في خطوة سابقة من نوعها بمنطقة القبائل، نظم صبيحة أمس، العشرات من المستجيبين لنداء جمعيات ناشطة باسم حقوق الإنسان، حركة احتجاجية متبوعة بإفطار علني في ساحة 20 ألف شهيد وسط مدينة تيزي وزو، للتنديد بما أسموه بالتضييق الممارس ضد الأشخاص غير الصائمين بالولاية، وملاحقتهم المستمرة من طرف قوات الأمن مع تقديمهم للعدالة. وناد المحتجون إلى ضرورة احترام الحريات الشخصية، مشيرين إلى أن الصوم كباقي العبادات تؤدى عن قناعة دون إجبار الفرد عليها، مستنكرين مداهمات قوات الأمن للمقاهي والمطاعم الناشطة في فترة النهار خلال شهر رمضان، في إشارة إلى المداهمة التي شنتها مصالح الدرك الوطني مؤخرا بإحدى قرى تيڤزيرت، مع توقيف بعض المتواجدين فيها. الحركة الاحتجاجية التي نظمت تحت غطاء الدفاع عن الحريات الشخصية، سارت مجرياتها بنكهة سياسية حاولت بعض الأطراف استغلالها لأغراض معينة. وقد أحكمت مصالح الأمن التعامل مع هذه الحركة التي نظمت أمتارا على بعد مقر الأمن الولائي، بعدم التدخل لتفريق المحتجين الذين كان اغلبهم مسيحيين تناولوا بعض المشروبات الغازية والمياه، فيما تداول عدد من نشطاء حركة "الماك" على إلقاء "خطابات" منادية لاحترام الحريات الشخصية والمعتقدات الدينية، مشددين على عدم اعتماد القوة لفرض الصوم على الفرد. في حين استنكر ممثلو المجتمع المدني القيام بهذه الخطوة في منطقة كانت ولا تزال معقلا حصينا للدين الإسلامي، معيبين على الطريقة التي تم بها دفاع هؤلاء عن حقوقهم والمطالبة بها . رئيس نقابة الأئمة: سابقة خطيرة تتنافى مع الإسلام واحترام مشاعر الجزائريين اعتبر رئيس نقابة الأئمة، جلول عجيمي، أن اقدام بعض الشباب على الإفطار علانية بولاية تيزي وزو، يتنافى مع كلّ القيم الروحية الموجودة في العالم، كما يتنافى مع احترام مشاعر عموم الشعب الجزائري الذي يُدين بالإسلام وهم في شهر مقدس يوجب عليهم الصيام وأوضح الشيخ جلول عجيمي في اتصال مع "الشروق"، أن هؤلاء حتى وإن لم يكونوا يدينون بالإسلام، كان عليهم أن يحترموا المسلمين، ضاربا مثالا بالأوروبيين من أصحاب الديانات الأخرى غير الإسلام، والذين يخجلون من الأكل أمام الصائمين من عموم المسلمين . وشدّد رئيس نقابة الأئمة الجزائريين، أنه على الشباب المسلم الذي أفطر علنا في تيزي وزو وأمام الملأ، أن يعودوا إلى رشدهم أو يأكلوا في بيوتهم ويلزموها، داعيا السلطات العمومية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة هذه الظاهرة والسابقة الخطيرة حتى لا تنتشر عبر ولايات أخرى ويصبح التحكم فيها صعبا، وذلك سواء من خلال النصح أو بردعهم عن طريق الأمن والقضاء. رئيس جمعية العلماء المسلمين، عبد الرزاق قسوم الدولة تتحمل مسؤولية هذا العدوان على الإسلام حمل رئيس جمعية العلماء المسلمين، عبد الرزاق قسوم، الدولة مسؤولية ما وقع من انتهاك أمس لحرمة شهر رمضان المعظم، واصفا إقدام جماعة من الأشخاص على انتهاك حرمة الشهر والأكل والشرب جهارا نهارا بالعدوان على المسلمين والإخلال بمبدإ المواطن ومبدإ الحرية كقيمة إنسانية، مطالبا الدولة بالتحرك للتصدي لمثل هذا العدوان، ولو باستخدام القوة ضدهم. وقال عبد الرزاق قسوم، في اتصال ل"الشروق" أمس: "إن البدع التي أصبحنا نعيشها أنواع، ومنها البدعة الاجتماعية التي شهدتها أمس مدينة تيزي وزو عندما أقدم مجموعة من الأشخاص على انتهاك الشهر الفضيل، احتجاجا على التضييق الممارس على غير الصائمين، مضيفا: "هي بدعة كبيرة، ومن الكبائر الاجتماعية". وأوضح ردا على سؤال "الشروق" بخصوص وجهة نظره في الذي حدث قائلا: "من المفاهيم والمصطلحات المظلومة في واقعنا اليوم مصطلح الحرية، مع أن الحرية لها مقومات ولها قواعد وهي عندما تلحق الأذى بحريات الآخرين تصبح فوضى، وتفقد كل معاني الحرية، وهي ليست مطلقة بل تنتهي هذه الحرية عندما تبدأ حريات الآخرين"، في إشارة ضمنية من محدثنا إلى أن الذي وقع من قبل هؤلاء الناشطين باسم حقوق الإنسان هو اعتداء على حرية الآخر. وأضاف: "غير المتدينين يحترمون المتدينين في ممارستهم لطقوسهم وعباداتهم وما وقع في ولاية تيزي وزو هو عدوان صريح على المواطنين المسلمين، قبل أن يكون عدوانا على الإسلام. كما أنه يعتبر عدوانا على الحق في المواطنة ". ويبدي محدثنا استغرابه من الذي وقع، والذي يعتبر سابقة في تاريخ الجزائر لم تشهدها من قبل عندما يقول: "لاحظنا غير المسلمين من المسيحيين واليهود يحترمون المسلمين في صيامهم فيحرصون على عدم الأكل والشرب على مرأى منهم وعندما يقدم هؤلاء على مثل هذا فعل فالأمر يعني أنهم أخلوا بمبدإ المواطنة ومبدإ الحرية كقيمة إنسانية". وينقد الدكتور قسوم صراحة تعامل الدولة بأجهزتها طبعا في التعاطي مع الدعوة التي أطلقت منذ أيام للاحتجاج بانتهاك حرمة الشهر وقال: "نحمل المسؤولية كاملة للدولة عما وقع. والحمد لله أن الإسلام أدب المجتمع، فكان على الدولة أن تتصدى لعدوان هؤلاء والعمل الهمجي المتوحش الذي اقترفوه ولو بالقوة".