20 نوفمبر, 2017 - 01:50:00 من قمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في الرياض مايو/آيار الماضي، وهجومه 11 مرة ضد إيران، انتهاءً بتصعيد عربي، خلال اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب، أمس الأحد، مدفوعا من السعودية لمجلس الأمن ضد طهران، تتقدم المملكة خطوات للأمام بضوء عربي ودولي "قوي" فيما يمكن اعتباره شهورا من الحرب الباردة لا أكثر من ذلك. هذا الطرح السابق، يوضحه محللون بارزون بينهم اثنان عرب ومصريان، في أحاديث منفصلة أجرتها الأناضول، في ضوء ما يعتبرونه تصعيدا سعوديا واضحا الفترات الأخيرة ضد طهران. ويستشرف المحللون أنفسهم مستقبل ذلك الدعم العربي والدولي للمملكة في مواجهة إيران، بأنه سيبقى في مربع "ممارسة الضغوط"، و"العودة للتفاهمات"، في ظل توقعات منهم ب"عدم استسلام إيراني" أخذا بخلفيات طهران في مواجهة حصار أمريكي دام لسنوات بلا تراجع، فضلا عن نفوذها في مناطق الصراعات بسوريا واليمن ولبنان. ويقترح خبير عربي حلا لتلك المعضلة السعودية الإيرانية، يتمثل في ضغط اقتصادي عربي وليس سياسي فقط على طهران في ضوء علاقات اقتصادية عربية قوية معها، فضلا عن تقدم إيران بخطوة للأمام في إجراء تفاهمات للأزمات العربية ومنحها فرصة للاندماج في سلام عربي. وتتهم الرياض ودول خليجية وعربية أخرى طهران ب"زعزعة استقرار دول عربية، بينها لبنانوالعراق واليمن وسوريا، عبر أذرع موالية لها في تلك الدول"، وهو ما تنفي إيران صحته، مؤكدة "التزامها بعلاقات حسن جوار". خطوات تصعيدية للأمام تشهد العلاقات بين السعودية وإيران، أزمات حادة، عقب إعلان الرياض في 3 يناير 2016 قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الأخيرة على خلفية الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة الرياض في طهران، وقنصليتها بمدينة مشهد، شمالي إيران، وإضرام النار فيهما، احتجاجا على إعدام رجل الدين السعودي نمر النمر (شيعي) مع 46 مدانا بالانتماء إلى "تنظيمات إرهابية". وفي 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وقعت أزمة أكبر مع إطلاق الحوثيين صاروخا باليستيا تجاه مطار الملك خالد الدولي في العاصمة الرياض، تمكن الدفاع الجوي السعودي من اعتراضه، وعلى خلفية ذلك، وجهت السعودية هجوما حادا على إيران، واتهمتها بتزويد الحوثيين بمثل هذا الصواريخ، ونفت طهران ذلك. وفي 8 نوفمبر الجاري، أخذت الملاسنات بُعدا تهديديا، حيث حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني، السعودية من "قوة إيران وموقعها"، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة "بكل قدراتها" عجزت عن مواجهتها. وبعدها بيوم تبادلت السعودية وإيران في مجلس الأمن التهديدات، حيث قالت السعودية إنها ستتخذ كل إجراءات (لم تحددها) ضد صاروخ "إيران"، فيما دعتها الأخيرة إلى "التوقف عن لغة التهديد، وضبط النفس وتحكيم العقل"، وفق بيانات رسمية. وأخذت المملكة الخطوة الأبرز عربيا ضد إيران، في 12 نوفمبر الجاري، بطلب عقد اجتماع طارىء لوزراء الخارجية العرب "من أجل بحث التدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية". وقبل يوم من الاجتماع الطارئ غير المسبوق بطلب سعودي ضد إيران بالجامعة العربية، اتفق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الأول السبت، على "ضرورة العمل مع الحلفاء لمواجهة أنشطة "حزب الله" وإيران، المزعزعة للاستقرار في المنطقة"، وذلك في اتصال هاتفي بينهما، حسبما ذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز. وقرر مجلس وزراء الخارجية العرب، في اجتماعه، أمس، رغم تحفظات لبنانية وعراقية، نقل "ملف التدخلات الإيرانية" إلى مجلس الأمن الدولي، وإدانة "حزب الله" اللبناني، وحظر قنوات فضائية "ممولة من إيران" تبث على الأقمار الصناعية العربية. وقبل يوم من إعلان نتائج الاجتماع الطارئ للوزاري كانت السعودية تدعو لأول اجتماع لوزراء دفاع "التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب"، المدشن قبل عامين، وذلك في 26 نوفمبر الجاري. هذا الاجتماع الذي يأتي تحت شعار "متحالفون ضد الإرهاب" يهدف بحسب الوكالة الرسمية السعودية إلى "تنسيق توحيد الجهود في محاربة التطرف والإرهاب والتكامل مع جهود دولية أخرى (لم تحدد)". وكشف "إعلان الرياض" الصادر في ختام "القمة العربية الإسلامية الأمريكية" مايو الماضي، عن استعداد دول مشاركة في التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب "لتوفير قوة احتياط قوامها 34 ألف جندي لدعم العمليات ضد المنظمات الإرهابية في العراق وسوريا عند الحاجة". وشهدت تلك القمة هجوما لافتا من ترامب، والملك سلمان ضد طهران، حيث حرص الأول