معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    الملك محمد السادس يعزّي الكنيسة الكاثوليكية في وفاة البابا فرانسوا الأول    الجزائر تُفعّل خيار التعبئة العامة لمحاصرة الأزمة الداخلية والعزلة الإقليمية    فوزي لقجع يوجه رسائل دعم وتحفيز للاعبي المنتخب المغربي تحت 20 سنة قبل "كان" مصر    درك تطوان يُطيح بعصابة متخصصة في سرقة المواشي    حادث عرضي لطائرة سياحية خفيفة بمطار طنجة    طنجة.. إحباط محاولة تهريب 32 كلغ من الشيرا بميناء المدينة وتوقيف سائق أجنبي    ولي العهد يفتتح المعرض الدولي للفلاحة بمكناس وجهة الشمال تستعرض مشاريعها التنموية    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    نهضة بركان تكتسح شباب قسنطينة وال"كاف" يشيد: خطوة واثقة نحو نهائي الكونفدرالية    من أعطى العدل والإحسان حق احتكار صوت المغاربة؟    بركة: لم نخرج بعد من الجفاف... وتحلية المياه ستقلّص الضغط على أم الربيع وتؤمن سقي 100 ألف هكتار    تحقيقات فرنسية تضع الرئيس الجزائري تحت المجهر بعد اختطاف معارض في فرنسا    طول شبكة الطرق السريعة بالمغرب يمتد إلى حوالي 2177 كلم    تفاصيل "الجثة المقطعة" بابن أحمد    بوريطة: المغرب يضع تعزيز السلم والحكامة في القارة الإفريقية ضمن أولوياته الكبرى    توقيف بطولة كرة السلة بالمغرب    المغرب يطمح لرفع سعة المطارات إلى 80 مليون مسافر في سنة 2030    "قضاة إفريقيا" يلتئمون بالمغرب ويدعون إلى "تكتل أطلسي" يكرس العدالة    فوضى قد تطيح بوزير الدفاع الأمريكي    نجاة بلقاسم توقع سيرتها الذاتية من الرباط: من طفولة قروية إلى دهاليز السياسة الفرنسية    مصرع عامل بناء إثر سقوط مميت من الطابق السادس بطنجة    ترانسبرنسي تستغرب اعتراض الأغلبية على تقصي حقائق دعم الأغنام    انخفاض أسعار النفط بنحو 3% وسط مؤشرات على تقدم في محادثات أمريكا وإيران    ‬والآن ‬سؤال ‬الكيفية ‬والتنفيذ‬ ‬بعد ‬التسليم ‬بالحكم ‬الذاتي ‬كحل ‬وحيد ‬‮….‬    انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل    الدكتور كريم بلمقدم، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة العمومية : الحكومة تنتصر لمصالح طبقات اقتصادية معينة على حساب الاستقرار والنهوض المجتمعي    مطالب أمريكية متصاعدة لتصنيف جبهة البوليساريو كتنظيم إرهابي    عبد النباوي: التحول الرقمي يستدعي تغييرات شاملة لتجويد الأداء القضائي    رحيل الفنان محسن جمال صاحب «أحلى الأغاني» و«الزين فالثلاثين»    في الحاجة إلى قراءة متجددة للخطيبي أفاية : في أي حقل إبداعي أو فكري، ثمة بصمة للخطيبي، صانع القلق    وفاة البابا فرنسيس عن 88 عاما    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    جري.مة بشعة تهز مدينة العرائش    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مدرب نهضة بركان: أدرنا المباراة بالطريقة التي نُريد وسندافع عن حظوظنا كاملة في الإياب    تحقيقات فساد وصراع سياسي يهددان ملف إسبانيا لتنظيم مونديال 2030    مهنيو النقل الطرقي يستنكرون "احتكار" المحروقات ويطالبون مجلس المنافسة بالتحرك    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص عبد الله بونفور    الفاتيكان يكشف عن وفاة قداسة البابا فرنسيس    تنديد حقوقي بالتضييق على مسيرتين شعبيتين بالدار البيضاء وطنجة رفضا لاستقبال "سفن الإبادة"    نهضة بركان وجمهورها يُلقّنان إعلام النظام الجزائري درساً في الرياضة والأخلاق    المعارض الدوليّة للكتاب تطرح اشكالية النشر والقراءة..    شريط "سينرز" يتصدر عائدات السينما في أمريكا الشمالية    تحسينات جديدة في صبيب الإنترنت تفتح النقاش.. لماذا تبقى الأسعار مرتفعة في المغرب؟    فاس... مدينةٌ تنامُ على إيقاع السّكينة    وفاة الفنان المغربي محسن جمال بعد صراع مع المرض    أنشيلوتي يبعث برسالة للجماهير : ما زلنا نؤمن بالحلم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الإثنين    وفاة حارس المرمى الأرجنتيني "المجنون" هوغو غاتي عن عمر ناهز 80 عاما    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    الكشف عن نوع جديد من داء السكري!    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجيش العَرمرم والطيب الصديقي !!
