18 يناير, 2018 - 03:39:00 قال المفكر والمؤرخ عبد الله العروي إن الاختلاف حول كتاباته أو حول ما قاله هذا الكاتب أو ذاك يكون في كثير من الأحيان مبالغ فيه، مضيفا أنه استغرب عندما سمع ان باحثا فرنسيا كتب "يجب أن لا نبحث فيما قاله ماركس، بل فيما كان يود أن يقوله ماركس ولم يقله". وأوضح العروي في اللقاء التكريمي الذي نظم من قبل جامعة محمد الخامس بالرباط ومعهد العالم العربي بباريس، اليوم الخميس، تحت عنوان "تلقي فكر العروي" أن التأويل هدفه هو الذهاب لما كان يريد قوله المؤلف ولم يقله. وأشار صاحب "الايديولوجيا العربية المعاصرة" أنه لو كان بإمكان أي مؤلف أن يكتب كل ما يريد، وتصدر أعماله دفعة واحدة، لما كان هناك مجال للاختلاف في الرأي، لأن الاختلاف يأتي من الفرق بين الكتب الأولية التي تصدر لأي كاتب ثم كتبه المتأخرة، أي المرحلة الأولى والوسطى والأخيرة من حياة كل باحث. وأكد العروي أن الكتاب الأساسي في مختلف أعماله هو كتاب "مفهوم التاريخ" وليس كتاب "الاديولوجيا العربية المعاصرة" كما يروج، لأنه استطاع من خلاله أن يبرهن أن أي فكر سواء كان إديولوجيا أو غير إدييولوجي مهمته الأساسية هو مطابقة الواقع. وأضاف العروي أن البحث التاريخي هو الذي مكنه من وصف فكر محمد عبده بالإديولوجي، لأنه هو الذي بين له أن محمد عبده لم يكن على الاطلاع الكافي بالأمور التي تحدث عنها. وأكد العروي أنه بالرغم من اهتمامه الكبير والمستفيض بمفهوم التاريخ إلا أنه لا يمكن له أن يقول إن هناك حقيقية تاريخية مطلقة، مؤكدا على أن البحث التاريخي يقضي على مفهوم المطلق ويدفنه. وفي ذات السياق، أشار العروي أنه يذهب أبعد من هذا ويقول إنه في الدراسة التاريخية لا يمكن الوصول إلى حقيقة مطلقة، وأنه أبرز ذلك في البحث عن أسس البحث التاريخي وهي الشواهد التي تنقسم إلى ثمانية أنواع ومنها، التاريخ القديم، الرواية التاريخية والمعطى النفساني الفرويدي، وغيرها من الشواهد. وأشار العروي أن النتيجة التي يتوصل إليها المؤرخ انطلاقا من نوعية الشواهد لا يمكن أن تتفق مع النتيجة التي يمكن أن يصل إليها الباحث الذي يشتغل على البقايا الحجرية، فمثلا: الآثار التي وجدت في جبل "إيغود" حول آخر إنسان عاقل من الممكن أن لا تكون لها أي علاقة مع المغاربة الحاليين، ومع ذلك ذهب البعض من المغاربة إلى القول بأننا أحفاد آخر إنسان عاقل. وشدد العروي على أن ما توصل إليه في بحثه حول مفهوم الدولة أوصله إلى ثنائية في النتائج والمواقف والمعتقد، لذلك قال في آخر كتاب له، ينبغي التمييز بين فكر النهار وفكر الليل وذلك مجازيا، ففكر النهار هو فكر المجتمع وتكون التاريخانية فيه لها معنى والسياسة لها معنى، وتحضر فيه أيضا خاصية المنفعة. أما فكر الليل، يضيف العروي فهو يخالف المنفعة، لكن مع ذلك لا مانع من وجود فكر "ليلي" ينتج عندما يخلو الانسان لنفسه وينفصل عن المجتمع ليناجي نفسه، وهنا تبرز الفلسفة بالمعنى الدقيق للكلمة. لذلك فكر الليل يجب أن لا يتدخل فيما يتعلق بفكر النهار أي في شؤون الجماعة والسياسة. وفق تعبير المفكر المغربي.