عبدالحكيم الرويضي 01 ديسمبر, 2016 - 12:57:00 صدر التقرير السياسي لجماعة "العدل والإحسان" ليرسم صورة قاتمة حول الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والحقوقي بالمغرب، مؤكدا، "أن المخزن لم يدخر جهدا في إرباك المسار التغييري وخلخلة ميزان قواه كلما مال لصالح الإرادة الشعبية". غليان شعبي متفاقم وأفاد التقرير، "أن الشعب المغربي عندما خرج بكثافة في 2011 بعد استفحال الاستبداد وتفشي الفساد، قابله المخزن بحزمة وعود وشعارات تعلقت بها أماني البعض، وها هي خمس سنوات كانت كافية لكشف غياب مطلق لإرادة الاعتبار.. وهذا ما يترتب عنه استشراء الفساد الذي يؤدي حتما إلى تفاقم الغليان الشعبي، ويكفي لتأكيد ذلك الاحتجاجات القوية لمختلف فئات المجتمع التي شهدتها هذه السنة"، يضيف التقرير. وشهدت هذه السنة الانتخابات التشريعية يوم 7 أكتوبر 2016، التي شكلت مناسبة أخرى لإبراز التدافع القوي بين الإرادتين، "أي أرادة الاستبداد التي تهدر الأموال الطائلة من قوت الشعب لمحاولة إشغاله بواجهة ديمقراطية لامعة في شكلياتها، وبين الإرادة الشعبية التي ارتقت بشكل كبير من العزف التلقائي لانتخابات لم ير منها إلا الآثار السلبية منذ أول انتخابات بالمغرب منذ 1960"، يوضح التقرير. وعادت الجماعة لتؤكد على "عدم جدوى المدخل الانتخابي في ظل نظام سياسي مستبد، لا تتجاوز الانتخابات في عرفه دور التسويق الخارجي وتزيين الواجهة للتغطية على واقع احتكار الملك أهم السلط التنفيذية والتشريعية والقضائية والأمنية والاقتصادية"، حسب التقرير الذي تابع قائلا، "ولعل الأشهر الثلاثة الأخيرة تظهر جليا الحكومة الفعلية الممسكة بكل الدواليب والمقررة في الشؤون الداخلية والخارجية السياسية والاقتصادية من غير رقيب ولا حسيب". واعتبر التقرير، "فشل الانتخابات هو فشل للعرض السياسي الرسمي، وإيذان بسقوط شعارات براقة رفعت لإخماد جذوة الانتفاضة الشعبية مثل "الاستثناء المغربي"، و"التغيير في ظل الاستقرار"، و"دستور الجيل الجديد من الدساتير"، وما أعقب هذه الشعارات من خطابات رسمية للملك تظهره أكثر معارضة من المعارضة". وضع حقوقي يزداد سوءا وعلى المستوى الحقوقي، أشار التقرير إلى أن البلاد عاشت هذه السنة أجواء من الإمعان في الانتهاكات الحقوقية سجلتها العديد من التقارير الحقوقية الوطنية والدولية ووثقتها مواقع التواصل الاجتماعي بالصوت والصورة. وأضاف ذات المصدر، "على مستوى الحقوق الاقتصادية تواصل الإجهاز على القدرة الشرائية عبر الزيادات في الأسعار، ورفع ثمن المحروقات رغم انخفاضها في السوق العالمية وانكشاف ألعوبة نظام المقايسة، مما يشكل تناقضا صارخا لالتزامات الدولة حين رفعت يدها عن دعم هذه المادة الأساسية في الاقتصاد المغربي". وانتقد التقرير بشدة استمرار ركود الأجور التي لم تواكب هذه الزيادات، "بل طالتها يد الدولة اقتطاعا، وانخفضت وتيرة التوظيف والتشغيل لتتفاقم البطالة في صفوف الشباب، واستمر اقتصاد الريع في نهب خيرات البلاد من قبل الحكام والخدام"، تضيف الجماعة. "وعلى مستوى الحق في الرأي والتعبير، يواصل المخزن حصاره للمعارضين لسياساته بمختلف توجهاتهم ومنعهم من الإعلام العمومي ومن الفضاءات العمومية"، حسب التقرير، الذي شجب مواصلة فرض الحضر العملي على بعض الجمعيات المضطهدة، رغم صدور أحكام قضائية لصالحها. أما جديد البيوت المشمعة لأعضاء "العدل والإحسان" هذه السنة، يضيف التقرير، "فيتمثل في عجز الحكومة عن فعل أدنى شيء في الملف، غير تزكية الوضع القائم، واستخفاف الدولة بعمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، رغم كل ما يسجل عليه من انتقائية وتبييض وجه المخزن، حيث راسل رئيس الحكومة ووزير العدل ووزير الداخلية، بعدما راسلتهم اللجنة الوطنية للتضامن مع أرباب البيوت المشمعة التي تضم في صفوفها نخبة من الحقوقيين والأكاديميين والإعلاميين". واسترسل ذات المصدر، "إنه وضع حقوقي يزداد سوءا في ظل استحكام الاستبداد الذي يغذيه التعثر الحاصل في إصلاح منظومة العدالة الذي ظل يراوح مكانه مدة ناهزت خمس سنوات .. مما يجعل هذا القطاع يعاني أمراضا مزمنة وأعطابا كابحة تحول دون تحقيق الأمن القضائي للمواطنين". المغرب في عزلة قاتلة وعلى مستوى الدبلوماسية، أفاد التقرير، أن هذه السنة "سجلت انعطافة خطيرة في الملف أثارت زوبعة كبيرة داخل المغرب وخارجه، حيث كشفت الزيارة التي قام بها الأمين العام للأمم المتحدة للصحراء والتصريحات التي أدلى بها خلالها -واعتُبرت مستفزة للمغرب-، مدى هشاشة الديبلوماسية المغربية". وأوضح أن الأسلوب الذي لجأ إليه المغرب للرد على تصريحات بان كي مون، عبر تجييش المغاربة للخروج ضده في مظاهرات، انعكس سلبا ضد المملكة وحشرها في عزلة قاتلة. وعن قرار عودة المغرب إلى مؤسسات الاتحاد الإفريقي، "لم يكن هذا القرار المفاجئ محط نقاش، كما لم يقدم النظام المغربي أي توضيحات بشأن استراتيجية إعادة الانخراط في الاتحاد الإفريقي والمكاسب من هذه الخطوة"، يضيف التقرير.