رصد تقرير مراقبة تسيير صندوق الإيداع والتدبير، الذي أعده المجلس الأعلى للحسابات، اختلالات بالجملة، وخروقات للصندوق، الذي عرف عدة تغييرات، من حيث اتساع نطاق أنشطته التي شملت قطاعات تنافسية جديدة، وتزايد عدد الشركات الفرعية والمساهمات المالية. غير أن هذا التطور تم بصفة تتجاوز إطاره القانوني. لكن تبقى أهم الملاحظات التي كشفها التقرير، هي المتعلقة بالتخطيط الاستراتيجي، الغائب أو المعطل في بعض الأحيان، وبالتالي تصبح مؤسسة عمومية كبرى من حجم صندوق الإيداع والتدبير أمام عشوائية مدمرة، في التدبير والتسيير والاستثمار على المستوى الداخلي أو الخارجي، مما يحقق مخاطر مالية واقتصادية شتى في مجالات استثمار الصندوق عبر شركاته الفرعية.
وسجل التقرير، “عدم استقرار الرؤى الإستراتيجية للصندوق، حيث تطور الصندوق من مؤسسة لتجميع الأموال الادخار واستثمارها في سندات الخزينة إلى فاعل اقتصادي نشيط يستثمر في مجالات تواجه بشكل كبير العديد من المخاطر”. وبعد افتحاص المجلس الأعلى للحسابات لهذه الرؤى غير مستقرة، خلص حسب نص التقرير إلى غياب تقييم للأهداف المحددة في المخططات الإستراتيجية السابقة، كما سجل قصور آليات التتبع، بالإضافة إلى نقص في مجالات التتبع من جانب أعضاء هيئات الحكامة. فيما يتعلق بالعشوائية في تدبير الشركات الفرعية، سجل التقرير أنه لا حصر لها، مشيرا الى ان الشركات الفرعية بعيدة كل البعد، عن أعين أجهزة الرقابة التي يفرضها الظهير المؤسس للصندوق، على كل أجهزة الصندوق. وأكد التقرير على أن “عمليات التدقيق لم تشمل الشق المتعلق بتشخيص استراتيجيات الشركات الفرعية وطرق قيادتها، واستعمال القروض والتسبيقات الممنوحة، ومنظومة الرقابة الداخلية، والعمليات المتعلقة بالإدارة، وتدبير المخاطر، وحكامة الشركات الفرعية”. ووقف التقرير على وجه آخر للعشوائية التي يتعمدها صندوق الإيداع والتدبير في تسييره، موردا: “أن افتحاص عمليات المساهمة في رأسمال عيِّنة من الشركات الفرعية والمساهمات المالية التابعة لصندوق الإيداع والتدبير، كشف عن عدم تقيد الصندوق بالحصول على الإذن المسبق من رئيس الحكومة كما تنص على ذلك مقتضيات المادة 8 من القانون رقم 89-39 كما تم تغييره وتتميمه طبقاً للقانون رقم 98-34 المأذون بموجبه بتحويل منشآت عامة إلى القطاع الخاص”. وأشار التقرير أيضا، إلى غياب قواعد تؤطر تدبير محفظة “المساهمات المالية المباشرة”، حيث أفاد: “أن تدبير محفظة المساهمات المالية، يتم في غياب قواعد محددة مسبقا تؤطر الجانب المتعلق بتمركز الاستثمارات ومواجهة المخاطر، على مستوى كل قطاع وكل استثمار على حدة، وكذا من حيث مستوى مؤشر “المخاطر بالمقارنة مع العائد المرتقب ضمن القطاع المستهدف”. وتظهر العشوائية التي رصدها التقرير، بشكل جلي في استثمارات الصندوق على المستوى الدولي، حيث أفرز تحليل الاستثمارات الدولية للصندوق عدة ملاحظات سجلها التقرير. وأبرز أن القرارات المتعلقة بتنويع الأصول عبر شراء مساهمات مالية في الخارج لا تتم عن رؤية استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار القيود التي تواجه الصندوق، خاصة في الشق المتعلق بتأمين أمواله، حيث لم يضع هذا الأخير بصورة مستقلة نموذجا ملائما لتدخلاته على مستوى السوق الدولية يقوم على أساس دراسات معمقة تراعي التوزيع الإجمالي لأصوله وقواعد احترازية للاستثمار. هذه العشوائية، من قبل الصندوق في الاستثمارات، تكثر من المخاطر بشكل كبير، حيث أفاد التقرير، أن “الأرباح الناتجة عن المساهمات المالية على المستوى الدولي ظلت ضعيفة وغير منتظمة”. وأضاف التقرير أيضا، “أنه زيادة على الاحتياطات المهمة المتعلقة بتراجع قيم المساهمات الثلاث المشار إليها أعلاه، تجدر الإشارة إلى أن الوضع المالي للشركتين الفرعيتين CMVT Intrnational و TCM يعاني من ثقل تكاليف الفوائد الناجمة عن ديون التمويل إثر اللجوء إلى المديونية قصد تمويل هاته المساهمات”. وسجل التقرير ان هناك اختلالات وملاحظات شتى، بخصوص استثمارات صندوق الإيداع والتدبير، في مجال السياحة، والخدمات، وشركات التنمية المحلية، والسكن الاجتماعي والاقتصادي.