مسؤول إيراني: نحن أمام خيارين.. إما أن نضع سوريا في فم الذئب أو أن نساهم في إنهاء الاشتباكات لم يعد أمام الرئيس السوري بشار الأسد الذي يواجه احتجاجات هائلة في الداخل وعزلة من دول غربية وعربية مجاورة بسبب قمعه الشديد للمعارضة سوى إيران كقوة داعمة له. ويصف الساسة والإعلام بإيران حكومة دمشق بأنها إحدى نقاط مقاومة إسرائيل. ومع سحب عدد من دول الخليج سفراءها من سوريا احتجاجا على العنف وقيام دول كانت مقربة يوما لدمشق مثل روسيا وتركيا بانتقاد النظام هناك بشدة تصبح إيران هي البلد الكبير الوحيد الذي ما زال يدعم سوريا وتقول إن أي شيء دون ذلك سيعني كارثة. وقال علاء الدين بروجردي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الإيراني، «فيما يتعلق بسوريا فإننا نواجه خيارين.. الأول هو أن نضع سوريا في فم الذئب الذي يدعى أمريكا ونغير الظروف بطريقة تجعل حلف شمال الأطلسي يهاجم سوريا... وهذا يعني إضافة مأساة أخرى إلى مآسينا في العالم الإسلامي». وأضاف «الخيار الثاني هو أن نساهم في إنهاء الاشتباكات في سوريا... مصلحة المسلمين تقتضي أن نحشد أنفسنا لدعم سوريا باعتبارها مركزا للمقاومة الفلسطينية». وأكد رجل الدين آية الله العظمى ناصر مكارم شيرازي على هذه النقطة قائلا «من واجب المسلمين المساعدة على تحقيق الاستقرار في سوريا في مواجهة مؤامرات أمريكا وإسرائيل». كانت إيران قد لجأت إلى قواتها لإخماد احتجاجات هائلة أعقبت انتخابات رئاسية جرت عام 2009 وكانت نتيجتها مثار نزاع. ووصف أيضا زعماء إيران تلك الاحتجاجات بأنها مؤامرة غربية. وكانت طهران تأمل أن تكون ثورات الربيع العربي -التي وصفها الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي بأنها «صحوة إسلامية»- إيذانا بنهاية دعم الولاياتالمتحدة للنظم الاستبدادية وبداية عهد جديد من الوحدة بين المسلمين لمواجهة الغرب وإسرائيل. وفي ذكرى رحيل آية الله روح الله خميني زعيم الثورة الإيرانية في يونيو قال خامنئي «موقفنا واضح.. في أي مكان تكون هناك فيه حركة إسلامية وشعبية مناهضة للولايات المتحدة فسوف ندعمها». ودون أن يذكر سوريا بالاسم مضى قائلا «إذا ظهرت حركة في مكان ما بإيعاز من أمريكا والصهاينة فلن ندعمها. أي مكان تدخله أمريكا والصهاينة للإطاحة بنظام ما واحتلال البلاد سنكون على الطرف الآخر». وقال محمد مرندي، وهو أستاذ مساعد في جامعة طهران، إن دعم إيران لسوريا يستند إلى مصلحة مشتركة في تعزيز مقاومة إسرائيل -إذ أن كلا البلدين يدعمان حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله- مضيفا أن من الواجب استمرار دعم الأسد بينما هو يمضي في إصلاح نظام الحزب الواحد. وتابع قائلا لرويترز «ترى إيران دائما أنه ينبغي عدم إضعاف سوريا لأن النظام الإسرائيلي سيستغل حتما فرصة أي ضعف». ومضى يقول «بأي حال فإن الإصلاحات الحقيقية لا يمكن أن تنفذ إلا في ظل مناخ سلمي. الحملة الإعلامية الغربية والعربية الموالية للغرب ضد سوريا تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد ومنع سوريا من تنفيذ إصلاحات تبقيها قوية وتبقيها حكومة مناهضة لإسرائيل في السلطة». وقلل مرندي من شأن تقارير إعلامية عن زيادة إيران المساعدات لسوريا. وقال «لم أسمع عن تقديم أي مساعدات غير معتادة إلا