اهتم المشرع المغربي بحماية المستهلك في إطار الخدمات البنكية، وأولاها عناية كبيرة منذ صدور قانون الالتزامات والعقود، الذي يتضمن بين ثناياه مقتضيات جد هامة تهدف إلى حماية الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية . ذلك ما نص عليه في الباب الثالث من القسم الخامس المتعلق بالقرض بفائدة في الفصول 870 وما يليه إلى الفصل 878 ولم يكتف بذلك فقط بل تعداه إلى إصدار قوانين خاصة بعد ذلك تهدف في جانب كبير منها إلى توفير حماية أفضل لمستهلك هذه الخدمات، منها بالخصوص مدونة التجارة والقانون البنكي ،وأخيرا قانون حماية المستهلك الذي يعتبر تتويجا لهذه الترسانة القانونية في مجال حماية المستهلك .ويعتبر القانون رقم 31.08 أهم قانون في مجال حماية المستهلك وإطارا مكملا للمنظومة القانونية في هذا المجال، وقد جاء بعدة تدابير حمائية في مجال الخدمات البنكية فتناول في القسم السادس القروض الاستهلاكية والعقارية، التي تعتبر أهم الخدمات المقدمة للمستهلكين من طرف المؤسسات البنكية . كما تناول في القسم السابع جمعيات حماية المستهلك التي لها دور فعال في مؤازرة المستهلك والدفاع عن حقوقه قبل التعاقد وبعده في مجال الخدمات البنكية. اذن أين تتجلى مظاهر حماية المستهلك في إطار القروض الاستهلاكية والعقارية؟ وما هو دور جمعيات حماية المستهلك في مجال الخدمات البنكية ؟ أولا: مظاهر حماية المستهلك في إطار القروض الاستهلاكية والعقارية . أفرد المشرع المغربي في القانون 31.08 القروض الاستهلاكية والقروض العقارية بالمواد من 74 إلى 149 وهو ما يشكل أزيد من ثلث مواد هذا القانون ،وما ذلك إلا لأهمية هذه القروض في الحياة اليومية للمستهلكين.، وتتجلى أهم مظاهر الحماية فيما يلي: 1:الاشهار: عرف المشرع المغربي الإشهار في المادة الثانية من القانون 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري لسنة 2005 بأنه:" أي شكل من أشكال الخطابات المذاعة أو المتلفزة ولاسيما بواسطة صور أو رسوم أو أشكال من الخطابات المكتوبة أو الصوتية التي يتم بثها بمقابل مالي أو بغيره ،الموجهة لإخبار الجمهور أو لاجتذاب اهتمامه إما بهدف الترويج للتزويد بسلع أو خدمات ،بما فيها تلك المقدمة بتسمية فئتها ،في إطار نشاط تجاري أو صناعي أو تقليدي أو فلاحي أو مهنة حرة وإما للقيام بالترويج التجاري لمقاولة عامة أو خاصة ….." أما في القانون 31.08 فلم يتطرق لتعريفه، وإنما قام بتنظيم الإشهار المتعلق بالقروض الاستهلاكية في المادة 76 والمتعلق بالقروض العقارية في المادة 115.وتتجلى أهمية الإشهار في اعتباره من أبرز التقنيات التي يتم بها الترويج للسلع والخدمات وارتكاز المشروعات الكبرى على فعاليته، فهو يهدف أساسا إلى حرية الإقناع كإحدى الحريات الاقتصادية . ويعتبر الإشهار وفقا لمقتضيات الباب الأول والثاني من القسم الثاني من قانون تدابير حماية المستهلك، لذلك فرض المشرع مجموعة من الشروط في الإشهار لضمان رضا مستثمر للمستهلك، فأوجب أن يكون صادقا ونزيها وإخباريا كيفما كانت الوسيلة المستعملة فيه ،كما حدد مجموعة من البيانات يجب أن يتضمنها الإشهار سواء تعلق بالقرض الاستهلاكي أو القرض العقاري. 2: الحق في التراجع: هذا المقتضى الجديد نص عليه المشرع في المادة 85 من القانون 31.08، ويعتبر ضمانة أخرى لحماية المستهلك خاصة في مجال القروض الاستهلاكية حيث يوفر له المشرع مهلة كافية ،وهي سبعة أيام بعد التوقيع على العقد قصد اتخاذ القرار النهائي بشأن الاستمرار في عقد القرض أو التراجع عنه دون أن يتحمل بأية التزامات نتيجة هذا الرجوع . 3: الإمهال القضائي: الهدف منه هو منح فرصة إضافية للمقترض تمكنه من تنفيذ التزاماته إذا اعترضته صعوبات قانونية أو واقعية حالة دون تنفيذه لهذه الالتزامات في وقتها المحدد . وبرجوعنا للمادة 149 من القانون 31.08 التي نظمت الإمهال القضائي يتضح أنها أعطت للقاضي سلطة تقديرية واسعة لوقف تنفيذ التزامات المدين متى تبين له حصول ظروف طارئة لهذا الأخير جعلته في وضعية صعبة لا تسمح له بتنفيذ التزاماته تجاه المؤسسات المقرضة، رغم حلول اجلها . وأورد المشرع بعض الحالات على سبيل المثال للقياس عليها كحالة الفصل عن العمل أو حالة اجتماعية غير متوقعة. ثانيا: دور جمعيات حماية المستهلك في مجال الخدمات البنكية. تلعب جمعيات حماية المستهلك دورا كبيرا في توعية الزبون أو المستهلك، هذا الأخير الذي يقوم بإبرام العقد البنكي وهو غير واع بالشروط المدرجة بالعقد، والتي تكون غالبا تعسفية وتفيد فقط مصلحة البنك، لذلك يجب توفير نشرات وحملات توعية المستهلكين في ظل الأزمة المالية ،وما نتج عنها من ارتفاع أسعار القروض وخاصة العقارية منها. ويناط بجمعيات حماية المستهلك مهام أخرى، منها إعلام المستهلك إعلاما ملائما وواضحا بالخدمات التي يحتاجها كما تقوم بضمان حماية هذا الأخير من الشروط المتعلقة بالخدمات المالية والقروض الاستهلاكية والقروض العقارية. وهنا وجد الاشارة إلى جمعيتين مختصتين في المجال البنكي وهما: 1: الجمعية المغربية لضحايا القروض الاستهلاكية: أسست هذه الجمعية بالرباط وتعنى بالدفاع عن ضحايا القروض الاستهلاكية الذين يجدون أنفسهم أمام إقساط شهرية يتم اقتطاعها من المنبع. 2: الجمعية المغربية لمستعملي الخدمات البنكية: تهتم هذه الجمعية بمستعملي الخدمات البنكية إذ جاءت لحماية المستهلك من شطط البنوك فيما يتعلق بالمصاريف والعمولات والقروض. ختاما وبعد الانتشار الواسع للخدمات البنكية وصيرورتها ضرورية للمستهلك، كان من الواجب على المشرع أن يتدخل بنصوص خاصة تحفظ للمستهلك مختلف الضمانات التي كان من الممكن أن يتسلح بها لو لم يكن طرفا ضعيفا في علاقاته التعاقدية . محمد جردوق: موظف شباك المستهلك بمدينة القصر الكبير.