في كلمته على توجيه انتقادات 11 مرة ضد إيران، أبرزها يتمحور حول أهمية مواجهة إيران، فيما اعتبرها الثاني "رأس حربة الإرهاب العالمي"، وخرج إعلان الرياض يومها بالتأكيد على الالتزام بمواجهة تدخلات إيران بالمنطقة. وهذا المشهد التصعيدي ضد إيران، كان لافتا أيضا في 13 أكتوبر الماضي، عندما أعلنت السعودية، "تأييدها وترحيبها بالاستراتيجية الحازمة" تجاه طهران، التي أعلنها ترامب وقتها مهددا بالانسحاب من الاتفاق النووي الموقع معها في 2015، في حال فشل الكونغرس الأمريكي وحلفاء واشنطن في معالجة "عيوبه". تصعيد مدعوما عربيا أنور عشقي، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية (غير حكومي مقره جدة) يقول للأناضول: "بالفعل السعودية حصلت على دعم وتأييد عربي للتصعيد ضد إيران عدا دولتي لبنانوالعراق، المعروفتين بسيطرة إيران على قرارهما". ويضيف عشقي، وهو مسؤول سعودي سابق، أن "أولى تداعيات التأييد العربي ضد إيران سيبرز من خلال رفع شكوى ضدها في مجلس الأمن الدولي لفرض مزيد من العقوبات وتشجيع الولاياتالمتحدة على الضغط في سبيل تغيير النظام السياسي في إيران". ويفسر الخبير السعودي البارز هذا الموقف السعودي المتشدد من طهران مؤخرا، قائلا: "الصواريخ البالستية الإيرانية قد تصل إلى جميع الدول العربية وليست السعودية وحدها إذ لم يتصد العالم العربي للتمدد والتدخل الإيراني في شؤون المنطقة". وأصدرت وزارة الخارجية السعودية، أمس، إحصائية تشير إلى أن الحوثيين المدعومين من إيران استهدفوا السعودية خلال السنوات الأخيرة بواسطة 80 صاروخا باليستيا. اللاحرب تحت وطأة التصعيد على مسافة قريبة يقول أنس القصاص، الباحث المصري في الشؤون الاستراتيجية وقضايا الأمن الدولي للأناضول: "السعودية حصلت على دعم عربي ودولي مكنها من التصعيد على نحو ما نرى". ويوضح القصاص، أن "الدعم العربي رأس حربته إماراتي، فضلا عن دعم دولي واضح من التنسيق مع إدارة البيت الأبيض بشكل أو بآخر وهذا واضح منذ القمة العربية الإسلامية الأمريكيةبالرياض التي شارك فيها ترامب، ويأتي في ظل مطالبات دولية بمواجهة إيران". ويشير إلى أن الدعم العربي والدولي للسعودية حاليا ضد طهران "لن يصل الأمور لحرب"، قائلا" طالما هناك تفاهمات ضمنية بين القوى الكبرى كمصر وإيران وتركيا لا مشاكل ستحدث في المنطقة (..) ولا يتوقع أن يخرج اجتماع التحالف العسكري بشئ ضد إيران". وينبه إلى أن آثار سياسية ستظهر جراء تلك الضغوط السعودية على إيران، مستدركا "لكن أعتقد أنها لن تغير قواعد اللعبة في صراعات المنطقة". ويرجع ذلك إلى أن "إيران تحت أي ضغوط تسير برؤية واضحة حتى لو كانت ضعيفة ماليا، وهذا واضح من سياسات مواجهتها مع واشنطن"، حسب القصاص. واستدرك قائلا: "لكن السعودية حتى الآن غير واضحة في سياساتها أو رؤيتها أمام خصمها". التصلب الإيراني والضغوط المحلل المصري مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي مقره القاهرة)، يرى في حديث للأناضول، أن "الاجتماع الطارئ المدعوم من السعودية خرج أخيرا بآليات وموقف عربي تجاه إيران، وهذا جيد". ويستدرك متسائلا: "لكن هذا التصعيد هل كافٍ لإرغام إيران لتوافقات رغم أن واشنطن لم تفلح في هذا مع طهران في ملفها النووي؟". ويرى أن "إيران لن تستسلم بسهولة حتى وإن كان أفق التصور السعودي أن تسفر الضغوط لتهدئة أو توافقات في أزمات المنطقة، لاسيما وإن إيران رقم في تلك الأزمة". ويعرب غباشي، عن خشيته أن تنساق السعودية وراء الدعم الدولي وتحديدا رؤية واشنطن، في معركة يرى أن "طهرانوالرياض سيكونان خاسرين فيها"، والرابح واشنطن. حل المعضلة جواد الحمد، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بالأردن (غير حكومي) في حديث للأناضول، يقول إنه "لا شك أن لإيران تدخل قوي وعنيف في الشأن العربي والمنطقة، وينبغي التصدي له بقوة وحسم خلال اللحظة الراهنة، للضغط عليها للعودة لاحترام حقوق الجوار العربي والمصالح المشتركة". ويضيف "ورغم ذلك تظل خلافتنا أو مشاكلنا مع ايران هي خلافات داخل البيت الإسلامي الواحد، لا يستدعى أي تحالفات مع إسرائيل حتى وإن كان هناك عجزا حيال التصدي لإيران". وعن حلول تلك المعضلة يري الحمد "عربيا.. يجب أن يتوازى الضغط السياسي مع نظيره الاقتصادي، فليس من المعقول أن ترتبط بعض الدول العربية وخاصة الخليجية بعلاقات اقتصادية متميزة مع إيران إلى حد وصول حجم التبادل التجاري بينهما إلى 46 مليار دولار سنويا". ويستطرد "يجب على إيران التقدم بخطوة حيال لوقف الحروب الطائفية وإنهاء تغذية القلاقل والوصول إلى تفاهمات مع الدول العربية لنزع فتيل الأزمة في المنطقة وحفظ الأمن العربي، وعلى الدول العربية منح إيران فرصة للسلام العربي".