في وسائل الإعلام الغربية أو المنابر الإعلامية التي تمتلكها أنظمة عربية مستبدة»، في إشارة ربما إلى "الجزيرة" و"العربية". وفي حين أن الاضطرابات في سوريا لم تكن غائبة عن الذكر في إيران، فإنها لم تلق على الإطلاق نفس القدر من الاهتمام مثل الثورات في مناطق أخرى بالمنطقة خاصة البحرين حيث ساعدت المملكة العربية السعودية الحكومة على إخماد الاحتجاجات التي قادها الشيعة. وفي الأيام القليلة الماضية وبينما كانت وسائل الإعلام الغربية تتحدث عن ارتفاع عدد القتلى في سوريا رغم أنه غير مسموح لها بالعمل هناك ركز التلفزيون الإيراني على الاضطرابات في بريطانيا حتى أن الأمر بلغ ببعض الصحفيين الإيرانيين إلى حد وصف الوضع هناك بأنه «حرب أهلية». ومع انقلاب دول عربية خليجية على الأسد واتخاذ تركيا التي تمثل جسرا بين الشرق الأوسط والغرب موقفا أكثر تشددا تعكس صحف إيرانية عزلة طهران المتزايدة. فبعد أن نأى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ببلاده عن إسرائيل وتقربه للعالم الإسلامي منذ أن تولى السلطة عام 2003 فاجأ البعض في إيران بالتغير الحاد في موقفه. وقال «في سوريا الدولة تصوب البنادق على شعبها... رسالة تركيا للأسد واضحة جدا.. أوقفوا كل أشكال العنف وإراقة الدماء». وقالت صحيفة قدس اليومية المتشددة إن تركيا بدلا من أن تبدي دعمها لسوريا وإيران، فإنها أذعنت للضغوط الأمريكية. وكتبت في مقال افتتاحي «إذا لم تغير حكومة رجب طيب أردوغان نهجها السياسي إزاء سوريا فان تركيا ستكون الخاسر الرئيسي في الأحداث السورية إذا خرجت دمشق من الأزمة الحالية». ووجهت الصحف أقسى انتقادات لدول الخليج العربية خاصة السعودية التي زاد توتر علاقاتها مع إيران في الأشهر القليلة الماضية. وقالت صحيفة سياست روز في مقال افتتاحي «الطعن في الظهر أصبح عادة بين الدول العربية مثل الطريقة التي سبق وأن خانت بها فلسطين وليبيا والعراق والسودان. والخيانة الحالية مع سوريا يجب ألا تحمل مفاجأة». وأضافت الصحيفة المحافظة «ما زالوا تحت وهم أن التحالف مع أمريكا يمكن أن يساعدهم في الحفاظ على مؤسستهم ويعيد مكانتهم التي فقدوها في المنطقة». وقالت صحيفة أرمان الإصلاحية اليومية إن السعودية والبحرين ترسمان فيما يبدو الخطوط لصراع إقليمي في المستقبل. وأضافت «أنهما تريدان أن تهيئا الأجواء نفسيا بحيث تقفان -إذا كان هناك صراع مع سوريا ودعمتها إيران- على الجانب الآخر وضد إيران». ومضت تقول «كل الدول التي تريد أن تسوي حساباتها مع إيران ستسعد لدخول إيران مثل هذا الصراع وبعدها -وباسم المجتمع الدولي- ستؤذي إيران». وأشارت الصحيفة إلى ضرورة إسراع الأسد بتنفيذ وعود الإصلاح السياسي لكن مع ارتفاع عدد القتلى هناك والذي قالت الصحيفة انه بلغ 2000 «فإنه يبدو أن الوقت قد مضى بالنسبة لبشار الأسد للخروج من هذا الوضع الصعب». وخلصت الصحيفة الإصلاحية إلى أن الوقت ربما يحين قريبا كي تعيد طهران التفكير في دعمها الشديد للأسد. وتابعت «إذا استمر الوضع القائم في سوريا فإن الوقت يكون قد حان لإيران كي تفكر في مصالحها على المدى الطويل»، مضيفة أن الدعم المطلق للأسد ربما يجعل إيران تدعم حكومة «أطيح بها من السلطة... لا يمكن أن تفيد نفسها ولا إيران». *رويترز --- تعليق الصورة: الأسد يلاعب أبناءه