تتجاوز الأحداث المتسارعة في مصر أهم السيناريوات السينمائية والأفلام الواقعية التي كتبها الناقد والسيناريست رفيق الصبان وأخرجها توفيق صالح اللذين خسرتهما السينما المصرية امس. رحل أمس، رفيق الصبان، السوري المقيم في العاصمة المصرية منذ مطلع سبعينات القرن الماضي، عن 82 سنة، بعد ساعات من فقدان السينما المصرية أحد رواد الواقعية فيها المخرج توفيق صالح، عن 87 سنة، بعد صراع طويل مع المرض. لا أحد يعلم إن كانت الفوضى في البلاد والخوف على مستقبلها سرّعا في موت الرجلين اللذين أعطيا مصر الكثير ولمع اسماهما في عالم الفن السابع. لكن الكل يعلم أن السينما المصرية فقدت اثنين من أعمدتها. ولد توفيق صالح في 27 تشرين الأول (أكتوبر) عام 1926 في الإسكندرية، وسافر إلى فرنسا لتعلم فن السينما عام 1950. ثم عاد إلى مصر وأخرج 8 أفلام روائية طويلة، و7 أفلام قصيرة، بدأها بفيلم «درب المهابيل» عام 1955، من تأليف نجيب محفوظ وبطولة شكري سرحان الذي تعاون معه في فيلمين آخرين هما «صراع الأبطال» (عام 1962) و«المتمردون» (1966) من تأليف الصحافي صلاح حافظ. وتعاون الراحل مع الكاتب صالح مرسي عام 1967، وقدما معاً فيلم «السيد البلطي». كما قدم أيضاً فيلم «يوميات نائب في الأرياف» عام 1968عن رواية لتوفيق الحكيم، و«المخدوعون» عام 1972، عن رواية «رجال في الشمس» لغسان كنفاني، و«الأيام الطويلة» عام 1980. ثم توقف عن العمل تماماً، مكتفياً بعمله كأستاذ غير متفرغ لمادة الإخراج في المعهد العالي للسينما في القاهرة. ابن الوحدة السورية - المصرية أما الناقد الفني والسيناريست الدكتور رفيق الصبان الذي توفي بعد صراع مع المرض وقضائه أسبوعاً في العناية المركزة في أحد المستشفيات المصرية، بعد معاناة من أزمة قلبية وتأخر في وظائف الكلى، فقد بدأ مسيرته الفنية في المسرح السوري حيث أخرج عدداً من الأعمال في مسقط رأسه دمشق عام 1931. وهو أحد مؤسسي المسرح القومي في سورية. وعمل على تشكيل فرقة خاصة به تحت اسم «فرقة الفكر والفن»، كما أسس «فرقة المسرح الدرامية» التابعة للتلفزيون السوري. ومن أهم ما اخرجه للمسرح في تلك الفترة «أنتيغون» لسوفكليس، و«تاجر البندقية» و«ماكبث» و«يوليوس قيصر» لشكسبير، و«حكاية حب» لناظم حكمت، و«الزير سالم» لألفرد فرج. انتقل إلى مصر أوائل سبعينات القرن الماضي، فكتب فيلم «زائر الفجر» عام 1972 الذي أثار ضجة كبيرة عند طرحه في صالات السينما، ما اضطر السلطات في ذلك الوقت إلى منعه. وتواصلت بعدها مسيرته السينمائية التي امتدت إلى نحو 25 فيلماً و16 مسلسلاً. ومن أبرز الأفلام التي كتبها «الإخوة الأعداء»، و«قطة على نار»، و«ليلة ساخنة»، وآخرها «الباحثات عن الحرية» مع المخرجة إيناس الدغيدي. وكان الصبان يعمل أستاذاً لمادة السيناريو في معهد السينما، واشتهر كذلك بكتاباته النقدية المهمة. وكان أصدر في مطلع السبعينات ترجمة عن الفرنسية لكتاب محمد عزيزة المرجعي «الاسلام والمسرح». كما أصدر العام الماضي، كتاب «السينما كما رأيتها» الذي يعرض فيه عالم السينما منذ بداياته الأولى في أوائل القرن العشرين، ونشرته الهيئة العامة لقصور الثقافة في القاهرة في 222 صفحة.