28 غشت, 2018 - 11:04:00 حذر المجلس الأعلى للحسابات من أن نظام المعاشات المدنية بالصندوق المغربي للتقاعد يعاني من وضعية مالية هشة أدت إلى تسجيل عجز تقني سنة 2014 وصل إلى 936 مليون درهم، وسرعان ما ارتفع إلى 2.68 مليار درهم سنة 2015، و 4.76 مليار درهم سنة 2016. وأشار المجلس في تقريره السنوي برسم سنتي 2016-2017 ، أنه في أغلب أنظمة التقاعد الحديثة تتم تصفية المعاشات على أساس متوسط األجر المحصل عليه خالل مدة طويلة نسبيا، وفي كثير من البلدان يعتمد متوسط األجر خالل طول مدة المساهمة لتصفية المعاشات. وهو ما يتيح تحقيق الملاءمة بين مستوى المساهمات والمعاشات المستحقة. غير أن نظام المعاشات المدنية اعتمد، قبل إصلاح 2016 ، على آخر أجر يتقاضاه الموظف أثناء فترة انخراطه في النظام كوعاء لتصفية المعاشات، و هذه الوضعية كانت سببا في عدم التناسب بين المساهمات المحصلة من قبل النظام والمعاشات المستحقة. وأوضح التقرير أن هذه الوضعية إلى جانب عوامل أخرى أدت إلى تفاقم العجز المالي للنظام خصوصا مع المنحى التصاعدي التي تعرفه الترقية في الدرجة في اإلدارة العمومية مع اقتراب موعد اإلحالة على التقاعد. وحذر المجلس من أن يتواصل هذا المنحى مستقبلا في ظل التغييرات التي يعرفها موظفو الدولة، خصوصا ارتفاع عدد الأطر الذين ينهون مسارهم الإداري في أعلى الدرجات، حيث انتقلت نسبة الأطر من فئة المتقاعدين من 12 %سنة 1990 ،إلى 38 %سنة 2005 ثم إلى 42 %سنة 2010 ،وأخيرا إلى 50 %سنة 2015. وعدد التقرير العوامل التي تسبب في عجز نظام المعاشات المدنية بالصندوق المغربي للتقاعد، ومن بينها تحمل التعويضات العائلية من قبل النظام، حيث لا توجد احتياطيات ولا اشتراكات خاصة بالتعويضات العائلية، وتمثل المبالغ التي يتحملها النظام لهذا الغرض 5,1 % من مجموع المعاشات. بالإضافة إلى المنح الفوري للمعاشات في حالة التقاعد النسبي خالفا لما هو معمول به في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد(RCAR )المدبر من قبل صندوق الإيداع والتدبير، ونظام التقاعد المدبر من قبل الصندوق الوطني للضمان االجتماعي (CNSS ). ففي السنوات الأخيرة ، لوحظ ارتفاع مفاجئ لعدد المستفيدين من التقاعد النسبي، حيث بلغ هذا العدد سنة 2013 ما مجموعه 1635 وفي سنة 2015 قفز إلى 7521وتجاوز في سنة 2016 عدد 8617. وأكد المجلس الأعلى للحسابات على أهمية االإصلاح المقياسي الذي أقرته الحكومة في صيف 2016 مشيرا أنه سيكون له أثر إيجابي على ديمومة النظام والحد من ارتفاع مديونيته، لكن بالمقابل وبالنظر الى حجم الاختلالات التي يعرفها النظام وكذا طابعها الهيكلي، فإن أثر هذه الاصلاحات لن يجدي في الأمد القريب وسيظل يعاني من عدم توازنه ما لم يخضع لمسلسل إصلاح عميق. وقدم المجلس حزمة من التوصيات لإنقاذ المعاشات المدنية بالصندوق المغربي للتقاعد وضمان ديمومتها، من أهمها التوجه نحو خلق قطب للقطاع العمومي لتيسير تأسيس نظام تقاعد متوازن دائم، توحيد قواعد احتساب المعاشات بالنسبة لجميع مكونات القطاع العمومي. إلى جانب التوجه نحو تعريفة خدمات تأخذ بعين الاعتبار النمو الديمغرافي، والسوسيو-اقتصادي للبلد، اعتماد معدل تعويض معقول مع الأخذ بعين الاعتبار الموظفين الأقل دخلا، والتوجه نحو تحديد سقف المعاشات مع إمكانية إدخال الرسملة حتى لا تتحمل الأجيال القادمة ثقل الإصلاح ذلك أن النشطاء المتوفرين على أجور عالية يمكنهم الاكتتاب في نظام تكميلي للتقاعد على شكل رأسمال أو أقساط مدى الحياة تحدد مبلغهما وفقا لقدرتهم على المساهمة ورغبتهم في االادخار. كما أوصى المجلس أيضا باعتماد منطق التدرج في تنزيل الاصلاح على مراحل طبقا لخارطة طريق يمكن اعتمادها في قانون إطار، والمحافظة على القدرة الشرائية للشرائح الاجتماعية الأقل دخلا، والأخذ بعين الاعتبار وضعية الأشخاص المزاولين للمهن الشاقة، مع المحافظة على الحقوق المكتسبة قبل تنفيذ الاصلاح.