يبدو بجلاء كبير أن مشروع الدستور المغربي المعدل قد قُرر له أن يواصل في ضمان الدور المحوري للملك ضمن الدولة، في حين يبرز بأن تمطيط بعض صلاحيات رئاسة الحكومة والبرلمان قد أتت ضمن أبواب وفصول الدستور المقترح من أجل توفير شركاء للحكم مرتبطين بأداء المؤسسة الملكية. ويشير تصدير مشروع دستور المنوني ومعتصم بأن "المملكة المغربية دولة إسلامية متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية الموحدة بانصهار كل مكوناتها العربية الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية". وحدد أيضا ضمن الوثيقة المسربة نسخة إلكترونية منها بأن الدولة ستعكف على "العمل من أجل بناء الاتحاد المغاربي كخيار استراتيجي، وتعميق أواصر الانتماء إلى الأمة العربية والإسلامية وتوطيد وشائج الأخوة والتضامن مع شعوبها الشقيقة وتقوية علاقات التعاون والتضامن مع الشعوب.."، زيادة على "توسيع وتنويع علاقات الصداقة والمبادلات الإنسانية والاقتصادية والعلمية والتقنية والثقافية مع كل بلدان العالم". ويورد الفصل الأول من الباب الأول لمشروع الدستور بأن نظام الحكم بالمغرب "نظام ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية واجتماعية".. وهو ما يتنافى مع مطلب الملكية البرلمانية المرفوع منذ 20 فبراير بشوارع البلاد، ويردف مشروع المنوني ومعتصم بأن النظام الدستوري للمملكة "يقوم على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها.. وربط المسؤولية بالمحاسبة".. أي أن الفصل الكلي بين السلط غير مرتقب توفره ضمن السنوات المقبلة. وسيستمر الدستور المعدّل، في حالة إقراره ضمن الاستفتاء المرتقب، بوضع ما يصطلح عليه ب "الثوابت".. خصوصا وأنه ينص صراحة على أن "الأمة تستند في حياتها العامة على ثوابت جامعة تتمثل في الدين الإسلامي السمح والوحدة الوطنية متعددة الروافد والملكية الدستورية والاختيار الديمقراطي"، في حين ذكرت ذكر مشروع عزيمان للجهوية ومسودة الدستور المرتقب تنص بأن "التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لا مركزي يقوم على الجهوية المتقدمة". ويرتقب أن تسهم ذات المسودة في تأجيج احتجاجات إيمازيغن وهي تقر برسمية اللغة الأمازيغية بانتقاص كبير، خصوصا وأنها أوردت: "تظل العربية اللغة الرسمية للدولة، وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها"، قبل أن تردف: "الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة.. ويحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجالات الحياة العامة ذات الأولوية لتتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها بصفتها لغة رسمية". كما ينص ذات المشروع بأن "نظام الحزب الوحيد نظام غير مشروع" وأنه "لا يجوز أن تؤسس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي أو على أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق الإنسان"، هذا قبل أن تبرز عدد من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة مدسترة ضمن الفصل 22 المقر ب عدم جواز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، من قبل أي جهة كانت خاصة أو عامة.. ولا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية، كما أن ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، من قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون". وبشأن وضع الملك بالمغرب وصلاحياته يرصد بأن الحال قد بقي كما هو عليه، خصوصا وأن الفصل 41 قد نص بأن "الملك أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية.. يمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين والمخولة له حصريا بمقتضى هذا الفصل بواسطة ظهائر".. وزاد الفصل 42: "الملك رئيس الدولة وممثلها الأسمى ورمز وحدة الأمة وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية وصيانة الاختيار الديمقراطي وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة".. وأن "الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة"، قبل أن يورد ضمن الفصل 46 بأن "شخص الملك لا تنتهك حرمته، وللملك واجب التوقير والاحترام". ويقترح الدستور المعدل من لدن المنوني ومعتصم بأن "يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب وعلى أساس نتائجها، ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها وللملك بمبادرة منه بعد استشارة رئيس الحكومة أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم، ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر.." كما أن "الملك يرأس المجلس الوزاري، وينعقد بمبادرة من الملك أو بطلب من رئيس الحكومة، وللملك أن يفوض لرئيس الحكومة بناء جدول أعمال محدد أن يرأس المجلس الوزاري.."، كما أن "الملك يصدر الأمر بتنفيذ القانون، وللملك الحق في حل مجلسي البرلمان أو أحدهما، وللملك أن يخاطب الأمة والبرلمان ولا يمكن أن يكون مضمون الخطاب موضوع أي نقاش، ويعتمد الملك السفراء ويوقع على المعاهدات ويصادق عليها دون معاهدات السلم أو الاتحاد أو رسم الحدود أو التجارة أو تلك التي تترتب عنها تكاليف تلزم مالية الدولة". للاطلاع على كامل مسودّة الدستور المعدّل (نسخة ب يدي إف)... اضغط هنا