18 فبراير, 2018 - 10:55:00 1 شكلت "حركة 20 فبراير" موجة سياسية اجتماعية متميزة من موجات الاحتجاج الديمقراطي الشعبي لأنها دامت لمدة أكثر من 9 أشهر (20 فبراير2011- 25 نوفمبر 2011)، وأرقى حركة سياسية جماهيرية عرفها المغرب الحديث، في زمن تراجع النضال الديمقراطي والثوري اليساري. لكن تاريخ النضال الديمقراطي للشعب المغربي من أجل الديمقراطية سيسجل باستمرار تخاذل قيادات سياسية ونقابية محسوبة على الصف الديمقراطي ومساهمتها في سياسة إضعاف "حركة 20 فبراير" وفك ارتباطها بالنضال الديمقراطي للجماهير الشعبية التي أنزلت النضال الجماهيري إلى الشارع الشعبي. وليست الأزمة العميقة والتراجعات في مجال الحقوق الديمقراطية وحقوق الإنسان التي يعرفها الوضع السياسي والاجتماعي اليوم سوى نتيجة حتمية لإجهاض منعطف سياسي تاريخي شكلته نضالات جماهير وقوى "حركة 20 فبراير". وبالتالي تم مرة أخرى إجهاض انتقال المغرب إلى الديمقراطية، وتمكنت القوى المخزنية للنظام السياسي من تمرير خطتها السياسية بتحالف مخدوم مع حركات "الإسلام السياسي" الذاعنة ممثلة في "حزب العدالة والتنمية" و"حركة التوحيد والإصلاح" وبعض شتات تيار السلفية وبعض من الإسلام الراديكالي. غير أن هذه الخطة لم تنتج سوى مزيدا من تعميق الأزمة الاجتماعية والسياسية التي تهز البلاد واضطر نظام المخزن لممارسة سياسة ضرب حقوق الإنسان والحقوق الديمقراطية وانتهاج سياسة اعتقال ومحاكمات مناضلي حراك الريف وزاكورة وأوطاط الحاج ونشطاء بحراك تندرارة واعتقال والحكم على المحامي عبد الصادق البوشتاوي عضو هيئة الدفاع عن معتقلي حراك الريف، بالسجن عشرين شهرا نافذا. واعتقلت السلطة نشطاء بحراك تندرارة و صدرت أحكام بستة أشهر سجنا نافذا علي 7 معتقلين منهم. هي حملة قمع طالت نشطاء حقوقيين وسياسيين ونقابيين وصحفيين ومحام. وتم اعتقال ومحاكمة عدد مهم من مناضلي حركات النضال الاجتماعي الجماهيري ومدوني ومدونة مواقع التواصل الاجتماعي بسبب نضالهم الاجتماعي أو بسبب تعبيرهم عن مواقف مساندة للحركة ل الاحتجاجية. 2 ظرفية الذكرى السابعة لنضال "حركة 20 فبراير" تتميز إذن بعدة حركات احتجاج اجتماعي في المناطق المحرومة التي تعمق فيها شعور الطبقات الشعبية بتخلي الدولة والحكومة و قوى سياسية عنها، كما تميزت بإقرار السلطة السياسية بفشل سياستها الاجتماعية السائدة و"نموذجها التنموي" الذي هو في الحقيقة نموذج تنموي لمصالح طبقة البرجوازية الريعية ونخب الأحزاب السياسية تشرعه وتطبقه الحكومة بتزكية برلمانها، في حين تستمر معاناة الطبقات الشعبية من عوامل التخلف الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، لدرجة لم تعد معها الفئات الاجتماعية الشعبية المحتجة تثق في خطابات السلطة والحكومة التي تحاول احتواء الحركات الاحتجاجية السلمية القويةوالمتعددة (حراك الريف، حركة منطقة "زاكورة"، أوطاط الحاج... والحركة الجماهيرية القوية لجماهير جرادة التي أصبحت منطقة منكوبة بعد إغلاق مناجم جرادة دون تطبيق بديل اقتصادي وعدت به السلطة والحكومات المتعاقبة التي رخصت لبارونات "الفحم الحجري" التي تستغل غضت الطرف عن مآسي عمال يتعرضون للموت في آبار الفحم الحجري كما يتعرضون لمرض السيليكوز الفتاك والفقر والحرمان. هذه الحركات الاجتماعية الاحتجاجية اليوم أصبحت أكثر وعيا سياسيا وأكثر تنظيما رغم عفويتها في ظل مساهمة ضعيفة القوى الديمقراطية اليسارية الجذرية في تأطيرها بالنظر لاستمرار الأزمة النظرية وأزمة خط سياسي لهذه القوى بسبب ضعف ارتباطها السياسي والتنظيمي بالطبقات الاجتماعية الشعبية الكادحة (الطبقة العاملة العاملة، فلاحين الفقراء، والأجراء محدودي الدخل...)