13 يناير, 2017 - 10:09:00 من المنظر أن يصادق البرلمان المغربي بغرفتيه الأسبوع المقبل، بعد انتخاب رئيس مجلس النواب يوم الإثنين، على "القانون التأسيسي للإتحاد الإفريقي"، كشرط أولي فٌرض على المغرب من أجل عودته إلى "الاتحاد الإفريقي". لكن الوثيقة التي صادق عليها المجلس الوزاري المنعقد تحت رآسة الملك محمد السادس قبل أسبوع، والتي من المنتظر أن يصادق عليها البرلمان بغرفتيه، ستضع المغرب أمام أمر واقع سبق أن رفضه عام 1984 عندما انسحب من "منظمة الوحدة الإفريقية"، على إثر انضمام ما يعرف ب "الجمهورية العربية الصحراوية" المعلنة من طرف واحد من جانب جبهة "البوليساريو" عام 1976. وبمصادقته على "القانون التأسيسي للإتحاد الإفريقي"، يقر المغرب رسميا بعدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار، على اعتبار أن هذا المبدأ من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الإتحاد الإفريقي، كما تنص على ذلك الفقرة الثانية من المادة الرابعة الخاصة بمبادئ الإتحاد والتي تنص صراحة على "احترام الحدود القائمة وقت الحصول على الاستقلال". وهو ما يعني أن على المغرب أن يحترم الحدود التي ورثها يوم حصل على استقلاله، وهو ما يضع أكثر من سؤال حول إستراتيجية الدولة في الدفاع مستقبلا عن أقاليم الصحراء، والحدود الشرقية مع الجزائر التي مازال المغرب لم يصادق عليها من طرف مجلس النواب رغم أن الملك الراحل الحسن الثاني سبق له أن وقع اتفاقا مع الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين في سبعينات القرن الماضي يقضي بترسيمها، لكن الملك الراحل لم يعرض قط ذلك الاتفاق على البرلمان المغربي للمصادقة عليه، وبمصادقة البرلمان يوم الاثنين على "القانون التأسيسي للإتحاد الإفريقي" يكون المغرب قد رسَّم نهائيا حدوده الشرقية مع الجزائر. وللتذكير فقط فهذا المبدأ القائم على أساس عدم مساس دول الاتحاد بالحدود الموروثة عن الاستعمار، موروث هو الآخر عن "ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية" (الاسم السابق للاتحاد الإفريقي قبل أن يتغير عام 2000)، وقصة صياغة هذا المبدأ لها علاقة أيضا بالمغرب. ففي عام 1963، وفي الاجتماع التأسيسي لمنظمة "الوحدة الإفريقية" في أديس أبابا، حضرت موريتانيا المستقلة حديثا كدولة عضو مؤسس للمنظمة الوليدة، وكان المغرب، آنذاك، يطالب بها كجزء لا يتجزأ من وحدته الترابية، مما جعل المغرب يحتج ويتراجع عن لعب دور كبير في ذلك الاجتماع تاركا المجال فارغا للجزائر المستقلة حديثا (استقلت عام 1961) لتلعب دورا مهما في صياغة واحد من أهم مبادئ الإتحاد الوليد. فعلمت الجزائر التي ترأست إلى جانب السنغال، لجنة الحدود، على وضع أحد أهم المبادئ التي قامت عليها المنظمة ألا وهو مبدأ "عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار". كما أن الفقرة الثانية من المادة الثانية من "القانون التأسيسي للإتحاد الإفريقي" الخاصة بأهداف الإتحاد تنص صراحة على أن من بين أهداف الإتحاد "الدفاع عن السيادة والسلامة الإقليمية والاستقلال للدول الأعضاء فيها". وقبل ديباجة "القانون التأسيسي للإتحاد الإفريقي" يبدأ القانون بالجملة التالية: "نحن، رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في منظمة الوحدة الأفريقية"، وتورد الوثيقة أسماء الدول الأعضاء المؤسسة والموقعة على هذا القانون مسبوقة بصفة رؤسائها، وفي الصف 40 نجد اسم "رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية".