تمر قضية الصحراء المغربية بمطبات سياسية صعبة هذا الأسبوع، لكن الأمر لايعدو أن يكون فصلا جديدا عرف هذا النزاع فصولا كثيرة من قبله، صحيح أن أي تحول في الموقف الأمريكي ستكون له تكلفة كبيرة بالنسبة للمغرب، ولكن لحد الآن ليس هناك أي أمر مفاجئ، فمنذ تولي جون كيري حقيبة الخارجية الأمريكية، كان من المتوقع أن ينزلق الموقف الأمريكي بعيدا عن مصلحة المغرب لإعتبارات مختلفة، أولها أن كيري لديه مواقف شخصية ضد الموقف الرسمي المغربي وثانيا لأن الولاياتالمتحدة و موظفها الوسيط الأممي كريستوفر روس مافتئت تتناقض في التعبير عن رؤية واضحة للنزاع، وكان القبول بروس كوسيط خطأ استراتيجيا ارتكبه المغرب منذ البداية، وقد نبهت جهات عارفة لموضوع الصحراء الى هذا الأمر في حينه، لكن لا حياة لمن تنادي. الموقف الحالي شديد الصعوبة، وقد يكون الرهان على الفيتو الفرنسي في مجلس الأمن ، رهانا محدودا أو في أحسن الأحوال مرحليا لعدة أسباب أولها حساسية الإعتراض على آلية أممية لحماية حقوق الإنسان في منطقة موصوفة دوليا بأنها منطقة نزاع، لهذا فإن المغرب مطلوب منه اليوم مراجعة جذرية لأطروحته حول الصحراء، فعبارات الصحراء مغربية لاتقدم ولا تؤخر في المحافل الدولية، والبداية يجب أن تكون من القيام بنقد ذاتي صارم، ومكاشفة حول الأخطاء التي تراكمت بخصوص تدبير هذا الملف، وهنا لابد أن نستحضر كيف تم صنع قضية اكديم ازيك وأمينتو حيدر، حيث من صنع هاذين الحدثين يتحمل مسؤولية جسيمة فيما وصل إليه الموقف المغربي في قضية استكمال الوحدة الترابية وخاصة ورقة حقوق الإنسان التي نجحت الجزائر الغارقة في نظام شمولي في توظيفها ضد المغرب، فيما فشل المغرب مثلا فيما يتعلق بتنفيذ اتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين وذلك من خلال عملية إحصائهم وتمكينهم من أوراق السفر والاختيار بين الإستمرار في الإستقرار بالجزائر أو العودة إلى الصحراء أو اختيار بلد ثالث... نتساءل اليوم عن موقع الكوركاس من كل ما يجري، لماذا تم إحداث هذه المؤسسة إذا كانت ستبقى معطلة ولا يستمع الى رأيها فيما يجري حول قضية الصحراء التي توجد مكونات الكوركاس في قلبها؟ لماذا ينتظر المغرب قرارا أمميا لتنفيذ الحكم الذاتي، في حين بإمكانه الشروع في تطبيقه جزئيا بإرادة حرة تعزز موقع الصحراويين الوحدويين وهم الأغلبية المطلقة التي جعلها الموقف الرسمي الملتبس على هامش المبادرة فيما يجري بالنسبة للصحراء المجال الحيوي والطبيعي بالنسبة للساكنة والتي لها رأيها ومصيرها ومصالحها معلقة على المسالك التي يأخذها النزاع، وبالتالي كان من الواجب إعطائها موقع الصدارة في المواجهة وفي الحل. هناك أمر آخر حيوي واستراتيجي انخرطت فيه بعض الأطراف داخليا ويتسم بخطورة بالغة، إنها الحرب التي تم خوضها منذ 2009 على أعيان في الصحراء وعلى روابط قبلية هي صمام الأمان للموقف الوحدوي في الصحراء، ومن كان يستهدف ذلك كان يخدم أجندة خارجية بوعي أو بدون وعي، سيكون لها ما بعدها...وأحد مداخل استعادة المبادرة في قضية الصحراء يمر وجوبا بإعطاء الصحراويين مكانا متقدما في البحث عن الحل، وأهم ما يمكن القيام به هو رفض أية مفاوضات ثنائية بين المغرب والبوليساريو، إذ أن مصير الصحراويين يقررونه بأنفسهم الى جانب المغرب، ولهذا فأي مفاوضات مقبلة يجب أن تضم الأطراف الثلاثة المغرب والوحدويين والإنفصاليين. الموقف الأمريكي بخصوص مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء لم يقتصر على المغرب، بل شمل أيضا مخيمات تيندوف ومخيمات اللاجئين فوق التراب الجزائري، وهذه جزئية مهمة يجب توظيفها بدكاء.