نشر في العرائش أنفو يوم 05 - 10 - 2022


نجيب طلال
عتبة بقْشيشيَّة :
مبدئيا هنا نثير تنبيه الغافلين ، بأن العنوان ليست له علاقة بكتاب المؤرخ والأديب :محمد بن أحمد أكنسوس؛ ولكن اقتبسنا ( الجيش العرمرم) باعتبار أن الفنان / المبدع: الطيب الصديقي كان حوله جيش من الفنانين ؛ وجيش من المسرحيين والمريدين؛ وجيش ممن كان يحاول مجالسته واستدراجه لحوار ( صحفي/ بحثي) وإن كان رحمه الله ؛ يكره ذلك ، ويكره التجمعات ؛ ويكره الرياء والنفاق !! فطبعه انعِزالي إلى حَد ( ما ) وإن كان في وقت مضى صرح بأن: أصدقائي كثيرون، فنانون وصحافيون وموسيقيون ورجال مسرح، ولي أصدقاء يعملون في الخطوط الجوية الملكية، إلا أن الصديق الذي لا يفارقني هو الممثل مصطفى سلمات فهو رفيق الدرب (…. ) لم أعُد أغادر المنزل إلا للضرورة، وحتى في السابق لم أكن من الناس الذين يقضون حياتهم في المقاهي… (1) وفي نفس سياق العلائق، كان يفضل أن يعيش مع الأموات حسب قَوله: ككل الناس، أغلب أصدقائي من الأموات لا الأحياء. وقد أذكرمِن بين أصدقائي الجاحظ، ومجموعة من المسرحيين الإغريق. وقلة من الأحياء (؛؛؛) طبعا، لم أشر إلى كل الأسماء؛ وذلك لأن الأسماء ليست هي الكتب. لو أشرت إلى كتبي المفضلة لذكرت مذكرات دو كول، وكتابات مالرو، وخاصة كتاباته حول الفن، والتي أعتبرها مدهشة. كما يمكن أن أشير إلى كتابات أبو لينير. ولن أنسى، بالطبع، "ألف ليلة وليلة"؛ فهي من الروائع، بالرغم من أن العرب يحتقرونها (2). فذاك الجيش بغض النظر عن نواياه أمام وفاته، فلقد أطنب في مناقبه وخصاله ، وأمسى العديد من الفنانين والمسرحيين والأدباء والشعراء يرددون عبر هواتفهم و صفحاتهم ومواقعهم التواصلية؛ ترنيمات حزينة ؛ ولكنها عجيبة وغريبة؛ تحتاج وتحتاج بكل صدق إلى تحليل عميق وقراءة رصينة سيميائيا وتداوليا وبسيكولوجيا( مثل)[ فقدنا أسد الخشبة/ بلغني للتو نبأ وفاة الفنان الكبير الطيب الصديقي/ نزل الخبر علي كالصاعقة/ عزاؤنا واحد في من صنع وعينا الفني والإبداعي / عزائي للمسرح المغربي إثر فقدانه لركيزته الأساسية / عشت ليلة بيضاء بعد سماع خبر وفاته/ أخبرني الأصدقاء هاتفيا بوفاة رائد المسرح؛ فارتبكت من شدة الفاجعة /انهمرت دموع حارقة من عيني بعد إعلان خبر وفاته/ عزاؤنا واحد في وفاة عميد المسرح المغربي/ بكل أسى فقدت فنانا مثقفا وفنانا مسرحيا بحق/ نبأ وفاة الفنان الكبير الطيب الصديقي، نبأ جد محزن لا يمكن بسهوله استيعابه / ولقد أصبحت يتيما بعد فراقه/ ولقد أصبحنا يتامى بعد موته /…/ (3) فما أشرت إليه؛ مدون في الصحف والمواقع إما مقالات أو حوارات أو تصريحات أو تدويانات في التوتير/ الفايس بوك؛ فاعتبره البعض سُبة ومزايدة ضد حقائق التاريخ؛ وبأننا نخرف أونمارس الكتابة المنفلتة من عقالها، حتى أن بعضهم كان لبقا، وأكد لنا بأن الفنان الصديقي سيظل حاضرا بيننا كتابة وإبداعا ؟ وتلافيا لإحراج من سفه مقالتنا في الكواليس؛ إما شفويا أو عبر تعليقات في( الفايس بوك) بعدما نشرنا المقالة ؛ وفي سياقها كان جزء من غطاء الحقيقة وارداً ومدوناً ، بأنه برحيل المبدع الرائد والفنان الشامخ – الطيب الصديقي؛ سينتهي ذكره: …فرغم إبراز صورته التي تجسد ضعف الإنسان أمام دنو النهاية من لدن الفنانة – زيطان – بعد زيارتها له؛ والاطمئنان على حالته الصحية؛ ولقد قامت بإشارة قوية ومبطنة : تشير فيها أن رائدنا يحتاج لسند معنوي؛ سند الأحبة […] فقليل في الأقلية التي زارته وآزرته ؛ ولنكن أكثر مكاشفة، ففي السنوات الأخيرة تم تهميشه علائقيا ونسيانه إعلاميا ؛ مما انمحت معالم ذكرياته وصورته المعتادة في عيون الناس؛ التي أسس على إثرها مسرحا باسم مسرح الناس [ !!!] (4)
سؤال النِّهاية :
هاهي السنوات مرت؛ لتكشف لنا ما كان يخفيه السؤال: بعد نهاية الطيب الصديقي هل سيظل رائدا ؟ لم يعد/ يبقى: رائدا بيننا، بل أمسى يمحى من الذاكرة/ التاريخ ( ك ) عبد الصمد الكنفاوي/ عبد الصمد دينية/ ثريا حسن/ الطاهر واعزيز/ محمد مسكين/ الطيب العلج/ سعيد عفيفي/ زكي العلوي/…./ فرغم انوجاد مؤسسة (الطيب الصديقي للثقافة والإبداع) التي يشرف عليها ابنه "بكر الصديقي" والتي تأسست سنة 2008 لتبقى الذاكرة الفنية للفقيد حاضرة على مَر السنين ؛ من خلال الاهتمام بتوثيق ما خلفه ، عبر مساره الحافل والغني بإنتاجاته الإبداعية وأعمال مكتوبة ومؤلفات وحوارات لفنان متعَدد الاهتمامات [مسرحي/ سينمائي/ خطاط /كاتب / تشكيلي] طبع الذاكرة الوطنية والدولية بعطاءاته المتميزة ، وفي نفس الوقت للمساهمة في نشر الممارسة المسرحية عبر توفير التأطير والتكوين والمواكبة. وتخصيص صفحة خاصة على موقع "يوتوب" للراغبين في مشاهدة أعماله المسرحية. كل هذا جميل؛ وإن كانت المؤسسة لم تحقق ما يراودها؛ وهذا يعتمد على ذاك [ الجيش العرمرم] للقبض على شعاع الوجدان الإنساني، والذي ( كان ) يتباكى إما رمزيا أو معنويا على فقدانه ؛ بحيث "الراحل" أشار إليها في إحدى الحوارات:… أنا لا أتحدث عن المسرح المغربي ولا عن المسرح العربي؛ ذلك أني لا أتحدث إلا عما أريد إنجازه، عما يشغلني. ثم إن رجل المسرح ليس هو المؤهل لتقييم أعمال الآخرين؛ فهناك الجمهور، وهناك النقاد... وأنا كرجل هاو للمسرح…(5) هنا فالرسالة موجهة لمن يتفلسف ويتمَعْلم في الميدان، ويهرول نحو منصات/ موائد (الخليج ) وبالتالي فأين جمعية النقاد المسرح المغربي؟ وأين علماء ومهندسو اللامسرح في التمسرح ؛ أولئك الذين يُهجِّنونَ المفاهيم والمصطلحات الغربية لإقحامها قسرا في فضاء مسرحي ( بئيس)؟ فأين الذين أنجزوا حوارات وأطروحات على مسرح الصديقي؟ أليس الأوان لإعادة النظر تحليلا وتفسيرا وقراءات لكل منجزاته ، وذلك في خضم تنابذ العالم وعولمته، للرفع من رمزيته وحضوره بيننا .إسوة برمزية بعض النماذج: (ك)(موليير/ فرنسا ) – (شكسبير/ بريطانيا ) – (جوست فان دي فونديل/هولندا)- ( وول سوينكا/ نيجيريا)- (بريشت /ألمانيا) – (فرانزكافكا /تشيك)- (أثول فوغارد / جنوب إفريقيا)- (سيرفانتس/إسبانيا)- ( ماك فريش/ السويد)….
