التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين المغرب واليمن    اليمن تثمن دور جلالة الملك في دعم تنمية إفريقيا    انخفاض الرقم الاستدلالي لأسعار الإنتاج في قطاع الصناعات التحويلية خلال دجنبر 2024    مواجهات مثيرة في ملحق الدوري الأوروبي    مندوبية السجون: 122 حالة إصابة ب"بوحمرون" تماثل 105 منها للشفاء    مندوبية السجون تكشف عن حصيلة الإصابات ببوحمرون في المؤسسات السجنية    نزار بركة وزير التجهيز والماء يترأس أشغال المجلس الإداري لوكالة الحوض المائي للساقية الحمراء ووادي الذهب    باحثون روس يبتكرون دواء جديدا لعلاج سرطان الجلد بفعالية مضاعفة    جددت الجمهورية اليمنية التأكيد على موقفها التاريخي والداعم للوحدة الترابية للمملكة    هكذا تلاعب بعيوي ب"إسكوبار الصحراء" أثناء بيعه 11 شقة بالسعيدية وموثقة متورطة في عملية "النصب"    انقطاع الطريق بين تطوان والحسيمة يعيد مطالب تعزيز البنية التحتية إلى الواجهة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    طنجة…الشروع في استعمال رخصة الثقة البيومترية بصفة حصرية لسيارات الأجرة    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    خروج دنيا بطمة من سجن لوداية    الممثلة امال التمار تتعرض لحادث سير وتنقل إلى المستشفى بمراكش    "الكاف" يغيّر لوائح دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية    استئناف الحسيمة تفتتح السنة القضائية 2025 وتستعرض حصيلة الإنجازات    بينهم 9 محكومون بالمؤبد.. إسرائيل تفرج السبت عن 90 أسيرا فلسطينيا    مشاركة وازنة للاعبات المغربيات إلى جانب نخبة من النجمات العالميات في الدورة ال 28 لكأس للا مريم للغولف    الكعبي : لا مستحيل في كرة القدم .. وهدفنا التتويج بالدوري الأوروبي    "ديب سيك" الصينية في مواجهة قانونية تهدد علامتها التجارية في أميركا    شركة تركية عملاقة تؤسس فرعا بالمغرب لتعزيز تصميم وصناعة الدرونات العسكرية    دنيا بطمة تخرج من سجن الأوداية بعد انتهاء عقوبتها    بعد عام من الإعتقال .. دنيا بطمة تعانق الحرية    ترمب يصر على تهجير سكان غزة رغم رفض مصر والأردن    المغرب يسجل 86.5 ألف مقاولة جديدة خلال 2024    أخطاء كنجهلوها.. الطريقة الصحيحة لقيادة السيارة في أجواء البرد القارس (فيديو)    المحكمة التجارية بالدار البيضاء تجدد الإذن باستمرار نشاط مصفاة "سامير"    وفود تمثل كبريات الحواضر العربية ستحل بطنجة    في سرية تامّة.. دنيا بطمة تغادر أسوار سجن الأوداية بمراكش    الرباط: وزير الخارجية اليمني يجدد التأكيد على موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمملكة    الرئيس الانتقالي في سوريا: نعمل على وحدة البلاد وتحقيق السلم الأهلي    "مجموعة العمل من أجل فلسطين" تحتج أمام البرلمان وفاء للشهيد محمد الضيف    توقعات بتصدير المغرب 90 ألف طن من الأفوكادو في 2025    توقيف شخص بطنجة مبحوث عنه وطنيا متورط في قضايا سرقة واعتداء    أسعار النفط ترتفع إلى أزيد من 76 دولارا للبرميل    التمرينات الرياضية قبل سن ال50 تعزز صحة الدماغ وتقلل من الزهايمر    التعاون السعودي يعلن ضم اللاعب الصابيري خلال فترة الانتقالات الشتوية الحالية    الفلاحون في جهة طنجة تطوان الحسيمة يستبشرون بالتساقطات المطرية    نهضة بركان يواصل التألق ويعزز صدارته بفوز مهم على الجيش الملكي    اللجنة التأديبية الفرنسية تقرر إيقاف بنعطية 6 أشهر    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي تعزز وعي الجيل المتصل في مجال الأمن الرقمي    الدولي المغربي حكيم زياش ينضم رسميا للدحيل القطري    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    سانتو دومينغو.. تسليط الضوء على التقدم الذي أحرزه المغرب في مجال التعليم    العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة التي تحطمت في واشنطن    ارتفاع أسعار الذهب    أجواء ممطرة في توقعات طقس الجمعة    «استمزاج للرأي محدود جدا » عن التاكسيات!    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي في التعديلات الدستوري
نشر في لكم يوم 21 - 06 - 2011

تثير مسألة الهوية في مسودة مشروع الدستور علامات استفهام:
"المملكة المغربية دولة إسلامية، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية – الإسلامية والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية...".
