وانا استغل فترة الحجر لمشاهدة الافلام السينمائية المغربية كطقس يومي جميل اكتشفت هذه التحفة السينمائية فيلم الدارالبيضاء يا الدارالبيضاء الذي انتج في 2001 اي بعد خمس سنوات فقط من اللحظة التي تدور فيها احداث الفيلم 1996 الفيلم للمخرجة الطنجاوية فريدة بليزيد خريجة المدرسة السينمائية الفرنسية حيث تظهر تقنيات هذه المدرسة جلية في العمل من حيث الاختيارات التقنية والبناء الدرامي الكلاسيكي لقصة الفيلم والمعالجة الفنية لاحداث تاريخية في قالب روائي درامي . يبدأ الفيلم بحدث عودة مواطن مغربي كان متعاطفا مع قضايا النضال في السبعينات والثمانينات وكان مهاجرا في كندا و في نفس الوقت يدير شركة للاستراد والتصدير في المغرب وأول لقاء له مع صديقه الصحفي بجريدة economiste وهو معتقل سياسي سابق . حدثه عن عملية التطهير التي تستهدف كبار التجار الذين يشتغلون في مجال التهريب التي تنفذها وزارة الداخلية . وزير الداخلية في تلك الفترة هو ادريس البصري رجل المرحلة والذي عرفه جل المغاربة بصرامته واخلاصه للقصر وكانت هذه العملية باشراف مباشر من الملك الراحل الحسن الثاني كما تظهر بعض الكتابات التاريخية وانه بدأ الاعداد له سنة قبل التنفيذ باجتماعات مع الوزير الأول آنذاك عبد اللطيف الفيلالي ووزير العدل عبد الرحمن امالو وكلف بإنجاز المهمة ادريس البصري مستعملا كل وسائل وزارة الداخلية واستهدفت الحملة 4500 من التجار الكبار . السؤال الذي يطرح نفسه لما لجأ المغرب بقرار سيادي بمحاربة التهريب مع العلم انه كان يتم بعلم السلطات ، الكل يعرف أن المغرب خرج من سياسية التقويم الهيكلي العشري مهددا بسكتتة قلبية كما أبدت تقارير البنك الدولي ، والكل يعلم أن المستفيد الأول من التهريب هم التجار وليس الدولة لان التهريب هي عملية تهرب ضريبي بالأساس وان الاصل هو الاستيراد والتصدير القانوني ونظرا لحاجة المغرب لتأمين حاجاته من السيولة النقدية ونظرا لانه اغرق بالديون الدولية فقد استغل هذا المعطى الموجود في السوق المغربي بذكاء فقام بهذه الحملة بضرب عصفورين بحجر اولا تطهير السوق ثانيا فرض على التجار الاستيراد بطريقة قانونية والاهم انه فرض على المجموعة الاوربية توقيع اتفاقية شراكة الاساس لاتفاقية التبادل الحر ومعها الاستفادة من المساعدات المالية . الفيلم لم يتطرق لهذا التحليل للواقع الاقتصادي فقط أشار للحدث عملية التطهير واقعها على تجار درب عمر بالدارالبيضاء الفيلم تطرق كذالك لمحاولات التدخلات التي قامت بيها اللوبيات الاقتصادية التي كانت تنشط بقوة انذاك وتطرق للطريقة التي كانت تعد بها الملفات الموجهة للقضاء في هذا الصدد وكانت ملفات جاهزة بشاكلة ملفات القضايا السياسية في السنوات السابقة . لكن الفيلم كذالك اثار باستغراب موقف وزير حقوق الإنسان انذاك زيان المذكور بالاسم في الفيلم واظن انها المرة الأولى التي يصرح بها باسم مسؤول في فيلم مغربي الذي قدم استقالته مباشرة على الهواء في انتقاذ الحملة التي تواجه التجار رغم أن كبار التجار لم يكونوا يقومون بواجباتهم الكاملة في تأدية الضرائب وكانوا يعتبرون أنفسهم فوق القانون وهذا مابرزته المخرجة من خلال قصة مكملة قصة وفاة فتاة بعد محاولة اغتصاب من طرف ابن رجل أعمال مشهور وتمكنه من طمس القضية بمكالمة هاتفية . ومن خلال بحث قمت به لاستطلاع المواقف في تلك الفترة اثارني تضامن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان مع التجار ومراقبة وزير الداخلية في الموضوع. الفيلم يعود بنا لسنة كلها احداث مفصلية في تاريخ المغرب سنة استثنائية سنة دستورية ستعرف المملكة الدستور الخامس وستعرف ميلاد البرلمان المغربي بشكله الحالي .