16 مارس, 2018 - 04:54:00 قال الأستاذ الباحث في المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، عبد الجليل بوزوغار، إن آثار جينات الإنسان التي تم اكتشافها بمغارة الحمام بتافوغالت ستمكن من إعادة تشكيل الإرث الجيني لساكنة إفريقيا، مهد الإنسانية. وأوضح بوزوغار، مدير مختبر المصادر البديلة لتاريخ المغرب، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الاكتشاف يعد تاريخيا على اعتبار أن الأمر يتعلق بأقدم آثار لجينات إنسان في إفريقيا، مشيرا إلى أن الآثار التي عثر عليها في مالاوي سنة 2017 تعود إلى 8100 سنة، فيما تعود تلك التي تم العثور عليها في مغارة الحمام إلى 15 الف سنة، لتجعل من هذه المنطقة بالمملكة فضاء رئيسيا للتاريخ البيولوجي للإنسان. وأشار إلى أن الأبحاث انطلقت سنة 2003، لكن علماء الآثار لم يعثروا خلال تلك الحقبة على أية آثار تتعلق بهذا النوع من التحاليل، (آثار جينات الإنسان)، موضحا أنه لم يتم اكتشاف عظام بشرية إلا في سنة 2010، وهو ما مكن علماء الجينات وعلماء الآثار من أخذ عينات جينية واستخراج آثار جينات الإنسان، ليتضح حسب تحاليل مخبرية أن الأمر يتعلق بأقدم آثار جينات للإنسان في إفريقيا. وفي ما يتعلق ببنية أقدم إنسان عاقل “الهوموسابيان” الذي تم العثور على آثار جيناته بمغارة الحمام بتافوغالت، سجل السيد بوزوغار أن هذا الأخير يتميز بخصائص مماثلة للإنسان الحالي، غير أنه أكثر قوة ببنية عريضة. وبخصوص البيئة التي نشأ فيها “الهوموسابيان”، أوضح الباحث أن الفترة التي عاشت فيها هذه الساكنة (أي قبل 15 ألف سنة) تميزت على الخصوص بنهاية أزمة جفاف حادة بإفريقيا وبداية ظهور بعض التساقطات. وأكد أن هذا الانسان كان عبقريا حيث استطاع إيجاد الحلول المناسبة لهذه الأزمة المناخية، موضحا أن الإنسان الحالي يمكنه أن يتعلم كثيرا من سكان تلك الحقبة وخبرتها في مجال مواجهة التغيرات المناخية. وأعرب عن اعتزازه بكون مغارة الحمام تعتبر المكان الذي تم فيه العثور على آثار أول عملية جراحية بالعالم، وكذا أقدم الثياب في العالم التي ترجع إلى 100 الف سنة، مثمنا هذا الاكتشاف الأخير الذي يشكل نقلة نوعية في تاريخ علم الوراثة. واعتبر أن من شأن هذه الإنجازات الوراثية أن تساعد الطب المعاصر على التعرف على أصل بعض الأمراض، وهو ما سيمكن من معالجتها بشكل أفضل واقتراح أدوية مناسبة. وفي ما يتعلق بالمشاريع المستقبلية، قال بوزوغار إنه سيتم التركيز في المرحلة الثانية على منطقة شمال إفريقيا بأكملها بهدف القيام بتحديد مكونات جينات الإنسان الإفريقي ، وهو ما سيمكن من تحديد التاريخ البيولوجي بشكل أفضل. وخلص إلى أن علم الآثار لا يحيل فقط على الماضي، لكنه يساعد البشرية أيضا على العيش بشكل أفضل من خلال الاستفادة من معرفة وخبرة الأجداد.