إذا كان مفهوما أن العروبة والإسلام والأمازيغية من مقومات الهوية المغربية، لكن غير المفهوم مقوم الصحراوية الحسانية. أليست القبائل الصحرواية قبائل عربية مسلمة تمازجت مع المؤثرات الإفريقية؟ ولماذا العروبة والإسلام والأمازيغية من المقومات، بينما الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية من الروافد. إن كون الإفريقية من الروافد أمر مفهوم لكن أليس الرافد الأندلسي من المقوم العربي الإسلامي؟ لكن رافد "العبرية" وفقا للمعاني والمدلولات العديدة لمصطلح "عبري" لا أرى له أي علاقة بالهوية المغربية وهذا بيان ذلك.
يرى عبد الوهاب المسيري في كتابه "في الخطاب والمصطلح الصهيوني دراسة نظرية وتطبيقية" أن الكلمة ترادف كلمة "عبيرو" التي ترد في المدونات المصرية و"خابيرو" التي ترد في المدونات الأكادية، ولكن البعض الآخر يشكك في هذا الاشتقاق باعتبار أن كلمة "عبري" صفة تدل على النسب أو الانتماء لوجود ياء النسب في آخرها في حين أن كلمة "خابيرو" أو "حبيرو" لا تعني غير المزاملة والمرافقة.
ومن الآراء أيضا أن كلمة عبري مشتقة من عبارة "عبر النهر"؛ فحين يقول الساميون "عبر النهر" دون ذكر اسم هذا النهر فإنهم يعنون الفرات، والإشارة هنا إلى عبور يعقوب الفرات هاربا من أصهاره، ويرى بعض الباحثين أن عبور يعقوب النهر هو أساس اسم العبرانيين حيث ينتسبون إلى من قام بهذا العبور أي يعقوب الذي سمي "يسرائيل".
وربما كان الاسم إشارة إلى جماعة قبلية إثنية كبيرة، ويظهر هذا الاستعمال في العلاقة بين المصطلح "عبري" واسم "عابر" حفيد سام الذي تنتسب إليه مجموعة كبيرة من الأنساب، ولكن أول شخص يشار إ‍يه بأنه عبري هو إبراهيم في سياق لا يدل على أن الإشارة إشارة إثنية وإنما إشارة تدل على الوضع الاجتماعي باعتباره غريبا أجنبيا ليست له أي حقوق، وتشير كلمة "عبري" في التوراة إلى العبرانيين أيضا باعتبارهم غرباء.
وثمة رأي يذهب إلى أن العبرانيين كانوا غرباء في مصر مدة طويلة، وبالتالي ارتبط الاسم بهم وتحول من صفة لوضع اجتماعي إلى وصف لجماعة إثنية، ولذا توجد إشارات إلى أن يوسف غلام عبراني. ورغم أن الإشارة ذات طابع إثني واضح فإنها لم تفقد بعدها الاجتماعي تماما. وفي سفر التكوين نجد إشارة إلى يوسف كعبد عبراني وهي إشارة ذات دلالة تخلط العنصرين الإثني والطبقي.
ويفضل بعض الصهاينة العلمانيين استخدام كلمة عبري أو عبراني على استخدام كلمة "يسرائيلي" أو يهودي، باعتبار أن الكلمة تشير إلى العبرانيين قبل اعتناقهم اليهودية أي أن مصطلح "عبري" يؤكد الجانب العرقي على حساب الجانب الديني فيما يسمى "القومية اليهودية".
