي روجته أحزاب الترويكا الحاكمة، وقال إن الأمر تشوبه كثير من الشوائب، ودعا منذ الآن إلى التفكير الجدي في ضمان رقابة دولية وشعبية على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. وبشأن نتائج الحوار الوطني، قال بالنور إن «الحوار لا يمكن أن يفضي إلى نتائج إيجابية مع الأطراف التي تلطخت أيديها بدماء التونسيين»، على حد تعبيره. وأضاف أن الائتلاف الثلاثي الحاكم عليه أن يغادر السلطة في أقرب وقت ممكن حتى ترجع الثقة إلى التونسيين، وقال إن «الترويكا لن تستسلم، وإن كان لديها ساق واحدة تحركها فهي لن تتوانى عن ضرب أحزاب المعارضة». واتهم بالنور أحزاب الترويكا ب«المناورة السياسية»، وقال إن بوادر الانشقاق السياسي دبت بين مكونات الائتلاف الثلاثي الحاكم، وما على المعارضة إلا مواصلة تضييق الخناق على الحكومة، حتى تستجيب لمطالب الشارع التونسي. وبشأن المفاوضات الحالية التي تدور رحاها بين الحكومة والمعارضة، وإمكانية توصلها إلى اتفاق سياسي ينهي الأزمة السياسية وموقف الحركة من ذلك، قال بالنور إن مسودة الدستور التونسي في صيغتها الحالية لا يمكن أن تمر على أنظار المجلس التأسيسي (البرلمان)، ومن الضروري حسب تعبيره عرض مشروع الدستور الجديد على لجنة خبراء في القانون الدستوري لتعديل بعض فصوله «السوداء». في غضون ذلك، رفضت أحزاب المعارضة يوم أمس، مقترح أحزاب الترويكا حول حل الحكومة التي تقودها حركة النهضة منذ نحو سنة وعشرة أشهر في التاسع والعشرين من سبتمبر (أيلول) الحالي، وأمهلت حكومة علي العريض مدة أسبوعين لحل نفسها، وطالبتها بمدها بقائمة اسمية لمن تنوي «الترويكا» ترشيحهم لرئاسة الحكومة، وذلك قبل انطلاق جولات جديدة من الحوار الوطني. وذكرت مصادر من المعارضة في تصريحات ل«الشرق الأوسط» أن مصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي التونسي السابق مرشّح بقوة لقيادة الحكومة التي ستقوم على أنقاض حكومة العريض، وفسرت الأمر بحاجة تونس إلى رئيس حكومة لديه دراية كافية بالملفات الاقتصادية وكيفية مجابهة المصاعب المالية والاقتصادية التي قد تعترض البلاد خلال ما تبقى من فترة الانتقال الديمقراطي. من جهة أخرى، أعلنت أربعة أحزاب تونسية معارضة تشكيل جبهة سياسية جديدة تحت اسم «المبادرة الوطنية الدستورية»، في خطوة قد تعزز من حضور أركان النظام السابق في المشهد السياسي، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية. وتضم الجبهة حزب الوطن الحر وحزب المبادرة وحزب الوحدة والإصلاح وحزب زرقاء اليمامة. وتمتاز الأحزاب بمرجعية «دستورية» نسبة إلى الحزب الحر الدستوري، الذي قاد معركة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي وبناء دولة الاستقلال. وقال محمد جغام أمين حزب الوطن الحر، الذي سبق له أن شغل حقائب وزارية في نظام زين العابدين بن علي، خلال المؤتمر التأسيسي للحزب الذي عقد أول من أمس (السبت)، إن «الحزب الجديد يهدف لتجميع الدستوريين وتحقيق التوافق فيما بينهم»، مشيرا إلى «تضحيات الحزب الحر الدستوري خلال معركة التحرير في سبيل تحقيق استقلال تونس وبناء الدولة التونسية الحديثة». وبدوره، ذكر كمال مرجان أمين عام حزب المبادرة، وهو آخر وزير خارجية في عهد بن علي، أن «حزب المبادرة الوطنية الدستورية سيعمل في إطار المرجعية الدستورية الصحيحة وفاء للفكر البورقيبي الإصلاحي»، كما سيعمل على «استقطاب أكثر ما يمكن من المناضلين الدستوريين ليساهموا بكفاءاتهم في النهوض بالبلاد». ومنذ قرر القضاء حل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي حكم تونس مدة 23 عاما، في أعقاب ثورة 14 يناير (كانون الثاني)، نجح سياسيون مخضرمون من النظام السابق في تأسيس أحزاب أخرى ذات مرجعيات «دستورية» وبورقيبية واستعادة حضورهم تدريجيا في المشهد السياسي الجديد بتونس. وكثيرا ما ردد سياسيون من المبادرة الدستورية أنهم يمثلون امتدادا للحركة الإصلاحية في تونس وللحزب الحر الدستوري، قبل أن يعرف الحزب انحرافا عن مسار الديمقراطية في حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وبعده الرئيس المخلوع بن علي.