عبدالنبي التليدي صحفي مندفع متحذلق سأل الكاتب المصري المعروف منذ وسط القرن الماضي «عباس محمود العقاد» ذات مرة: من منكما أكثر شهرة ، أنت أم محموده شكوكو؟! (شكوكو هذا هو مونولوجست مصري هزلي مشهور ، كان يرتدي ثياب المهرجين لإضحاك الناس)، رد «العقاد» باستغراب: مين شكوكو …!؟ ولما وصلت القصة لشكوكو قال للصحفي: «قول لصاحبك العقاد ينزل ميدان التحرير ، ويقف على أحد الأرصفة وسأقف على رصيف مقابل، ونشوف الناس (هتتجمع) على مين ..!». وهنا رد العقاد: "قولوا لشكوكو ينزل ميدان التحرير ويقف على رصيف ويخلي «رقّاصة» تقف على الرصيف الثاني ويشوف الناس (حتتلم) على مين أكتر ..!." عبارة العقاد الأخيرة رغم قسوتها إلا أنها تحمل رسالة بليغة عن المستوى العلمي والعمق الشخصي الشعبي العام. مفادها أن القيمة لا تُقاس بالجماهيرية ولا بالشهرة.بل إنك -وفي أحيان كثيرة- تجد أنه كلما تعمق الإنسان في الإسفاف والابتذال والهبوط، كلما ازداد جماهيريةً وشهرةً. ميل الناس إلى الاحتفاء بالهشاشة والسهولة والتهريج والسطحية ليس جديداً. ثمة انتقادات لهذا الميل العجيب المتدني منذ زمن سقراط لكنه للأمانة لم يحقق انتصاراً ساحقاً وواضحاً إلا في عصرنا الحالي عصر إدارة الظهر للأخلاق والقيم والعدل . ينقل الصحافي جان عزيز أجزاءً مهمة من كتاب (نظام التفاهة) للكندي (ألان دونو) والذي يخلُص فيه إلى: "أن التافهين قد حسموا المعركة لصالحهم في هذه الأيام لقد تغير الزمن زمن الحق والقيم ذلك أن التافهين أمسكوا بكل شيء بكل تفاهتهم وفسادهم . فعند غياب القيم والمبادئ الراقية يطفو الفساد المبرمج ذوقاً وأخلاقاً وقيَماً ! إنه زمن الصعاليك الهابط ! وزمن المسلسلات المفضوحة والبرامج الشبه الإباحية المؤدى عنها من الميزانية العامة وايضا كل انواع الكلام الساقط كما صرحت احداهن من خلال قناة دوزيم المغرب وهي على الفراش " توحشت النشاط والخدمة"! على مسمع ومراى من الأسر التي تتناول فطور رمضان الذي يجب أن يعظم كما يجب ان يحترم كل إنسان وان يعظم كل مكان وكل زمان .. وكم من شكوكو اليوم يُمَجٌَدْ !!!