بقلم : أحمد شوقي الخاتر بشيء من الدهشة أن أتحدث دائما عن زمن الجاهلية الجديدة ، ربما لأننا لم نحترف المهرجانات السياسية والملتقيات الثقافية التي أصبحت نوعا مميزا بحد ذاته. الحقيقة هي أنه لم يخرجنا من عزلتنا غير هذه الدعوة التي تؤمن لزمن الجاهلية الجديدة. لكنها أعطتني تذكرة سفر لما هو غير مستحيل : الإبداع سيد السياسة و السياسة بجرأتها تتحرش بالابداع ، فالإبداع هو معجزتنا الصغيرة التي تتحقق عل يأسنا ، هو الحلم الذي يصادم الواقع بالحلم و الممكن بالمستحيل ...إذن فالإبداع كتجسيد لجهد الإنسان يبقى بين خيارين ، إما أن يبقى صامدا في الحدود الذاتية للفرد و إما أن ينصهر في إيقاع سياسي ، يحاول تطويعه و تطويع الواقع و تحسين شروط العيش .. وعندما نتحدث عن توجيه المبدع نحو منظور مستقبلي ، فإننا نتحدث عن صراع اجتماعي بين قوى تؤمن بزمن الجاهلية الجديدة وبين إبداع يؤمن بالمزيد من الحريات وما يسمى بالديمقراطية ، فالمبدع و السياسي دور مهم في هذا السياق. فالمبدع يتميز بواقعيته و نضاله و التزامه من خلال إبداعاته وقضاياه التي تعكس شحنة من الوعيوالطموح والتحرر ، وبغض النظر عن الدور الذي يؤذيه المبدع ، يبقى دور السياسي مقتصرا في خدمة بعض الجهات مستغلا كل ما هو إبداع و مستغلا المبدع في تحركاته الثقافية و الإنسانية و نضاله الأخلاقي ، لتشويه سورة الإبداع الفني والاجتماعي و حتى السياسي. حين أن المتمعن في الساحة الثقافية رغم ما يمكن أن يسجل من إيجابيات فإنه لا يستطيع أن يتغافل عن دور المبدع في خلق السياسي و دور السياسي في خلق المبدع الملتزم... فالسياسي تغيب عنه الرؤية الواضحة في تقييم عمل المبدع ، و التعتيم على إبداعاته لأنها لا تنتمي لنفس "الفصيلة".. إذن علينا أن نجمع بين الوسائل السياسية و الاتصال في علاقتها الإبداعية بما لها من ايجابيات و على الأقل فيما تبدو عليها داخل المجتمع وما تطرحه من تساؤلات تتيح لنا الفرصة لوضع حد لهيمنة السياسة على الرؤى الإبداعية و خلق فرص للتحليل و النقد والحوار. بمعنى آخر علينا ان نحرص على جدار يدافع على استمرارية قدرة المبدع و الإبداع على التركيز على القضايا الأساسية الهامة دون إثارة الخلافات المتعمدة ، لأننا عندما نتباعد إبداعيا أحيانا و عن السياسية الخلاقة و المبدعة ، فهذا لا يعني أننا نتعمد الهروب منها بل لأنها لم تعد قادرة على تحمل في داخلها شحنات حقيقية صادقة ، تعبر عن ظروفنا مشاكلنا و حلمنا. إن شحنة التواصل بين المبدع و السياسي هي قضية أساسية و هامة و هي أساس قيام "معسكر" يحمي الإبداع في ذاته و يحمي المبدعين من زمن الجاهلية الجديدة. طبعا لا نريد أن نختلف لمجرد الاختلاف ، نريد السياسي المبدع ، و المبدع المؤمن بثقافة الكون. و أخيرا لا يمكن لهذه القضية أن تطرح كما ينبغي دائما أن تطرح بهذا المعنى السيكولوجي ، فالدعوات قائمة و هادفة إلى خلق إبداع سياسي و سياسة مبدعة و هي فكرة راسخة تجعل من الواقع المعاش مبدأ و هدفا ، و ترتكز على مفهوم : "قضايا الإبداع والإبداع السياسة الخلاقة و الهادف". إعداد/عبد القادر العفسي:النص الكامل للمبدع و الكاتب الأستاذ "أحمد شوقي الخاتر"، الصورة هي منحوتة للفنان "أسامة النصار".