بقلم :عبد القادر العفسي بسم الله الرحمن الرحيم "...أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ۗ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِندِكَ ۚ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۖ فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا..." صدق الله والعظيم الى روح الطاهرة الزكية للرفيق الصديق الأخ "محمد الرفاعي": أيتها الروح الطاهرة لا تنتبهي ولا تأبهي.. لا تأبهي لموجة الحال.. أيتها الروح الزكية لا تسبحي في حلكة الليالي... أيتها الروح النقية التي رمتك أسهم الخيانة والغدر ... في اطار تعبئة الشر في أعمق المكامن.. فلا تبالي..بشيء ..أبدا.. إنّ على النهج لا سائرون ، وعلى العهد لحافظون.. إن الموت يقتني ضحاياه بصورة مؤلمة لا يأخد إلاّ الخيّرين والطيبين ، أولائك الذين أحبهم الرب العظيم وقرر سبحانه أن يقربهم إليه ، ولا إعتراض على حكمه...غير أنّ الحزن على فراق الأحبة يشكل مرارة في دمعاتنا التي تأبى إلا أن يكون لها من الميلاد حتى الوفاة .. فلم نكن نظن على أنك ستفارقنا بغتة بهذا المنحى ، لم نكن نظن على أنّ الرفيق "محمد الرفاعي" الذي ألفناه قد حضّر نفسه لجنازته...أعددت كل شيء في أربعينية أستاذك، ولم نكن ندري أنّ للقدر تصاريف أخرى ، لقد قلت في جنازة معلمك : "...لقد تركني وحيدا..." المناضل الرفيق "محمد الرفاعي" اختاره الرب على حين غرة ..إنه الوحيد من الذين أصروا في كل المراحل الذي رفقناه فيها أن يترك بصماته المشرقة في سفر التاريخ وبجسارة الرجال..ولعل فقيدنا الغالي الملهم كان من القلة القليلة جدا خلال الفترة التي مضت حاملا دون غيره هموم الحزب وقضاياه ومصيره وعموم الأعباء التدبيرية على عاتقه ، مات على صدفة مشكوك فيها وهو يعلمنا كيفية اجتراح المخاطر واجتياز العقبات ..لم يكن عاديا وهو الذي أثرى الحياة السياسية وكان قريبا من كل المناضلين ، ولم يتمترس حول فكرة أو رأي.. أيتها الروح الزكية: الآن بعد انتقالك الى الرفيق الأعلى ندرك الجواب ...فقد تحملت الكثير وتجاوزت كثيرا وكنت تخفي ألمك بعيدا داخل أحشائك، لكن يا ليث صرخت لينقشع ما في مكنون قلبك لعله كان سيخفق ويستمر في الخفقان..لكن يا رفيقنا الغالي الأقدار الربانية شاءت أن تلاقيك ..فسرعان ما أحسسنا كرفاق أن قلبنا أضناه لهيب الاشتياق فور النبا الذي كان كحد السيف وطعنة في الجسد فألغته وتركته طيفا وأطرافا ترتعش ودموعا تعاند ... لقد اعتدنا من خلال هويتنا أن نقدم خلاصات ما لدينا في النضال المستر ضدّ الظلم والاستلاب والقهر ، وكلما ترجل فارس جاء فارس آخر يكمل ما جاء سابقيه في خضم درب النضال والحرية والتحرر ، وكلما راهنت قوى الغدر والخيانة والدناءة والخسة على نهاية هذا كلما خسرت رهانتها، ذلك أن يبعث من جديد في كل مرة يتلقى بها الضربات القاصية ..وبالتالي فإنّ اختيارتنا المذهبية لا تشيخ ولا تعطي للموت أن يفرق بينها حيث يظل كل الكوادر مؤمنين دائما أنّ آليات تحليلهم تستمد بقاءها و ديمومتها من الكفاح والمبادئ والقيم والاهداف النبيلة، وعلى هذا الدرب سار الرفيق "محمد الرفاعي" وفيا للمثل العليا فقد كان شامخا حين أصاب الكثيرين الانكسار والجنوح نحو المال والسلطة...وكان ثابثا حين تخادل البعض عن خط سيرهم ، ولم يعرف المناورات والمؤمرات وظل دائما في الطليعة سباقا لنصرة الانسان العرائشي والمحبة والانسانية ...رحمة الله عليه لقد رحل الرفيق الفقيد في مرحلة عصيبة وكبيرة..ونحن نعد لأستراتجية عمل محكمة التنزيل والتفكير تعزيزا للمناخ المحلي الايجابي ، تُخالف مدرسة العمل التبشيري الوهمي التي تُسوق "خلق فرص عمل " عبر النهب والتدمير والتخريب التي تكاملت وجوديا مع الأذناب الغادرة .. إنّ الخسارة على الجميع لن يدرك البعض حجمها إلاّ حين تلم الملمات وتضيق الخيارات وتتلاشى لغة الحوار ..لن يعي البعض أهمية هذا الرجل الرفيق "محمد الرفاعي" إلاّ حين نجد أنفسنا لا نملك تلك الكارزمية الذي تمتع بها ، وذالك الحدس الذي طالما أبهرنا به حين تشتد الانفعالات وذالك الهدوء العجيب وتلك الأبوية الرقيقة... والى عائلة الفقيد الغالي على سويدائنا: لا تقنطوا من رحمة الجبار دي العرش المجيد ، فالفجر آت لا محالة وغدا ستنهار كل المواقع والموانع والسدود وتذوب من ايمانكم بقضاء الله وقدره.. الى جنة الخلد أيها الرفيق والأخ الجسور وأنت تمتطي صهوة خلودك الأبدي ، ولنا جميعا الصبر والسلوان.