، وبسبب حضور قوى إسلام سياسي راديكالي بأفق سياسي غير واضح بالنظر لمشروعها المؤسس على الإمارة و الخلافة. إن تعميق الهوة الاجتماعية بين مواطني ومواطنات يعانون واقع الفقر والهشاشة الاجتماعية وبين مركز السلطة والاقتصاد الرأسمالي التبعي ومصالحه الطبقية وفشل ما يسمى "النموذج التنموي" الذي ليس فشلا للمشاريع البرجوازية الريعية ومصالحها مادامت سياسة السلطة والحكومة والبرلمان لا تردد في دعمها، بل فشل السياسية الاجتماعية لنظام سياسي ظل اقتصاديا واجتماعيا يخدم مصالح هذه البرجوازية الريعية، وبالتالي سقطة أطروحة تدعي أن دعم الدولة والمال العام لمقاولات البرجوازية الريعية هو الكفيل بخلق فرص الشعل وبتحقيق التنمية الاجتماعية. إضافة إلى أن السلطة السياسية وحكومتها لم تغير سياسة "العصى والجزرة" لمواجهة ارتفاع وثيرة الاحتجاج الاجتماعي الشعبي، سياسة القمع والمحاكمات من جهة وسياسة تسطير برامج وخطابات تكرر نفس السياسات السابقة التي أدت إلى الأزمة الاجتماعية. ورغم اضطرار السلطة السياسية للاعتراف بفشل ما يسمى "نموذجها التنموي المندمج" أمام إصرار الحركات الاجتماعية الاحتجاجية، لم تتغير سياسة الدولة والحكومة التي اتسمت بضرب ممنهج لحريات العاملة وحرية الاحتجاج والصحافة وحقوق الانسان ومواصلة اعتقال محاكمات مناضلي الريف وحرية الصحافة واستمرار الاعتقال السياسي، وهي محاكمات اتضح من مسار جلساتها أنها تفتقد لشروط المحاكمة العادلة. وما دامت السلطة تعتبر أن حقوق الإنسان والحرية و"الديمقراطية" هبات منها للشعب ويمكن ان تسحبها متى اعتبرت، وفق تصورها وسياستها ، أن الاحتجاج الاجتماعي يهدد استقرار النظام، فإنها تعتبر أن سياسة القمع والعنف مشروعة ضد الاحتجاج الاجتماعي. لكن كذلك ستستمر وتيرة الاحتجاجات في التوسع مادامت الدولة رافضة لتغيير سياستها الاقتصادية والاجتماعية الطبقية التي لا تستجيب فعلا لتنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية لمختلف مناطق الإقصاء الاجتماعي والاقتصادي بالنظر لكونها سياسة اقتصادية ليبرالية تبعية متخلفة لا تهتم سوى بمصالح البرجوازية الريعية وأرباحها وبمصالح القوى الرأسمالية الامبريالية الفرنسية والأروبية والأمريكية. وبالتالي يمر المغرب من مرحلة تصاعد الصراع الطبقي بين سياسة النظام السياسي المخزني التبعي وقوى البرجوازية الريعية السياسي والإسلام السياسي الذاعن والأحزاب والنقابات الداعمة لهذا النظام من جهة و بين نضال جماهير الشعب المنتفضة والمحتجة من أجل مصالحها الديمقراطية الاجتماعية والاقتصادية وبعض القوى الديمقراطية اليسارية المشتتة. 3 واقع هذا الصراع الطبقي لحد الآن لم يفرز وحدة قوى سياسية ديمقراطية حقيقية مستقلة عن المخزن ولم تتطور لبلورة قوة اجتماعية جماهيرية ديمقراطية موحدة. لذلك أصبحت توحيد القوى السياسية الديمقراطية الحقيقية المستقلة عن المخزن وتوحيد الحركة الاحتجاجية في قوة اجتماعية جماهيرية ديمقراطية مهمة وضرورة سياسية ملحة، شرط أن تتوحد هذه القوى الديمقراطية والحركة الاحتجاجية حول برنامج ديمقراطي شامل دستوري، سياسي، ثقافي، اقتصادي، اجتماعي وبيئي يهدف إلى إطلاق وتحقيق صيرورة الخروج من الأزمة السياسية والمجتمعية الراهنة وبلورة صيرورة نضالية ديمقراطية هدفها انتقال المغرب من نظام سياسي مخزني تبعي إلى نظام ديمقراطي متحرر من السيطرة الرأسمالية المحلية و من سيطرة الرأسمالية الامبريالية. إن برنامج النضال الديمقراطي الشامل يتطلب: - دستور ديمقراطي يغير طبيعة النظام السياسي من نظام سياسي مخزني تبعي إلى نظام سياسي ديمقراطي حقيقي، دستور تساهم في وضعه القوى الديمقراطية الملتزمة بالديمقراطية التي تؤمن بحكم الشعب لنفسه ، وهي ديمقراطية لا تفرق ولا تميز بين المواطنين والمواطنات حكاما ومحكومين، وتنظم العلاقات المجتمعية على أساس احترام حقوق الإنسان التي تُقِرّ وتطبق المساواة بين المواطنين والمواطنات ليعيشوا أحراراً ومتساوين في الكرامة وجميع الحقوق، ديمقراطية تضمن لجميع المواطنين والمواطنات نفس الحقوق والحرِّيات دونما تمييز من أيِّ نوع بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي السياسي وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر. لأن الديمقراطية وحقوق الإنسان الحقيقية تحَرِّمَانِ دستوريا وقانونيا وإجرائيا أي تمييز بين الناس. - سياسة تعليمية علمية وما يتطلبه ذلك من مراكز للبحث العلمي في مختلف مجالات الحياة، وبلورة برامج ومقررات التعليم الأولي والابتدائي والثانوي والجامعي التي تربي أبناء الشعب المغربي على التشبع، وعيا و ممارسة، بالقيم الديمقراطية والعقلانية والفكر النقدي الديمقراطي، بالنظر لكون السياسة التعليمية هي التي تبلور وتربي مواطن والمجتمع على احترام قيم الديمقراطية والكرامة والحرية والمساواة لتجاوز والقضاء على كل أشكال المواطنة الناقصة. وقد أكدت ثورات الربيع العربي التي أسقطت سلطة الأنظمة السلطوية واستبدادها، أن غياب القوى الديمقراطية وغياب قيم المواطنة والديمقراطية في الصراع السياسي أجهض التغيير الديمقراطي وحول الأهداف الديمقراطية للثورات وسهل تدخل قوى خارجية عربية وإمبريالية التي حولتها إلى حروب أهلية، لأن هذه الشعوب مورست عليها سياسات الاستبداد والتجهيل وتغييب حقوق المواطنة والديمقراطية. ولذلك، فشلت تجارب "الثورات" العربية في موجتها الأولي، لأن الثورة الديمقراطية يصنعها شعب المواطنين والمواطنات الديمقراطيين الواعيين بأهدافهم السياسية. - سياسة اقتصادية وطنية تؤسس نظام اقتصادي منتج ومتنوع وفق برنامج اقتصادي وطنى موجه لتلبية حاجات الشعب في الاقتصاد السكن والتطبيب والشغل والثقافة والتعليم الذي مكن الشعب المغربي من عوامل التقدم الشامل وتوفير شروط تحقيق الأمن الغذائي، وما يتطلبه ذلك من إصلاح فلاحي جذري يتمثل في تحديد الملكية الفلاحية وتمكين الفلاحين بلا أرض من الأرض ومن وسائل الانتاج و بناء مؤسسات التعاون والتضامن بينهم ودعم استهلاك الانتاج الوطني. وما تقتضيه هذه السياسة الاقتصادية الوطنية من فك الارتباط التبعي مع سياسة القوى الرأسمالية العالمية ومع برامج الأدوات المالية للرأسمالية الإمبريالية (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية) وبرامجها والتراجع عن خوصصة المؤسسات الاقتصادية العمومية وعن تحرير الأسعار، وعن مرونة الشغل، وعن سياسة خوصصة التعليم والخدمات الاجتماعية الطبية والسكنية. - بلورة وتنفيذ سياسة إعادة نظر جذرية في علاقات المغرب الاقتصادية والسياسية مع الدول الرأسمالية المتقدمة بما يحقق الاستقلال الاقتصادي والسياسي للشعب المغربي وبلورة علاقات سياسية واقتصادية تخدم السياسة الاقتصادية الوطنية للمساهمة في تحديث وتقدم الاقتصاد الوطني والتقدم الاجتماعي والثقافي للشعب المغربي. - بلورة سياسة وبرامج اجتماعية بإشراك فعلي للطبقات والفئات الاجتماعية الشعبية في مشروع هذه النهضة التنموية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، والتى تقتضى تدعيم وتطبيق سياسات تحق الامن الغذائي والسيادة الوطنية على الموارد الطبيعية. - إعادة تشكيل جذرية لسياسة توزيع الدخل لتحقيق مساواة في استفادة المواطنين والمواطنات من فائض القيمة بسياسة عادلة للأجور وتعليم علمي ناجع ومتفاعل مع التطور العلمي والتكنولوجي والثقافي في العالم وتطبيب عالي الكفاءة وسهولة ولوج الفئات الشعبية للعلاج، وسكن لائق.