بقلم مصطفى الكنوني المفردات اللغوية منفردة ووحدهالا يمكن ان توظف لاضاءة افكارمزمع التعبير عنها ، فهي وباستمرار
تحتاج لدعم من مفردات أخرى ، وهذا لا يعني ان القواميس اللغوية تشتكي من ضعف او فقر ، بل هي غنية وتستجيب لطلبات الراغب والمرغوب، وتقييمنا لها انها كنز لا يفنى بفنائنا ولا يموت بموت بعض منا، ومن صفات القواميس الوفاء مع المريدين والباحثين والمتصفحين النحاة ،ويسجل توثيق البشر، ان القواميس اللغوية على اختلافها لا تفقد قيمتها مع مرور الأزمنة رغم ان مفرداتها معروضة وباستمرار على رفوف متاحفها الورقية، يجني منها الكاتب ما لذ له وطاب،ويختا رويختار منها الناقد حتى يمتلئ ويشبع،اما الشاعر فيقفز على كل المفردات الناطقة الراقصة.
هذا وان ما لا يمكن عدم ملاحظته هو الإعلانات اليومية لمؤسسات المعاجم اللغوية لمباريات توظيف الموارد البشرية، وكل من فتح دفتي معجم لغوي ما ،فيعبر عن رغبته لاجتياز المبارة ولا يشترط عليه أي مستوى دراسي ، اما نجاحه فيتم بمرجعية حسن انتقائه لكلمات المعحم وحسن استعمالها في النصوص ، ان التقييم والحكم على الباحثين بالنجاح او الرسوب تتركه القواميس للجنة افرادها من المجتمع المدني ذوي ثقافة وتخصص في محطات الملقى عليهم من النصوص.
ان القواميس اللغوية تقدر كرامة الانسان لدرجة انه يخيل اليك انها غادرت عالم الجماد ، الا ترى ان الباحثين اللغويين الذين يسهرون الليالي تلو الأخرى لترتيب اواضافة المفردات بين دفتي القواميس يرتاحون في نهاية كل مشروع عمل، والجواب عن السبب يبقى ويظل محصورا تحت فضاء امانة محيط صفحات القواميس، فيهون على الباحثين التعب بجسامة الأهداف التي حققوها.
ان بعض الباحثين بغض النظر عن تخصصاتهم يكفيهم اليوم قراءة سريعة تلغرافية للوحة الفنية المرسومة على باب القاموس اللغوي حتى تنزل عليهم الايحاءات والرحمات بجلاليب السلم والامانات فيسبحون بين الصفحات باحساس الغواصين الماهرين في المفردات .
وكلمات "تذكرة السفر"و"تذكرة السفر" تدخل قي هذا السياق ، لكن من خلال القراءة الأولية للكلمات سيجزم القارئ ان الامر يتعلق بدرس في التوكيد اللغوي او ما شابه ، لكن ننقل وبصدق عن معجم المفردات ان الامر يختلف تماما عن هذا المفهوم ،والبارحة فقط حكى لي معجم المفردات قائلا : وانا في نوم عميق اذا بباحث اصولي يمسك دفتي ويفتحني على مصرعي ويرمي ببصره في أعماق صفحاتي ، اخدتني غفوة نوم لكني تكلفت مشقة مصارعة السبات، فتصفحت وجه الباحث من جديد مبعدا بدفتي اليمنى لحيته الطويلة السوداء عن صفحة مقدمة اضلعي، امعنت النظر فشاهدت الرجل الباحث هذه المرة يكتب وفي مذكرته "ورقة السفر"،استغلت فرصة ضغط يده على احدى دفتي فوجدت عيني فرصة لقراءة نص الفقيه ،كانت كتابته اشبه بكتابة طبيب الحي ،ادركت ان الامر يتعلق بصياغة نص ديني والكلمتين (ورقة السفر) استخرجهما الباحث لادماجهما في النص وتوجيه معناه ليخدم العقيدة ويقومها، قضى الباحث حاجته وذهب فاحسست بتعب يضيف المعجم وسلمت نفسي للنوم ، اه / كيف يمكنني النوم وها انا احس بيد طويلة تتسلل بين اضلعي ، ارغمني الباحث الجديد على فتح اعيني، اكتشفت انه باحث اخر ،بدات اتابع ما يفعل، لكني لم اكن أرى الا حركات ولم استوعب مضمون النصوص المبعثرة جانبه رغم قراءتي التلغرافية لها ، اه الان احسست بكل شيء يستيقظ بداخلي، ان كلمتي(ورقة سفر) كانتا مثيرا على كل جوارحي ، نعم ان هذا الباحث كذلك يختار نفس الكلمات التي اختارها سابقه، جلست جلسة القرفصاء وقلت له في نفسي:"خد ما تريد، فانا امنح ولا امنع ،واعدل مع الجميع، ولا اعرف للظلم معنى،ولا صورة، كانت كل هذه الكلمات تسمع في داخلي واحرس ان لايكون لها صدى خارج هيكل صفحاتي، فسماعها من طرف المهتمين بي يفقدني كل القابي :من شبيه---
(القاموس الوفي)-(القاموس خير صديق)-......وانا على هذا الحال اكتشفت تكرار همس في دفتي اذني ،كانت معاني هذه الكلمات المهموسة تصب في اثارة فضولي بتحيين الاهتمام بمعرفة الباحث الجديد الوافد في هذه اللحظة، اقتنعت بما سمعت وقلت: نعم نسيت معرفة الرجل ؟ ولماذا اجهل لحد الساعة سبب نسخه للكلمتين"ورقة سفر" ؟هاهو بصري اصبح الان حديد ، لم تعد الدفتين حاجبتين لصفحاتي ذات وظيفة،وهناك بدت لي كتب ومجلدات الباحث، وقريب مني وضع الباحث مذكرته ومن النصوص التي كانت مكتوبة بخط يده جزمت ان الرجل من شجرة العالم الكبير ابن بطوطة ، عنوان النص الأول"رحلة الى الصين"وعنوان الثاني"رحلة الى باكستان"، اما النص الأخير معنون ب"السفر الى مراكش" وهو النص الذي دفعه الى استخراج مني الكلمتين(ورقة سفر).
اذن الباحث الاصولي اغرق الكلمتين(ورقةسفر)في بحر العقائد لبيان وتوضيح أصول لشردمة من الناس يفترض انها تجهلها ، والباحث الثاني هو كاتب مقالات اخد مني نفس الكلمات(ورقة سفر) لكنه استعملهما لغرض التجميل والبيان والتبيان ،والبسهما لباس الفن والأصول، ونحن نتمتع بمعنى المفهومين اما المعجم فلا يمكن ان نقول عليه سوى انه امين على معاني مفردات الأصول.