منذ البارحة زوالا .. و أنا في حالة هبوط .. شرود و فقدان للتركيز .. ……………………….. أثناء عودتي من الدارالبيضاء نحو تيفلت .. و عند شاطئ بوزنيقة .. فتحت النّت .. لأ تلقى الخبر .. مات أبي الروحي سيدي عبد الرحمان الجباري .. ………………………. كانت آخر زيارة قمت بها له يوم 10 أكتوبر 2020 .. تحادثنا و سجلت معه رسالة مصورة بعثها لكل أحبابه .. بعدها أصبت بالمرض الذي شفيت منه تماما بعد ذلك .. لطفا من الله .. و قبل ذلك كنت قد نشرت خبرا عن أحواله و صحته .. و أعلنت أن رقم هاتفه المنزلي بحوزتي .. أمنحه لمن أراد الاتصال به .. و هكذا .. لبى مجموعة من الإخوان الأمر و اتصلوا ..!! ……………………. محطات كثيرة جمعتني بالفقيد الكبير .. منذ أكثر من عقدين من الزمن .. كانت كلها عطاء و تعاون .. و إصرار على تبويء الرجل الفذ .. ما يستحقه من مكانة و مقعد .. بل إن كبريات التظاهرات التي نظمتها .. كان لا يمكن لي أن لا أعطي فيها عصب السبق و الصدارة .. لأبي الثقافي و الفني و العرائشي .. و كان يستحق ذلك منزلة و تبرّكا .. ……………………. ذات يوم .. منذ حوالي خمس أو سبع سنوات .. طلبني لألتحق به بمنزله .. و هناك .. أخبرني بأنه يرغب في أن يعهد إلى .. بكل مكتبته التي ألفها طيلة مسيرته الإبداعية .. أشعاره و أعماله و أمثاله و ما إلى ذلك .. فإني – على حد قوله – أقدر من يمكنه أن يحسن استعمالها .. الحفاظ عليها .. و الإفادة بها .. لكنني .. و بلطف و كياسة شديدين .. تنصلت من المسؤولية الجسيمة .. التي لم أكن لأحمل أمانتها .. فأكون ( من جديد ) .. ظلوما جهولا .. و قلت أن ما عليه سوى ترك وصيته لمن هم أحق بها .. و أنا على استعداد للتعاون و خدمة و تلبية .. كل ما يمكن أن يُطلب مني في شأنها .. ……………………. كان لي الشرف .. أن أختار عنوان مجموعته الزجلية " رزة القاضي" .. و إن لم أكن الوحيد الذي استشاره في المسألة .. و اختار نفس العنوان .. فأنا على يقين من أن اختياري كان فاصلا لديه .. فلم يستشر بعدي أحدا .. حتى صدور الكتاب بعد ذلك .. و بقائه بدون التفاتة .. فكان لا بد لي .. من أن أبادر إلى تنظيم حفل توقيع له .. قبل أربع سنوات .. و مرة أخرى حين رام إصدار ديوانه الثالث .. الذي لم يكتب له الصدور بسبب مرضه .. قام بدعوتي لاختيار العنوان المناسب .. و فعلا استقر الرأي على عنوان دعّم اعتماده الأخ مرزاق .. ………………………. حين نظمت أكبر حفل تكريم استفاد منه الراحل .. أيام 2 و 3 و 4 يوليوز 2004 .. ضمن فعاليات .. الدورة الثانية من مهرجان " عرس الوفاء " .. الذي أبدعته زمن كنتُ ضمن جمعية الصداقة .. و بمناسبة فعاليات المهرجان .. أطلقت عليه ( أنا و ليس أي أحد آخر ).. لقب * شيخ زجالي العرائش * .. و منذ ذلك التاريخ .. و اللقب يلازمه .. حتى أضاف إليه شاعرنا المبرز المصطفى جديعة .. كلمة " و إمامهم " .. خلال حفل توقيع ديوان " رزة القاضي" .. فقد كان بحق .. شيخ الزجالين و إمامهم .. يشهد له الجميع بالكفاءة و الإجادة و التربع .. على كرسي الريادة .. شاعرا أنيقا راقيا عرائشيا قحا .. ساهم في الحفاظ على العديد من عناصر .. المنطوق اليومي و ثرات أهل العرائش .. ……………………… حضيت بشرف .. كون أن سيدي عبدرحمن .. كان الوحيد الذي .. نظم في حقي أكثر من قصيدة و في أكثر من مناسبة .. فقد كنت أتمتع عنده تقبله الله بمكانة خاصة .. كما كان لي شرف مبادلته نفس الفعل .. فألفت نصوصا خاصة به كان أكبرها قصيدة : شيخ الزّجّالا .. كما كان الوحيد الذي غنيت له أغنية .. خاصة بمجموعة أصداء من غير كلماتي .. طيلة مسيرتي التي استمرت ل 44 سنة .. و كانت من تلحين المرحوم محمد بنحيون و بمساهمتي .. …………………. تجري الأقدار بما لا نشتهي .. فرغم كل ما ربطني بأبي عبد الرحمان .. و كل ما جمعني به مما كان متميزا على الجميع .. كتب لي أن لا أكون بالعرائش يوم وفاته .. ربما رأفة بي ..!!!!!! لعدم بقاء مكان شاغر في دواخلي المهدودة .. أتحمل فيه لوعة حضور حشر عزيز آخر .. …………………. سأظل أدين لك يا سيدي عبد الرحمان .. بكل الحب و الإجلال .. يا من كنت أرى في ملامحك .. ابتسامة و كلام و قامة .. المرحوم أبي .. الذي فقدته .. و أنا ابن أربعة أعوام و خمسة أشهر فقط .. سأظل أحمل لك معاني الانتماء للعرائش .. أحيائها و معالمها .. تاريخها و جغرافيتها و موروثها .. سأظل أرى فيك نموذجا للإنسان العرائشي القح .. الذي يُلمس و يُشتم فيه عبق التجدر و التمكن .. و الرّيادة التاريخية للحضارة المحلية التي .. تُعلم كيف يجب أن يكون الإنسان إنسانا!!!