رفض الأزهر والكنيسة بمصر أمس التدخل الغربي في الشؤون الداخلية للبلاد بحجة استهداف إسلاميين متشددين للأقباط وكنائسهم، بينما قالت الحكومة إنها تعمل بحكمة لإقناع الخارج بحقيقة الأوضاع التي تمر بها مصر في الفترة الانتقالية الحالية. ودخلت المؤسسات الدينية الرسمية بقوة على خط أزمة توتر العلاقات الخارجية مع الولاياتالمتحدة الأميركية وأوروبا بشأن الأوضاع السياسية التي تشهدها مصر منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. ودشن أقباط مصر أمس، «وثيقة الوطن» لرفض تدخل الغرب في شؤون مصر بزعم حمايتهم، وقالت مصادر كنسية مصرية ل«الشرق الأوسط»، إن «أقباط مصر ضد سياسات أميركا والاتحاد الأوروبي ودعواتهم لحماية الكنائس أو الأقليات المسيحية.. مجرد أقاويل للتدخل في البلاد». وقال الدكتور محمود عزب مستشار شيخ الأزهر، ل«الشرق الأوسط»، إن «الأزهر الشريف يرفض التدخل من أي دولة في شؤون مصر الداخلية»، لافتا إلى أن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر دعا أكثر من مرة في لقاءاته بمسؤولين أميركيين أن ترفع أميركا أيديها عن مصر، مؤكدا أن مؤسسة الأزهر الشريف ترفض الضغوط الخارجية التي تمارس على مصر بحجة «وجود فتنة طائفية.. واستهداف الكنائس والأقباط». وفي خطوة لتخفيف حالة الاحتقان السياسي بين مصر والغرب، أكدت الحكومة المصرية أنها تعمل بحكمة لإقناع العالم الخارجي بحقيقة الأوضاع في البلاد، وقال الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء المصري أمس، «من الواضح أن ما يجرى على أرض مصر يقنع الناس رويدا رويدا، والموقف الأوروبي أصبح أقرب إلينا والموقف الأميركي يأخذ وقته، فالوضع الخارجي نعمل عليه بكل حكمة وتأن، وإذا استقر الأمن على الأرض الناس ستصبح أكثر أمانا». وأشار الببلاوي إلى أن ما يتقدم به العرب ملتزمون به، وإنهم لديهم استعداد للمساعدة أكثر بكثير، مؤكدا أنه لا يوجد دولة عاقلة تقطع علاقاتها مع مؤسسات التمويل العالمية، وأن ما ننظر إليه الآن من نظرة هيكلية للاقتصاد أبعد بكثير. وقال الببلاوي في كلمة له من مقر مجلس الوزراء (السبت)، «لا توجد دولة عاقلة تقطع علاقاتها بالمؤسسات الدولية ومنها صندوق النقد الدولي، والتصريحات الصادرة منهم في الفترة الأخيرة تؤكد أن الاقتصاد المصري في حاجة للدعم الدولي». وأطلق مؤتمر «أقباط مصر يتحدون أميركا والاتحاد الأوروبي» أمس بالقاهرة، «وثيقة للوطن» لرفض التدخل في شؤون الأقباط، وقال المشاركون إن «جماعة الإخوان المسلمين في مصر صدرت للعالم الخارجي أكاذيب، وأوعزت لبعض الدول أن ما يحدث في مصر وما حدث ليس إلا انقلاب عسكري وخرجت بيانات من دول بعض الاتحاد الأوروبي تدين مصر». وثمن المؤتمر دور الأشقاء العرب خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين والعراق للوقفة القوية والشجاعة مع مصر، والتي أكد أن لها الأثر في تغير سياسية الدول الأوروبية خاصة فرنسا، وأهاب المؤتمر بالرئيس والشعب الروسي ألا يتركوا هيمنة أميركا في الوطن وأن تسترد روسيا دورها التاريخي الداعم لمصر. وناشد المؤتمر مجلس الكنائس العالمي التأكيد على أن ما يحدث في مصر من جماعة الإخوان هو إرهاب. من جانبه، قال نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، إن «الاتحاد الأوروبي عقد اجتماعات تعطي الدول الحق في حظر السلاح عن مصر، ولوحت أميركا وأوروبا بقطع المساعدات في مصر»، لافتا إلى أنه من الغريب أن تقوم دول مثل ألمانياوفرنسا بذلك ثم تتباكى على الكنائس في مصر. وأورد جبرائيل حصرا للكنائس والأديرة والمدارس والمباني الخاصة القبطية التي تم الاعتداء عليها من قبل أنصار الرئيس المعزول عقب فض اعتصامي ميداني رابعة العدوية والنهضة منتصف أغسطس (آب) الحالي، وبلغت 85 كنيسة ومبنى، وتابع: «أن ما يثير الجدل أن دولة مثل ألمانيا وإيطاليا تتباكيان على حرق الكنائس وذبح الأقباط، وهى تعلم يقينا أن وراء ذلك جماعة الإخوان المسلمين». وأشار جبرائيل إلى أن المسيحيين يعلمون كل العالم أن محاولات بعض الدول الغربية في التدخل في مصر على زعم حماية الأقليات المسيحية، إنما تأتي كغطاء سياسي للتدخل السياسي والعسكري في شؤون مصر بدعوة أن الأقباط تحرق كنائسهم، مضيفا: «كل الكنائس المصرية لها الإدراك الوطني ورفضت ذلك جملة وتفصيلا، فالكنيسة التي قدمت ملحمة وطنية رائعة على مر التاريخ بتعانق الشيوخ والقساوسة في الثورات». واستطرد قائلا: «نرفض تلميحا أو تصريحا من أي دولة خارجية للتدخل في شأن الأقباط ومصر، ونؤكد أن ما قامت به جماعة الإخوان المسلمين من مجازر ضد الأقباط وكل ذلك، يزيدهم لحب مصر». وتقول جماعة الإخوان إنها لا تنتهج العنف ولا علاقة لها بالاعتداء على الأقباط أو حرق كنائسهم. وأدلى عدد من قادة الجماعة بإجابات ردا على أسئلة المحققين نفوا فيها أي علاقة لهم بالهجمات المسلحة وأعمال الحرق التي تعرضت لها الكثير من المناطق في مصر منذ عزل مرسي الشهر الماضي. وزعمت أن مندسين وبلطجية استغلوا مظاهرات الجماعة «السلمية» لتشويه صورة «الإخوان».