الجيش العَرمرم :
إذن، فالإشكالية الرهيبة، أننا نحطم رموزنا؛ بأيدينا والذين هُم فعلا رموز حقيقة وحقيقيا ;وليسوا مصنوعين من لدن الأحزاب؛ زمن الأحزاب ! أو من دهاليز السلطة أو كواليس النقابة زمن النقابة ! لأن الأمر مرتبط ب(الأنا ) ونرجسية الذات ( المريضة) ومن زاوية أخرى؛ مرتبط بالشحْن الإيديولوجي الذي كنا عليه زمن سُوربَرلين الذي سقط ! وزمن الإتحاد السوفياتي الذي تفكك وتفتت بظهور ( البيرسترويكا ) !وبناء على تمظهر ملفات وقضايا وانكشاف البنية الذهنية للمسرحيين؛ بعْد إعلان (%1) وما بعْدها من مقالب وتقلبات؛ فلا محيد من إعادة النَّظركما أشرت لكل منجزاته الفنية والإبداعية ، لكي يظل رائدا حقيقة في حفريات التاريخ باعتبار: أن كل ما أنجزه الصديقي من إبداعات لا توجد وراءه شخصيا. كما لا توجد في ماضي المسرح المغربي بفعل التقادم. بل هي أمامه، لأنها ستظل حديثة بطابعها ألاستباقي، وبقدرتها على تحدي الزمن لأنها كانت دائما قادمة إلينا من منطقة الاستشراف (6) وفي سياق هذا فالنبش في تاريخية الطيب الصديقي وتحليل أعماله وتفكيكها بمناهج ورؤى المستجدات والمتغيرات الثقافية / السياسية .لأنه يستحق الاهتمام في كل لحظة؛ لأن استحضاره جَدليا استحضار، لكل تفاصيل وتمرحلات المشهد المسرحي المغربي، وكذا بحكم أنه نموذج للمبدع الشامل والفنان المتشعب ثقافيا ؛ وتدقيقا للعبارات ، شئنا أم أبينا فهُو مؤسسة فنية مستقلة بذاتها. فاستنهاضها سيحقق بترا وقطيعة إجرائية، ما في السجل التاريخي المملوء بمعسول الأقوال والمقولات والأفكار النيرة؛ والمشاريع المتميزة؛ دون فعل ملموس ولو نسبيا بعْد رحيله لكي : يُمكن للصديقي أن يخلد في نومته ، فما قَدمه للساحة الثقافية المغربية والعربية لا نظير له. ولا شك أن موته، إذا تنازل القوم عن الحجاب الذي ظل يحكم تصورهم لمعاصريهم، أن يكتبوا الشيء الكثير عن تجربته المسرحية، ولاسيما ممن عايشوا معه تلك التجربة، وعرفوها عن كثب. إن تجربته الفنية والثقافية من الغنى والتنوع ما يجعل تضافر الكتابات عنها يؤتي ثمارا مهمة للتعريف والتطوير، إذا وجهت تلك الكتابات إلى المستقبل، في ضوء الأفكار والمشاريع التي ظل الصديقي يحلم بها (7) بحيث أسمى مدخل لمناقشة ما تركه من أعمال مسرحية ؛ أي خيط سياسي يحركها؟ فلا محالة ستساهم في إضاءة جوانب ما تزال مضببة وغامضة في أعماله المسرحية ، من عِدة زوايا سواء /السياسية /الفكرية /التاريخية /التراثية / الجمالية / الإيديولوجية . هذا إذا حاولنا وضعه في موضع بدايته العمالية ؛ انطلاقا من الفترة 1957 التي كان "سعيد الصديقي" يشغل منصب مدير ديوان رئيس الحكومة "عبد الله إبراهيم" وتقرر أن يتم تأسيس مسرح عمالي تابع لاتحاد المغربي للشغل ( آنذاك، ولقد استطاع (الفقيد) بموهبته وقدراته تحقيق