ينتهي شهر رمضان كما بدأ على وقع الجدل، فبعد أن كانت البداية بقرار ممثلي مسلمي فرنسا بالصوم استنادا للحسابات الفلكية، جاءت نهايته مع الضجة التي أحدثتها السعودية بالتأكيد أنه أفطرنا يوما. الجدل يعيد للواجهة الصدام بين طرق تحديد دخول الأشهر في التقويم الهجري، فأيهما نتبع: العين المجردة أم الحسابات الفلكية؟ الجدل القائم بين العلم والرصد بالرؤية مستمر الهلال يثير الخلاف بين علماء الدين والفلكيين أدخلت المحكمة العليا في السعودية الريبة والشك لدى كل المسلمين، بعد أن طلبت من الناس تحري هلال شوال ليلة 29 من رمضان، وأعادت إلى أذهان الجزائريين قصتهم مع رصد هلال رمضان أو شوال الذي لا يزال مبعثا للشك والخلاف بين علماء الفلك ورجال الدين، إلى الحد الذي قيل فيه بأننا أفطرنا يوما وعلينا القضاء. تحول هلال رمضان وهلال العيد إلى قضية خلاف كبيرة وحديث العام والخاص، على الرغم من أنها يجب أن توحد الجزائريين كما المسلمين جميعا. ويرى متتبعون بأن ما حدث في المملكة العربية السعودية قد عمق من الخلاف والجدل لأنه لم يسبق أن طلب من الناس رصد هلال شوال في ليلة 29 من رمضان، وأثار القرار زوبعة وجدلا رغم أنه أثبت بأن الصيام ورصد هلال رمضان كان صحيحا لأنه لم تثبت الرؤية أساسا. وكانت جمعية العلماء المسلمين أثارت الموضوع، وطرحت إشكالية الأهلة بين علم الفلك والفقه الإسلامي، العام الماضي، وذكر الدكتور نضال قسوم وهو أستاذ الفيزياء الفلكية بالجامعة الأمريكية بإمارة الشارقة، أن سبب الإشكال الذي وقع في إثبات هلال رمضان هذه لسنة 2012 يعود إلى قبول الشهادات دون الرجوع إلى علماء الفلك، بل الدعوة إلى تحري الهلال في وقت نعلم يقينا أن الهلال إما غير موجود، أو غير قابل للرؤية. ويقول إمام الجامع الجديد بالقصبة في العاصمة رابح زرقين ل"الخبر" بأنه "لا يوجد صدام بين العلم والفلك، بل هناك توافق بن الجانب الحسابي والتحري". وأضاف "نحن كمسلمين لا بد أن نرجع إلى الرؤية تبعا لنص الحديث القائل صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، ومع أن علم الفلك قائم بذاته لكنه ليس دقيقا". وتابع الإمام "وتقريبا فيما مضى كان هناك دائما تقارب يأتي بين الرؤية والحساب الفلكي، وقلّما تجد الخلافات". وعن طريقة تحري الهلال يقول المتحدث بأن "لجنة الأهلة تعتمد على رصد الهلال في الولايات ويكون رصده في كل مقاطعة والتي تضم 15 مسجدا ليكون الأمر دقيقا". من جهته يرى المنسق الوطني للمجلس المستقل للأئمة وموظفي الشؤون الدينية الإمام جمال غول بأن "الخلاف يرجع إلى مسألة اختلاف المطالع أي البلدان"، واعتبر القضية خلافية منذ عهد السلف الصالح وستظل مستمرة. وتابع "معظم الفقهاء يقولون إن الشرع ربط دخول شهر رمضان وخروجه بالرؤية البصرية ولم يربطه بالوقت أو بالشمس، لأن الحساب لا يعلمه جميع الناس بل الخبراء فقط". وعلى الرغم من أن هناك اليوم تطورا كبيرا في علم الفلك، إلا أنه لا يتم الاعتماد على الحساب الفلكي، ومع هذا فإن "قضية البلدان الإسلامية من الأفضل والأحسن أن يكون هناك وحدة، وأن يتحدوا في هلال رمضان وشوال". وأضاف "عندما ترى أي دولة إسلامية الهلال وهم إخواننا، فيجب أن يتحد الجميع، وهذا سيغيظ الكفار والحاقدين على المسلمين". واعتبر الإمام جمال غول أنه "مادام لكل دولة وجود يتم العمل وفق مبدأ أن لكل بلد رؤيته، وهذا ما يعرف باختلاف الطلائع، على الرغم من أن هناك وسائل اتصال لمعرفة الأمر لتوحيد الرؤية، ونحن مطالبون بالشعيرة وهي الوحدة وأن نكون على قلب رجل واحد". ويبقى الخلاف القائم في الجزائر اليوم بين استحالة الرؤية الفلكية والعينية، على الرغم من اعتماد علماء الفلك الممثلين في مركز البحث في علم الفيزياء والجيوفيزياء في لجنة الأهلة، للتوافق بين العلم والرؤية البصرية. لكن التأكيد اليوم بحسب المتتبعين يجب أن يتم على مستوى تسمية ليلة 30 من رمضان نفسها أنها ليلة تحري الهلال وليس الشك.