جاء في ملف "حرفة بوك لا يغلبوك...أو عندما تورث (المناصب) للأبناء" للعدد 1539 لجريدة المساء تغطية عن ظاهرة التوريث المشخصة في اختياركم لعدد من "الأبناء و آبائهم" استنادا بدراسات في علم الاجتماع. هذا الملف في فلسفته العامة يصحب فكرة التنديد بالامتياز و المحسوبية و القبلية و الحزبية الخ من المصطلحات التي نمقتها و الشعب المغربي عامة. هذه الظواهر استشهد من اجلها عمر بنجلون بمسؤولية الدولة و الشبيبة الإسلامية آنذاك و ضحى من اجلها أخوه احمد بنجلون الذي نفي و سلم للجنرال اوفقير من مدريد سنة 1969 لدفاعه عن الحق و نال حقه من السجون و التعذيب في مراكش و القنيطرة و في المعتقل السري دار المقري. هل يضم في زمام الورثة لأنه أخ عمر بنجلون ؟ سؤال يبدو ظالما...ولكن في أوساط النظام يضلل بالناس و يقال ذلك حينما تؤخذ المواقف لنصرة الشعب المغربي و يتعذر لهذه الكتائب الرد بالفكر و بالموقف المناقض. احمد بنجلون في هذا المقال يقدم كأنه "وجهني للسياسة و انسحب". هو فعلا لقبني ب "عمر محمود", نسبة لشهيد النضال الديمقراطي و الشغيلة المغربية و اليسار المغربي و الصحافة الوطنية و القضية الفلسطينية و الأممية عمر بنجلون, و محمود عن الشهيد محمد بنونة الذي سقط في ساحة الشرف في أحداث مولاي بوعزة سنة 1973. إذا كان هذا توجيه سياسي فكان لينسحب عند خروجي من الأمية أي سنة 1980بما أنني من مواليد 1977. لم يفعل بل في 1981 اعتقل في إطار الإضراب العام و اعتقل في 1983 بعد مؤامرة المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي آنذاك و كنا نواكب المحاكمات و الزيارات في السجون مع أطفال و عائلات المناضلين. في مطلع التسعينات ساهم في تأسيس حزب الطليعة بعد تأسيسه لجرائد المسار و الطريق, سيدافع عن قضايا الشعب و حقوق الإنسان و سيشارك في انتخابات 2007 رغم تزويرها, حتى أصيب بالشلل في مطلع 2008. فكان امتيازه الوحيد هو الاعتراف بصفائه و نضاله و صموده من طرف الخصوم و الأصدقاء و حتى من ملك البلاد. فاختياري لللاتحاد الاشتراكي كان عن قناعة لجدوى توحيد اليسار ,رغم الجراح, بالمساهمة في حركة تصحيحية من داخل التنظيم. كنت في المجلس الوطني و الكتابة الإقليمية لفرنسا و لكني استقلت من المسؤوليات في التحضير للمؤتمر الثامن, لقناعة و هي استحالة إصلاح السفينة لأسباب موضوعية لن ارجع إليها هنا. فهذا مخالف لما جاء في ملف المساء الذي يعتبرني مسؤول تنظيمي. اليوم انتمي للعائلة الاتحادية كانت في الاتحاد الاشتراكي أو في الطليعة أو في الاشتراكي الموحد حارص على حرية مواقفي و مساهم بتواضع في ترميم البيت اليساري. فأهدافنا تتنافى مع مفهوم "التنافس مع أبناء الحزبيين عن القيادة" كما جاء في المقال, و نعتبره احتقارا لطموحنا و للمناضلين و عائلاتهم المنخرطة في النضال, بتتفيه لالتزامهم النضالي و اعتباره مجرد تسلق في هرم الوصولية كما أسست له الدولة المغربية منذ عقود لمحاولة تشويه السياسة. وضع المناضلين في سلة واحدة مع مجموعة من المستفيدين من ريع النظام يعتبر خلطا قد يغرق الناس في حفن لا تليق بسمعتهم, مع احترامي الصادق لجريدة المساء, خاصة و أنني في لجنة الدفاع عن رشيد نيني, و لبعض الأصدقاء و الشخصيات التي نحترمها رغم اختلافنا معها و الواردة في الملف المذكور. في مقالكم قلتم أنني "اشغل بفرنسا". كان صحيحا عندما كنت عون محلي في قنصلية المغرب بمرسيليا و استكمل دراستي في القانون كجميع الطلبة الذين يشغلون بالموازاة مع النشاط الجامعي باجرة تقل عن "السميك". فلم احضى بأموال الخارجية و "الصناديق السوداء" التي استفاد منها أجيال من أبناء النظام بل حوربت لعدم امتثالي لأغراض مهنية موجهة ضد أبناء الشعب و نهب الجالية و المال العام و لا داعي هنا للرجوع إلى التفاصيل. فبعد ذلك زاولت المحاماة في فرنسا بعد التحصل على دوكتوراة في الحقوق و بعد مرض والدي اضطررت لترك فرنسا, حريتها و احترامها للشرعيات الحقيقية, النضال هناك و الالتصاق بالأنوار, للتكلف بمكتب محاماة الوالد في الرباط. أزاول أيضا التدريس و البحث في مجال القانون و العلوم السياسية بحكم كفاءة معترف بها في الجامعات الفرنسية و النشر العلمي و الإعلامي. للتذكير فوالدتي, المراءة التقدمية التي ساندت والدي في سنوات الرصاص, من أسرة التعليم و كونت أجيالا من "أولاد الشعب" الذين يكنون لها الاحترام. للختم, أنا مناضل فخور بانتمائي للحركة الاتحادية الأصيلة منذ صقل ذاكرتي الطفولية, بغض النضر عن التنظيم المنسوب للحركة, و أمام التاريخ و الإنسان و الذاكرة, أنا لم ارث دولة بجيوشها و لا مناصب إدارية أو مواقع حزبية و لا ترخيصات اقتصادية أو إمبراطوريات مالية و لا شبكات "التصدير و الاستيراد" أو ضيعات فلاحية و لا جمعيات أو مختبرات وهمية...تغطي عن فشل معين. افتخر بإرث ثقيل يذكرني يوميا بالشهداء و "توريث" فكرة الوطن ... و الالتزام من اجله فقط. محامي بهيئة الرباط و باحث في القانون و العلوم السياسية. *مقولة للشهيد عمر بنجلون