تفاعل حقيقي لمفهوم المسرح العمالي؛ والذي لم يتطور فيما بعد لأسباب سياسية؛ وحضور قوى السلطة في نسف المشروع ؛ بدء من منع مسرحية (مدينة النحاس) وتمرد الطيب الصديقي على الأوضاع السياسية؛ وانخراطه في عوالم اللامعقول وتيار العَبت؛ بعْد انسداد الأفق وتضييع الأمل المعقود(8) وفي سياق ما تم تقديمه من أعمال رائعة في فرقة المسرح العمالي؛ يصرح الصديقي بقول يحتاج لمسوغات تحليلية ؛ تفجر مكنون ما كان في كواليس الفرقة وارتباطها /اصطدامها بالسلطة الحاكمة؛ لأن منع المسرحية يَكمُن في تيمتها ( صراع ) بين البورجوازية / البروليتاريا : لكنني لم أعتمد أبدا، على مسرح المطالب [السياسية] فقد كنتُ أرفض أن أساير الفترة والسائد. واعتبر رأيي يومها، مشينا. أما الآن، فقد اقتنع الناس بذلك، وفهموه نظرا للتغييرات التي عرفها العالم. كان رأيي ولا يزال هو التالي: إن المناضل الحقيقي، إذا كان رجل مسرح، فالمطلوب منه هو أن يكتب مسرحا جيدا. والمطلوب من الشاعر أن يكتب شعرا جيدا، وهو ما يبقى في نهاية المطاف... (9) هنا كيف يمكن فهم تفكير ورؤية "الصديقي" للعالم؟ إلا بالانغماس في أعماله المتاحة الآن؛ وإعادة النظر في منجزه ومعطياتها . فتركيزه على [ البساط ] هل هو ترفيه حقيقة، أم سياسي مبطن بالترفيه؟ فمسرحية [ جنان الشيبة ]( مثلا) تفرض طرح هذا السؤال. ومن خلاله مامدى العلائق الروحية والإبداعية التي تربطه بالراحل الجسور" الطيب العلج" ولا ننسى مسرحية '(الأكباش يتمرنون)' لماذا منعتْ؟
إضاءة هَمدانيَّة :
إذن ، فالبعْد الأسمى من هاته المقالة ؛ محاولة تحريك الهمم؛ إن بقيت ! لإبقاء رمزية الصديقي/ العلج/ عفيفي/…/ حاضرة ليس كصنم للتمسح به أو تقديسه كمقدس، لأنه بالتأكيد انتهى عصر صناعة الأصنام وعبادتها وتقديسها وتبعيتها بل انوجادها فقط استشعارا بقوة الشخصية المغربية ؛ بعْد إعادة النظر في عدة معطيات مغلوطة في حقه وحق غيره ، فعَلى سبيل الذكر(لقد) اتهم "جورج أورويل" الروائي/ الصحافي [بريطانيا] بأنه مخبر ورجعي ووَاشِي في الخفاء؟ لكن بعْد عدة دراسات وتحليلات تبث العكس؛ والأمثلة متعددة (ك) أوسكار وايلد ( ايرلاندي) الذي اتهم بالمثلية وسجن على إثرها، وبودلير/ أندريه بروتون/ باسكال/جاك روسو/ نيتشه/ سقراط/ هارولد بينتر…/ ولكن تم اكتشاف عبقريتهم وعطائهم بناء على محاولاتٍ عَديدة لإعادة تقييم ومراجعة تراثهم الفكري/ الأدبيّ على ضوء التناقضات بين محتوى منجزاتهم ومعتقداتهم . فكانوا من صناع التاريخ الإنساني، وبالتالي الفنان" الطيب الصديقي" بدوره من صناع التاريخ الإنساني فمنجزات تحتاج لقراءة مغايرة؛ فالحملة المسعورة التي أقيمت ضد ه إثر زيارته لإسرائيل ، فماذا يمكن أن يقال ( الآن) أمام التطبيع الذي أمسى أمرا "واقعا" ؟ واكتسح وتوطَّن في العديد من الأقطار العربية (؟؟) وإن برر" رحمه الله" قبل كل هذا أنه : كانت أول زيارة لي إلى إسرائيل بعد اتفاقية أوسلو، وقد كانت بدعوة من ياسر عرفات الذي طلب من مجموعة من الكتاب والشعراء والتشكيليين العرب القيام بهذه الزيارة في إطار الدعوة إلى التطبيع (….) ولم يسبق لي أن مثلت في إسرائيل ولا ألقيت محاضرة عن المسرح هناك، إنها مجرد زيارة (10) والذي يستطيع أن يفكك ما بين مضمر الخطاب والإختيارللإمتاع والمؤانسة ( ير كز على تاريخ الدولة العباسية إبان عهد البويهيين) سيستشف أنه ضد ( التطبيع) بالمنظور الذي كان يتحرك في 1983؟ وبالتالي فلم يطرح أحد سؤالا ممن تناول "الصديقي" دراسة / حوارا لماذا ؟ ولماذا لم يكن متهافتا على الجوائز؟ ولم يفكر فيها ؟ ولماذا لم ينخرط في اتحاد كتاب المغرب قبل اندحاره؟ ولماذا لم ينخرط في تأسيس النقابات الفنية/ المهنية ؟ هل كان ضد التنظيمات ومتمرد عليها، أم عوالم الإبداع كانت تعفيه من التفكير في ذلك؟ ولكن تلك الأسئلة مفاتيح إجابتها في فرجة ( البساط ) بالتحديد. مقابل هذا ؛ إذا قمنا بتحليل قوله التالي: فأنا لست متعصبا لانتماء سياسي معين لأني احترم الرأي الآخر، نوع واحد من البشر لا أتحمله هو المتطرف أو المتزمت لأني من الناس الذين يؤمنون بالحوار عملا بمقولة فولتير: «لست متفقا معك ولكني مستعد للموت من أجل أن تتمكن من التعبير عن رأيك» غير انه للأسف لم نصل بعد إلى هذا المستوى، فنحن نعمل بمقولة « إذا لم تكن متفقا معي نخلي دار بوك»، وقنواتنا التلفزيونية تكشف عن ذلك وجرائدنا أيضا تحولت الى منابر لقذف وشتم الآخرين(11) فهل ياترى سيتحرك الجيش العَرمرم ؛ ليبقى المبدع الفذ" الطيب الصديقي" رائدا حقيقة ؟ ورمزا من رموز الحركة المسرحية المغربية بدون منازع ؟
الإستئناس:
1) الطيب الصديقي أشهر مسرحي مغربي: قطعت علاقتي بشيمعون بيريز: حاورته – لطيفة العروسني ( الرباط) صحيفة الشرق الأوسط – ع/ 8620 – في 05/07/2002
2) مكاشفة مع الطيب الصديقي: أدار الحوار: عبد العزيز جدير- نقلته مجلة الفرجة عن أكاديميا – في23 /05/2016
3) انظر: بعد نهاية الطيب هل سيظل رائدا ؟؟ لنجيب طلال – الحوار المتمدن-العدد: 5071 – في 10/02/2016
4) نفسه
5) مكاشفة مع الطيب الصديقي: أدار الحوار: عبد العزيز جدير
6) ما أنجزه الطيب الصديقي من إبداعات لا توجد وراءه شخصيا بل هي أمامه- لمحمد بهجاجي صحيفة أنفاس في07/02/ 2016
7) الطيب الصديقي: مدرسة ثقافية لسعيد يقطين مجلة الكلمة ( مواجهات / شهادات )عدد 107 / مارس 2016
8) انظر: بعد نهاية الطيب هل سيظل رائدا ؟؟ لنجيب طلال –
9) مكاشفة مع الطيب الصديقي
10) الطيب الصديقي أشهر مسرحي مغربي: قطعت علاقتي بشيمعون بيريز- صحيفة الشرق الأوسط –


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.