في حوار خاص لإيلاف، قال القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عبد الهادي خيرات إن حركة 20 فبراير زاغت عن الخط الذي رسمته لنفسها منذ البداية عندما حاولت أطراف ركوبها سياسيا، وأكد مطلبه في ملكية برلمانية إن "تضافرت جميع الجهود المؤمنة بالتغيير" كما اعتبر أن جماعة العدل والإحسان الإسلامية، والنهج الديمقراطي اليساري "لا قيم لها". كيف ترد على من يتساءل حول الجدوى من عقد قيادي حزبي للقاء سياسي مع الجالية إن كانت هي محرومة أصلا من المشاركة السياسية؟ - نحن في أوروبا الغربية لدينا تنظيم مهيكل في إطار كتابة إقليمية، و المغرب يعرف نقاشا دستوريا سيعاد بموجبه النظر في العديد من المؤسسات. وفي هذا الإطار فتحنا نقاشا مع جميع المناضلين بمن فيهم المقيمون في أوروبا بخصوص التعديلات الدستورية المرتقبة، و كذلك الإصلاحات السياسية التي ستكون مصاحبة لها، وحضرنا بهذا الشأن ملفا كبيرا يهم مثلا اقتصاد الريع، قانون الأحزاب، اللوائح الانتخابية وغيرها. ولا أظن أن الجالية بالنسبة إلينا مهمشة، هي كذلك عند البعض. ماذا عن المشاركة السياسية لهذه الجالية؟ - أنا أقصد المشاركة السياسية، فهي مدعوة لإعطاء رأيها في الإصلاحات الدستورية كما هو شأن جميع شرائح المجتمع المغربي. و نحن لنا وجهة نظر في مساهمة الجالية، على أن تمثل في المؤسسات المقبلين على بنائها، و في الاستحقاقات القادمة. و اقترحنا أن يحدث مجلس أعلى للجالية، كما أننا اقترحنا أن تكون لها مساهمة في الحياة السياسية القادمة. الخطر في الأمر أن الجالية تتعرض اليوم إلى هجمة في بلدان الاستقبال ورسميا لا يوجد تحرك موازٍ لهذه الهجمة. أي أن هناك تعاطيا سلبيا للدولة مع مشاكل الجالية المغربية في بلدان الاستقبال؟ - أكيد، وهو إرث قديم منذ عهد الوداديات التي كان لها دور أمني تجسسي على الجالية أكثر من أي شيء آخر. فلا ننسى الدور الذي لعبه عمال مغاربة في المهجر في المقاومة أيام الاستعمار لكن وزارة الجالية يقودها اتحادي تتقاسم معه الانتماء السياسي نفسه، فما الذي يمنع هذه الوزارة من لعب الدور الذي تحدث عنه؟ - وزارة الجالية تقوم بعمل اجتماعي بالدرجة الأولى و ليس من مهمتها الدخول في نقاش مع دول الاستقبال، هذه مسألة أخرى تتعلق بالخارجية، تتعلق بالسيادة، وبالتالي فدورها اجتماعي صرف. و قامت في هذا الإطار بدور مهم و بوتيرة أسرع مما كان متعارفا عليه. و هذا نقاش يهم وطنا بكامله يمكن أن يفتح بشأنه نقاش في البرلمان. عقب البعض ساخرا على ما ورد على لسانك بحق النواب البرلمانيين الذين وصفتهم "بالحمير"، بأن كلامك يمكن أن يستفز جمعيات الرفق بالحيوان ما قد يدعوها إلى جرّك إلى العدالة. لماذا كل هذا التنقيص من قيمة النائب البرلماني؟ - التصريح خلق ضجة في الأوساط الصحافية المغربية وهناك صحيفة خصصت له ملفها الأسبوعي. وهذا الكلام جاء في سياق تفسيري لشرح عدم حضور بعض النواب إلى البرلمان، و ذلك لأنه ليس بإمكانهم مسايرة النقاش الذي يدور فيه و يخجلون من الحضور، أتكلم هنا عن النزهاء منهم. هناك من يدخل البرلمان لأجل الحصول على الحصانة، التي عوض أن تكون على المواقف السياسية، أصبحت لأجل التهرب الضريبي و شيكات من دون رصيد. و اليوم أمام مجلس البرلمان 36 ملفا لرفع الحصانة عنها. على ذكر الدعوى القضائية فبزيز (فنان ساخر مغربي ممنوع من الظهور على الإعلام العمومي)، اتصل بي، و قال لي ساخرا نيابة عن الحمير الشرفاء سنرفع دعوى ضدك لأنك وصفتهم بالحمير. . . لوحظ أنه خلال مشاركتك في برنامج "حوار" أحطت بعناصر شابة عكس ما يقوم به عادة باقي ضيوف هذا البرنامج التلفزي من القياديين، حيث يحاطون بوزراء و رموز سياسية معروفة. هل في الأمر رسالة منك أردت أن توجهها لجهة ما، أم اختيارك للضيوف الذين صاحبوك خلال البرنامج كان تلقائيا؟ - لقد أصبحنا نتعامل مع هياكل أصبحت شبه فارغة لا على مستوى المجتمع ولا على مستوى الأشخاص، و لذلك تأخرنا كثيرا في دمج طاقات شابة، ليس لأننا لا نرغب في ذلك، حتى الآليات الديمقراطية تفرز "شوابن" أي شيوخا. أنا عادة ما كررت قولي على أن الشباب له دماغ الشيوخ. هؤلاء الشباب في الأحزاب هم الذين يختارون قياديين طاعنين في السن؟ - تماما، هناك شباب له لحية ناصعة البياض في المخ، بل أننا نجد شيوخا لا يصوتون على كبار السن، و يبحثون ليدعموا الشباب لكن... هذا ما أفرزته الديمقراطية، فأنا مع آليات جديدة لدمج الشباب في المسؤولية الحزبية. هل يمكنك إعطاء مثال؟ - نتفق على مجموعة من الشباب ليتحمل المسؤولية ولكن نضع إلى جانبهم لجانا للمصاحبة. و بالنسبة إلى المشهد الذي لاحظته في بلاتو برنامج حوار هو رسالة بالفعل. يكفي من تلك الجثث التي مل منها الشعب المغربي، نريد وجوها جديدة، يجب الدفع بالشباب في أي مجال، ليس في البلاتو فقط. هل فعلا سبق أن دعوت إلى رحيل شيوخ الاتحاد الاشتراكي. و من كنت تقصد بذلك؟ - هذا قلته داخل المكتب السياسي للحزب، قلت لهم جاء الوقت لفتح الباب للشباب على أن نختار 20 أو 25 شابا و كما قلت لك تتم بالموازاة مصاحبتهم. و مع الأسف أنه عندما تراهن على شاب تفاجأ بعكس ما كنت تنتظره منه، إما لسلوك أو لاعتبارات أخرى، فلم ننجح في إفراز قيادة شابة، و أنا مع دعاة تكوين قيادة شابة بالتوافق ما دامت الديمقراطية تسمح بذلك، لكن تخصص لها نوعا من المصاحبة، و هذا نوع من "ديكاج" للكبار. هل المرحلة تفرض رحيل هذا الجيل عن المسؤولية الحزبية و السياسية؟ - لا يمكن أن يرحلوا هكذا برغبة ذاتية علما أن صندوق الاقتراع لا يرحلهم وبالتالي تطرح مسألة البحث عن آليات أخرى. . . أو أن نحدد عدد الولايات في ولايتين أو ثلاث لا أكثر. هناك من يرى أن خيرات له حساسية خاصة تجاه اليسار الاشتراكي الموحد. هل هذا صحيح؟ - هذا غير صحيح نهائيا. قبل 15 يوما استقبلنا السي محمد بنسعيد في لقاء جماهيري واسع في المحمدية. لكنك اتهمت أطرافا في اليسار المغربي على أنها تشوش على هذه المرحلة... - هو شيء موجود، لكن ليس اليسار الاشتراكي الموحد، أنا أقصد تلك المتطرفة العدمية النهج الديمقراطي؟ - ليست قضية النهج، أنا مع ما يقال حيث إن البعض لا يعرف قوته. يأتي ليتحدث لي عن المجلس التأسيسي، و هو لا وجود له في الشارع وسبق أن جرب قوته ذات مرة بعد مشاركته في الانتخابات الجماعية، وهو ما يمكن أن يجرنا إما إلى قوة ظلامية أو رجعية مفرطة، لذا أنا أفضل أن أناقش الدستور فقرة بفقرة وأتحكم في النص عوض أن أفاجأ بدستور موغل في الظلامية. في ظل هذا الوضع هل هناك أمل لتوحيد صفوف اليسار المغربي؟ - هذا مطلبنا، و سنظل نطالب بذلك، واليسار لا أقصد به الحوانيت، اليسار المفترض، قيم، إنسان مبتلٍ باليسار ولم نترك له الفرصة لدخول هذا الحزب أو ذاك. و هذا العدد الموجود في الطبقة الوسطى الذي يجب تجميعه، أما الحوانيت الأخرى التي بدأت تتناسل فلرغبات ذاتية. نحن سبق أن قلنا لهم تعالوا. مستعدون لتغيير حتى اسم الحزب، كي لا يعتقدوا أنهم نزلوا عندنا، لكن هناك ظواهر مرضية، يوجد من يريد أن يحافظ على الحانوت لاعتبارات مصلحية. كيف تقرأ كقيادي حزبي تحالف النهج الديمقراطي و العدل و الإحسان في حركة 20 فبراير. هل هو تحالف من أجل مشروع سياسي أم تحالف من أجل التحالف أم ماذا؟ - لي جواب واحد، هو أن الطرفين لا قيم لهما. طرف اتهم طرفا آخر بالإلحاد والثاني أشد فتكا في القول نحو الأول. فإن كان ذلك صادرا عن إيمان لم يكن ممكنا أن يحصل تلاقٍ بينهما. و الجانب الثاني، فهم يعرفون أن هذه الموجة منتهية لا محالة، فهذا الحراك ستكون له نهاية، و سترجع الأمور إلى مجاريها، آنذاك يمكن أن نتحاسب حول ما الذي جنيناه من مكاسب من هذه المرحلة. فنحن ننخرط من أجل الإتيان بشيء، و آخر يخرج ليضبب المشهد، يعتقد أنه سيسقط النظام وهو غير قادر على إسقاط حتى الكرسي الجالس عليه. لاحظ معي من يحكم تونس. صديق لبورقيبة عمره 86 سنة. نتحدث عن ليبيا، من يقود المعارضة؟، وزير عدل القدافي ويساعده وزير الداخلية السابق، رئيس اللجان الثورية. حجم العطاء واندفاع الشباب و إسقاط النظام و في الأخير لم يجدوا حتى من يسير الاجتماعات في ما بينهم. هذا يدعو إلى التأمل، أكثر من هذا من لهم المسؤولية اليوم في تونس فرضوا حظر التجول على الجماهير التي أتت بهم إلى هذه المسؤولية. يعني أنك تحمل رؤية سلبية تجاه الحراك الذي يعرفه العالم العربي؟ - لا ليس بسلبية، أنا أقول الأشياء بالكيفية التي نتأملها، يعني أن هذه الأنظمة لم تفرز أي شيء، لا توجد هناك نخب و لا أطر، زيادة على تغلغل الذاتية. . . نتحدث عن سوريا، القوة الأساسية التي تواجه النظام هي الإخوان المسلمون. الإخوان المسلمون في الأردن ضد الإخوان المسلمين في سوريا. حزب الله يعتبرهم عملاء أميركا. وحماس ضد الحراك الموجود في سوريا. يجب أن نتأمل هذه الأشياء، نحن لسنا بقردة نرقص لأي تطبيل، نحن نريد تغييرا جذريا هادئا بنقاش عميق حول مبادئ حقيقية. حركة 20 فبراير كان لها في البداية شعارات محددة، إسقاط الفساد ورموزه، ملكية برلمانية، إسقاط اقتصاد الريع. . هل حان الوقت برأيك أن ينتقل المغرب إلى ملكية برلمانية؟ - طبعا، لكن إذا تضافرت كل الجهود المؤمنة بالتغيير، لم لا؟ كيف تفسر التجاء السلطة إلى التدخل بعنف بحق متظاهري حركة 20 فبراير؟ - يجب أن تعلم أنه كان هناك انفلات أمني كبير في المغرب. هناك احتلال للساحات العمومية، احتلال دور في طريق البناء في أكادير مثلا. هناك أحياء وضعت مليشيات للدفاع عن نفسها. هل يعني أن هذا التدخل كان له ما يبرره؟ - لا. . . الاتفاق كان هو التعبير الحر، هو التظاهر في الساحات في وسط المدينة، الشوارع الكبرى، وإذ بها انتقلت إلى الأحياء المزدحمة، كانت في الصباح أصبحت تنظم مع اقتراب الليل، كانت خلال أيام الآحاد ثم انتقلت إلى أربعة وخمسة أيام في الأسبوع، كانت بشعارات محددة و متفق عليها أصبحت بشعارات ضد الملك و إسقاط النظام. . . الحركة كانت تخرج موحدة، أصبح كل مكون لها يخرج بمفرده، في مراكش نخرج نحن، يخرج النهج الديمقراطي و حتى السلفية الجهادية. تريد أن تقول من كل هذا إن التدخل الأمني كان له ما يفسره؟ - لا أريد أن أقول ذلك. هذا الذي يمكن أن أسميه تشويشا بمحاولة أطراف الركوب سياسيا على هذه الحركة المطالبة بالإصلاح و محاربة الفساد، بمعنى أنها مجموعات معادية لأي تغيير، و هذا نوع من التحالف الضمني مع السلطة حتى تستعمل القمع، وبحث عن صدام لإظهار البلاد على أنها غارقة في بحر من الدماء. كيف تقرأ مد المغرب ليده إلى مجلس التعاون الخليجي. هل هي برغبة معانقة عمقه العربي؟، أم طريقة لوضع ملف الاتحاد المغاربي في الثلاجة و المرور إلى تكتلات أخرى؟ - المغرب لم يمد يده، بل إن مجلس التعاون الخليجي عرض عليه ذلك، و المغرب أصدر بيانا بهذا الخصوص مشيرا فيه الى أن الأولوية لبناء المغرب العربي، و نتأسف أنه لم يشيد نظرا للموقف الجزائري، ولا يمكن أن يرحب بك طرف وأن ترد بالرفض، بل نتعامل إيجابيا، و نشكرهم على هذه الالتفاتة، و هي تبقى في حدود، أنا أنظر لها كمجاملة أكثر من أي شيء آخر. هل يبقى مستحيلا هذا التكتل؟ - سوف لن يكون و لا يمكن ذلك في المنظور القريب، هناك إيجابيات لذلك على مستوى يد العاملة، البترول... إلا أن هذا التكتل يمكن أن يكبلنا على الإصلاحات، على مستوى الاتفاقيات الدولية. فقط عندما يريد المغرب أن يناقش قضية الإعدام، العديد من هذه البلدان لا يروقها الأمر، كما أن مدونة الأسرة سمع بشأنها المغرب الكثير والكثير... فهو تكتل غير ممكن ويبقى كما قلت خطاب مجاملة لا أقل و لا أكثر. http://www.elaph.com/Web/news/2011/6/660616.html