30 غشت, 2018 - 09:40:00 نشرت مجلة "الإكسبريس" الفرنسية على موقعها على الانترنيت، مقال يعقد مقارنة بين المغرب والصين، ويقول صحابه، وهو لوران ألكسندر طبيب جراح و صاحب شركات ومستثمر في المجال التكنولوجي، بأن المغرب كان أغنى خمس مرات من الصين عام 1980. وفيما يلي نص المقال كاملا مترجما إلى العربية. في عام 1980 كان المغرب أغنى من الصين خمس مرات لقد غيّرت العولمةُ العالمَ رأسا على عقب: هناك ملياران من البشر انتشلتهم العولمة من حالة الفقر المدقع و معدل طول العمر تضاعف في البلدان الصاعدة كما أن ظروف المعيشة عرفت على العموم تحسنا غير مسبوق في التاريخ البشري ولكن هذا التقدم يختلف كثيرا من بلد لآخر : فالبلدان والمناطق التي تعيش على الرأسمال المعرفي تعرف نموا ملحوظا وهو ما غيّر بشكل بارز ترتيب الأمم على سُلّم التقدم. في عام 1960 كانت كوريا الجنوبية تتوفر على نفس الثروة الفردية التي تتميز بها بلدان إفريقيا السوداء الفقيرة جدا ولم تتجاوز المغرب إلا في سنة 1970 أما اليوم فإن كوريا الجنوبية أصبحت عملاقا تكنولوجيا يُحسب له ألف حساب في مجالات الشر ائح الإلكترونية و شاشات الحواسيب والبرامج المعلوماتية و الهواتف النقالة الذكية وحتى التقنيات النووية. في عام 1980 كان المغرب أغنى من الصين خمس مرات لأن الدخل الفردي السنوي كان يبلغ فيه 1075 دولار مقابل 195 دولار فقط في الصين.... لقد أصبحت الصين اليوم قوة علمية بينما المغرب لا زال قابعا في لائحة الدول الفقيرة ولا زالت نسبة الأمية فيه تبلغ 40 في المائة لدى النساء . هذا علماُ أن ملك المغرب رجل متنور وتحيط به نخبة تقنوقراطية مثقفة جدا ولكن ذلك لا يكفي من أجل اللحاق بكوكبة البلدان الأسيوية التي تستثمر في البحث والإبداع والتعليم و تطوير الذكاء الاصطناعي. لا يوجد في مجموع بلدان شمال إفريقيا ولو مركز واحد للأبحاث العلمية يستحق هذا الوصف لأن العلماء الحقيقيين في تلك البلدان لا يحظون بالتقدير الذي يحظى به الفقهاء في المجال الديني. لقد كانت فنزويلا أغنى من سنغفورة في عام 1970 وتحولت اليوم إلى بلاد بئيسة تهجرها النخبة المثقفة والطبقة الوسطى وكانت فرنسا أغنى من سنغفورة ثلاث مرات في سنة 1970. عندما سيدرك الفرنسيون أن سكان سنغفورة يتوفرون اليوم على مستوىً للمعيشة يضاعف المستوى الفرنسي سيحاسبون النخبة السياسية الفرنسبة التي حكمت البلاد منذ أكثر من أربعين سنة. هذه التحولات الجيوسياسية ليست وليدة الصدفة بل هي نتيجة الاستثمار الضخم في المجال العلمي والتكنولوجي الذي عرفته بلدان شرق أسيا ( الصين و سنغفورة وطايوان وهونغ كونغ و كوريا الجنوبية), لقد انتقل نصيب الصين من النفقات البحثية العالمية من 2 في المائة عام 1995 إلى 23 في المائة في الوقت الحالي فتجاوزت أوروبا بأكملها واقتربت من حجم نفقات الولاياتالمتحدةالأمريكية. لقد أصبحت لبلدان شرق آسيا نمورا علمية بينما لا تكاد تتجاوز نفقات بلدان جنوب أوروبا على البحث العلمي نسبة 1 في المائة من الناتج الداخلي الخام, تبلغ هذه النسبة 2,2 في المائة في فرنسا بينما تبلغ 5 في المائة في كوريا الجنوبية. تعتبر الطبقة السياسية الفرنسية أن صعود ترتيب بلدان آسيا في تصنيف "بيزا Pisa" وهو البرنامج الدولي لتتبع التحصيل العلمي للتلاميذ، موضوعا من الطابوهات التي لا ينبغي الحديث عنها. ففي ميدان العلوم تحتل سنغفورة المرتبة العالمية الأولى و يتفوق الأطفال الصغار من طايوان والفيتنام وكوريا الجنوبيةوالصين على أقرانهم الفرنسيين الصغار كما أن هذه البلدان الأسيوية تسهر على تكوين ملايين المهندسين والباحثين ذوي المستوى الرفيع حتى أصبحت هذه البلدان هي الرائدة العالمية في مجال الرأسمال المعرفي ورغم ذلك فإن الزعماء السياسيين في أوروبا يندهشون لكون منتوجات بلدانهم أصبحت ذات جودة هزيلة كما هي هزيلة أجور العمال في أوروبا. لقد أصبحت آسيا تنتج شرائح الحاسوب بينما أوروبا تكتفي بالمنتوجات السخيفة وبلدان آسيا تهيئ أبناءها ليصبحوا في المستقبل القريب يعيشون ويشتغلون في انسجام مع تقنيات الذكاء الاصطناعي . إن بلدان شرق آسيا لا تخاف من المستقبل : إن 90 في المائة من الصينيين ( مقابل 30 في المائة من الفرنسيين) مقتنعون أن الذكاء الاصطناعي مفيد للمجتمع. فإذا أردنا أن لا نصبح نحن الخاسرين في ميدان الرأسمال المعرفي علينا أن نقدّر الباحثين والمهندسين وأساتذة العلوم حق التقدير وهاهي بلدان آسيا تنير لنا السبيل في هذا المجال. - الكاتب : لوران ألكسندر طبيب جراح وصاحب شركات ومستثمر في المجال التكنولوجي - المصدر: مجلة "الاكسبيريس" الفرنسية - الترجمة إلى العربية: موقع "لكم2".