سبتة : مصطفى منيغ لا زالت لفرنسا الكلمة الأخيرة على لسان قيس سعيد تنطق بها لخلق نظامٍ يعيدها لإفريقيا مِن زاوية تونس ، عسى تتربع على كرسي أمجادها السالفة حينما كانت تصول وتجول داخل هذه القارة ، في وقتٍ مزَّق وجود أعلب دولها الاستعمار الأوربي عامة والفرنسي خاصة ، طبعاً لن تنجح مادامت إفريقيا أصبحت مع مطلع الألفية الثالثة تعرف وعياً مُتنامياً حقَّق لها لحد كبير الاستقلال والتحرُّك الحر لتتّجه في سياستها صوب ما يناسب بيئتها ومناخها الجيوسياسي البعيد سيكون عن تمكُّن فرنسا بالخصوص أن تهيمن كما كانت في عهود غابرة ، تونس ستنقلب إلى بؤرة للمشاكل متناسية ما حصل لنفس فرنسا مع معمر القذافي حيث جرَّت أحد رؤسائها إلى المحاكم ، كما سيفعل التونسيون مع رئيسهم الحالي حالما يرتكب ما سيجعله يفقد السيطرة ويتوه في مبالغات لن يرضاها الشعب التونسي على نفسه ، انطلاقاً من دكتاتورية الناشد إياها قيس سعيد ،عساه يصبح "القيصر" الذي لا يهمه إلاَّ التشبُّث بكرسي الحكم ، ظناً أنَّ فرنسا ستهتمّ بحمايته طول الوقت ، يفتخرُ بمعرفته العميقة المعمَّقة بالقانون الدستوري متجاهلاً أن قانون الشعب هو الأعلى ، إن نهض لتطبيقه بملء الشوارع دون إفراغها إلا بتكريس ما يريد ، مِن الخطأ أن يكون الفرد الواحد وفي تونس بالذات رئيس كل المؤسسات وحتى التشريعية منها ، وهذا يجسِّم في النهاية قانون الغاب ، حيث الكبير يدسّ على الصغير ، ولا حق يُعْطَى إلاَّ للقويِّ ، حتى الأحزاب السياسية مهما انتظرت على ذاك الدكتاتور الصاعد ، لن تصمد أمام زحفه لتجريدها (هي الأخرى) من ممارسة حقوقها والدستورية ، التي بدأها بتعيين حكومة على هواه تقودها امرأة ، ليكون صوتها من طبعه لا يصل لمقاربة صوته فيتفوق عليها حتى في الكلام ، حكومة ببرنامج معدّ من طرفه تحت عيون المخابرات الفرنسية التي وسَّعت نشاطها داخل البلاد وعرضها ، وما شعار محاربة الفساد إلا صنارة لصيد هدوء الشعب ، عِلماً أن أكبر فساد تجلَّى في نهب حقوق البرلمان حينما أغلقت أبوابه بالقوة وحُوصِر نواب الأمة وكأنهم لا شيء بالمرة ، ليسخر قيس سعيد من الديمقراطية التي بها فاز كرئيس ، وليجازي حتى الأحزاب التي ساندته ومنها "لنهضة"، ليصبح منقضاً عليها جميعها ملوحا بإدخال أكبر زعمائها شعبية ونفوذاً سياسياً للسجن ، إتباعاً لجحيم من إجراءات أوحدية الجانب لن تصمد طويلا لتعمّ الفوضى من جديد ، حتى وإن تدخَّلت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ، بضخِّ استثمارات ، مهما بلغت لن تُجدي نفعاً لأن التونسيين تعودوا عدم مَدِّ اليد للتوصل برشاوي تُرغمهم على السكوت حتى يعمَّهم الفساد السعودي الذي فاحت رائحته في اليمن ولبنان وفلسطين. …ينشر قيس سعيد صوره وهو يصلِّي ليُقال عته أنه مسلم حقيقة ، وفي ذات الوقت يمنع قناة من اذاعة القرآن الكريم ، وأُخرَي من بثِّ التربية الإسلامية ، فأي إسلام يعتنقه هذا الرئيس ، هناك مؤامرة كبرى يتزعمها في فرنسا الرئيس الفرنسي المسوني العقيدة والتوجُّه ، وما التنكيل بحزب النهضة وتضييق الخناق على رشيد الغنوشي سوى صفحة من كتاب تلك المؤامرة الموضوعة رهن إشارة رجل فرنسا في تونس الرئيس قيس سعيد ليمزقها رويداً رويدا، لتكتمل الظاهرة بحرية عدم الصوم لمن شاء من المسلمين هناك ، كما رأيت شخصياً عند زيارتي لتونس خلال شهر رمضان المبارك لاقف انطلاقاً من الفندق الذي اخترته للإقامة ، على مناظر يخجل كل مسلم حقيقي من الاطلاع المباشر عليها ، الغنوشي ومن معه مُستهدف وهو يعلم ذلك حينما سمعتُ بذلك من أقرب معاونيه خلال زيارتي لمقر حزب النهضة ولقائي برئيسه ، الحزب الذي اعتبره التونسيون المعتنقون الإسلام كما هو ، أنه المدرسة القادرة على تربية الجيل الصاعد التربية الإسلامية السليمة ، لكن فرنسا وما تمثله هدفاً مؤكداً للقضاء على الإسلام أينما كان وبخاصة داخل تونس القريبة منها والمسيطرة عليها مخباراتيا ، منحت الضوء الأخضر لقيس سعيد أن يثوم بمعرفته على ذلك ، لكن الإسلام منتصر في تلك الربوع يبقى ، لكونه مزروعاً في مهج وأفئدة التونسيين الأحرار والتونسيات الحرائر أباً عن جَد ، وليعلم قيس سعيد أن فقهية قانونه الدستوري لن تنفعه حيال غضبة شعبية عارمة ستريه ما التونسيون والتونسيات قادرين على فعله لقلع جذور فرنسا من أرض الوطن واستئصال عملائها من الوجود التونسي مهما كان المجال ، ومنحوس من لا يثق في ذلك داخل أو خارج تونس. الصورة : مصطفى منيغ ورشيد الغنوشي في مكتب الأخير بمقر حزب النهضة في تونس