خالد برواين في ظل التحديات التي تواجه المجالس الجماعية في المغرب، يُعتبر المجلس الجماعي لمدينة العرائش نموذجاً لما يمكن أن يحدث عندما تغيب الرقابة وتنعدم الشفافية في إدارة الشؤون العامة. شهدت المدينة في الآونة الأخيرة مجموعة من التجاوزات في تسيير الموارد المالية والإدارية، مما أثار استياءً واسعاً لدى الساكنة والمجتمع المدني. تتنوع المشاكل بين سوء استغلال الموارد العامة مثل السيارات الإدارية، إلى الغموض في تحويل وصرف الميزانيات، مما جعل العديد من المواطنين يتساءلون عن مصير الأموال العامة وكيفية إدارتها. غياب الشفافية في التصرف المالي إحدى القضايا المثيرة للقلق في المجلس الجماعي لمدينة العرائش هي التصرف في الميزانية دون توضيح وجهة الأموال المحولة. ففي الميزانية المخصصة للنشاطات الثقافية والفنية، تم تحويل ملايين الدراهم من بنود معينة دون تقديم توضيحات كافية عن كيفية صرفها أو وجهتها النهائية. هذا الغموض يزيد من الشكوك حول احتمال سوء استخدام المال العام ويعكس ضعف نظام الرقابة داخل المجلس. وفي ظل غياب الوثائق التي تثبت الشفافية في التصرف المالي، فإن ذلك يزيد من تعقيد الوضع ويدفع باتجاه المطالبة بإصلاحات فورية. سوء استغلال الموارد العامة من المشاكل الأخرى التي تثير استياء الساكنة هو استخدام سيارات المجلس الجماعي لأغراض شخصية. من المعروف أن السيارات الإدارية وُجدت لخدمة المصلحة العامة، لكن استخدامها خارج نطاق العمل يعد تجاوزاً غير مقبول للقوانين والأعراف الإدارية. تواجد سيارات المجلس في أماكن غير مخصصة لها أو استخدامها في أمور شخصية يعد استغلالاً صارخاً للموارد العامة، ويزيد من تراجع ثقة المواطنين في المجلس الجماعي ومسؤوليه. غياب التنسيق والاجتماعات من بين الإشارات المقلقة التي ظهرت أيضاً، هو غياب التنسيق داخل المجلس الجماعي وتأخر انعقاد الاجتماعات الرسمية بين الأعضاء والرئيس. هذا الغياب يعكس تفككاً داخلياً في العمل الجماعي ويؤدي إلى تعطيل المشاريع والخدمات التي يجب أن تُقدم للمواطنين. المجلس الجماعي، الذي من المفترض أن يكون آلية لاتخاذ القرارات المهمة لصالح المدينة وساكنتها، أصبح يعاني من شلل تنظيمي، ما يعوق تقدمه في تحقيق أهدافه. دعوة للإصلاح والمحاسبة في ظل هذه الأوضاع المتأزمة، يتوجب على المجلس الجماعي لمدينة العرائش اتخاذ إجراءات جذرية لإصلاح الوضع. الشفافية والمحاسبة ليست مجرد كلمات تُردد في الخطابات، بل هي حجر الأساس لأي إدارة ناجحة. يجب فتح تحقيقات فورية في جميع التجاوزات المالية والإدارية، ومحاسبة المسؤولين عن أي تلاعب أو استغلال للمال العام. كما يجب على المجلس تبني آليات جديدة لضمان أن تصرف الميزانيات بوضوح وبشفافية، مع نشر جميع المعلومات المتعلقة بالميزانيات والتحويلات المالية بشكل دوري للجمهور. يجب أيضاً وضع حد لسوء استغلال الموارد العامة مثل السيارات، من خلال تحديد قواعد صارمة لاستخدامها ومراقبة تنفيذها. المواطنون والمجتمع المدني: شركاء في الإصلاح لا يمكن تحقيق الإصلاحات المنشودة دون إشراك المجتمع المدني وساكنة المدينة في هذه العملية. إن الضغط الشعبي والمطالبة بالمحاسبة يُعتبران من أقوى الأدوات لدفع المسؤولين نحو الشفافية والإصلاح. يجب على المواطنين أن يكونوا مراقبين فعليين لأداء المجلس الجماعي، وأن يتابعوا عن كثب كل القرارات التي تُتخذ وكل الأموال التي تُصرف. خاتمة إن الأزمة التي يمر بها المجلس الجماعي لمدينة العرائش تعكس خللاً عميقاً في طريقة تسيير الموارد وإدارة الشؤون العامة. لكن هذه الأزمة قد تكون فرصة للتغيير والإصلاح، إذا ما تم التعامل معها بجدية وبإرادة حقيقية لتحقيق المحاسبة والشفافية. إن الاعتراف بالأخطاء والعمل على تصحيحها هو الخطوة الأولى نحو بناء مجلس جماعي يُعتمد عليه ويحقق التنمية المستدامة للمدينة وساكنتها