قدمت فرقة "داها واسا"، مساء الأربعاء 8 يونيو 2011، مسرحية (لو سبيكتاتور كاونداني آ مور) التي كتبها الروماني-الفرنسي ماتيي فيزنييك. "سيداتي سادتي.. هناك مجرم بيننا"، هكذا تبدأ المسرحية التي عرضتها الفرقة بقاعة با حنيني بالرباط وأخرجها المتألق الشاب أحمد حمود. هذا المجرم ليس إلا واحدا من الجمهور جاء ليستمتع بالمسرحية فوجد نفسه في قفص الاتهام من طرف نظام قضائي "فاسد" يقوده قاضٍ "سكير" يشرب طيلة أطوار المحاكمة "اللبن" لإزالة "آثار سكر البارحة"، أو للاستمرار على حالة الثمالة. تتوزع الاتهامات من طرف النيابة العامة ومن طرف القاضي ومن طرف شهود يكرسون "ظلم" العدالة، غير أن "المجرم المفترض" يلتزم صمت المعابد. هذا الصمت يزيد في إدانته. حتى المحامي، الذي تطوع للدفاع عنه، يزيد في "إغراقه"، بل يطالب بإعدامه، "لأنه لا يريد أن يتكلم وليس لديه ما يقول".. ما علا بالوش. مسرحية (لو سبيكتاتور كاونداني آ مور)، التي تأسست على الخوف من الآخر واستبعاد البراءة قبل أن تثبت الإدانة، هي في الحقيقة دراما سوداء، غير أن "داها واسا" بقيادة حمود تألقت في لعبها بسخرية.. معادلة صعبة أن تجمع بين الاشتغال على موضوع خطير يشغال الناس وبين إضحاك الجمهور. كتب فيزنييك المسرحية بلغته الأم في عام 1984، أي قبل 5 سنوات من سقوط الديكتاتور نيكولاي تساوشيسكو الذي قاد البلاد بيد من حديد، إلى حين أن قتل ككلب رفقة زوجته. والحال أن فيزنييك، الذي يعتقد في قدرة الأدب على إسقاط الأنظمة الشمولية، يسخر في مسرحيته من النظام القضائي في بلاده الذي، ككل الديكتاتوريات، يمكن أن يدين أي شخص بدون أي دليل. في هذه المسرحية-القضية يمكن أن نستحضر، من خلالها، الديكتاتوريات السابقة والحاضرة. سئل أحمد حمود، البالغ 30 سنة، حول ما إذا فكر في الاشتغال على المسرحية غداة الربيع العربي الذي أسقط حتى الآن ديكتاتورين وفي الطريق آخرون، فأجاب "لقد اشتغلت على المسرحية منذ سنة تقريبا.. ربما يمكن أن أقول إني كنت أستشرف ما يمكن أن يقع". "داها واسا" عادت، إذن، لتضع المسرح في قلب المعركة: معركة جعل الفن في مقدمة النضال من أجل محاربة الفساد والدفاع عن المظلومين وعن براءة شخص يدان لأنه التزم الصمت فقط.. وهو في الواقع يمثل الأغلبية الصامتة التي يمكن أن تنفجر في أية لحظة، كما انفجر "المجرم المفترض" في وجه المحكمة في نهاية (لو سبيكتاتور كاونداني آ مور).