بناء على ما سبق تبين الإشكال في اعتبار "العبرية" من روافد الهوية المغربية. هل يتعلق الأمر ب "استبدال لبق" لمصطلح "اليهودية" وهي جزء من الهوية المغربية؛ لأن اليهودي في المخيال الشعبي، ودون استبدال لبق، يذكر مقرونا بلفظ "حاشاك" وتنسب إليه كل الخصال المذمومة، وهذا ربما ما أدركه كتبة الدستور. وزاد من قتامة صورته في هذا المخيال ما تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين. إن القول ب "العبرية" رافدا من روافد الهوية المغربية يعني أن المغاربة اليهود الأصليين منهم (التوشابيم) والمطرودين من الأندلس (الميغوراشيم) هم من أصل عبراني، وفي هذا ترويج بوعي أو بدون وعي لأسطورة "الشتات" أو "الدياسبورا" الصهيونية والتي تعني أن اليهود المنتشرين في العالم طردوا من أرض فلسطين بعد تدمير ما يسمى الهيكل. وهذا ما فنده المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند في كتابه "Comment le peuple Juif fut inventé"؛ فالاختلاق الصهيوني لفكرة "الشعب اليهودي" قام على ركنين أساسيين ينتميان إلى التاريخ التوراتي غير الممحص، الأول هو فكرة طرد الرومان لليهود سنة 70م بعد تدمير الهيكل، وهي التي أسست لأطروحة "الشتات اليهودي" والركن الثاني هو أن الدين اليهودي لم يكن ديناً تبشيرياً، بل ظل محصوراً بالإثنية التي حملته واعتنقته في بداياته، مما يعني أن "الشتات" الذي رحل إلى مناطق مختلفة من العالم يعود في جذوره الإثنية والقومية إلى القبائل اليهودية الأصلية التي طردت من فلسطين، وأنه لم تدخل اليهودية أجناس وقوميات أخرى أثرت في نقاء العرق اليهودي. إن كلاً من هذين الركنين لا يصمد أمام البحث العلمي والتاريخي، وأنهما مجرد تفاسير تلمودية شيدت على أساسها الحركة الصهيونية مقولاتها المعروفة حول عودة اليهود إلى "وطنهم الأصلي". وهكذا صار "الشتات" أسطورة تأسيسية قادرة على إسناد ترسانة الهوية "الإثنية"؛ فالواقع، أنه لا يوجد أي أثر يدل على أن الرومانيين طردوا سكان يهودا بعد استيلائهم على القدس. معنى ذلك أن نظرية "شتات الجنس اليهودي" ليس لها أساس تاريخي، وأن أي وجود يهودي في العالم مرتبط باليهودية كدين وليس كقوم. إن اليهودية لم تكن ديناً حصرياً على القبائل التي اعتنقتها في بدايات الدعوة الموسوية، ونفي النزعة التبشيرية عن اليهودية هو تركيب مسيس لخلق تاريخ موهوم يخدم مشروعاً أيديولوجياً. إن اليهودية لم تختلف عن بقية الأديان التوحيدية (وغير التوحيدية) الأخرى لجهة النزعة القوية الى التبشير. وكان حوض البحر الأبيض المتوسط أهم منطقة انتشرت بها اليهودية.
هل استحضر كتبة الدستور كل هذه الإشكالات قبل أن يجعلوا "العبرية" رافدا من روافد الهوية المغربية؟ وكيف سيترجمون هذا اللفظ في النسختين الفرنسية والإنجليزية من مسودة الدستور؟ ومن تكوني وخبرتي في ضبط الجودة في التلفزيون؛ فقد لا حظت أن الملك نطق لفظ "العبرية" بنبرة مختلفة عن نبرة بقية خطابه.
وفي الأخير لا بد من إبداء الرأي في هذه التعديلات الدستورية؛ فأقول إنها ليست تعديلات ولا هم يحزنون وليست حتى إعطاء باليمين وأخذ بالشمال، كما يحسب البعض. إنها محاولة لإجهاض مطالب الشعب المغربي استخف المخزن ما يسمى "الأحزاب السياسية" وهي في واقع الأمر مجرد دكاكين سياسية مفلسة؛ فأطاعته.
إن هذه التعديلات لا تسمن ولا تغني في نظر شعب يعاني الحرمان بسبب استشراء الفساد؛ فالإصلاح الحقيقي يبدأ بالتخلص من جائحة الفساد بقطع دابر المفسدين والانحياز إلى عامة الأمة؛ فقد أظهرت الثورة التونسية والمصرية وقبلهما التجربة التاريخية أن المفسدين يشكلون عبئا على الأنظمة وليس صمام آمان لها، وهذا ما عبر عنه قبل 14 قرنا علي ابن أبي طالب في عهده إلى مالك الأشتر لما ولاه على مصر وهو عهد مترجم ومحفوظ في أرشيف الأمم المتحدة:
"وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤونة في الرخاء، وأقل معونة له في البلاء، وأكره للإنصاف، وأسأل بالإلحاف، وأقل شكراً عند الإعطاء، وأبطأ عذراً عند المنع، وأضعف صبراً عند ملمات الدهر من أهل الخاصّة. وإنّما عماد الدين، وجماع المسلمين، والعدّة للأعداء، العامّة من الأمّة، فليكن صغوك لهم ، وميلك معهم."
فهل من صغو وميل إلى عامة الأمة ومطالبها العادلة؟
صحافي مغربي مقيم في قطر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.