رسمت جماعة العدل والإحسان صورة قاتمة عن المشهد السياسي المغربي، معتبرة أن الانتخابات التشريعية الأخيرة التي نظمت يوم 7 أكتوبر الماضي، "فاشلة" و"فارغة من أي مضمون لأبسط مقتضيات الديمقراطية"، وأنها "لا تتجاوز الانتخابات في عرفه دور التسويق الخارجي وتزيين الواجهة للتغطية على واقع احتكار الملك أهم السلط التنفيذية والتشريعية والقضائية والأمنية والاقتصادية"، كما انتقدت بقوة تنامي الثروة الملكية. وانتقدت جماعة الراحل عبد السلام ياسين صاحب "مذكرة لمن يهمه الأمر"، في تقريرها السياسي لسنة 2016، اطلعت جريدة "العمق" على مضامينه، بقوة النظام الملكي المغربي، مشددة على أنه أمام "استمرار مشاريع الملك ومحيطه في حصد أرقام فلكية تتصدر لائحة الأغنياء محليا وإقليميا وقاريا في وقت تتوسع خارطة الفقر في صفوف الشعب وتزداد نسبة البطالة وتطوق رقبة البلد بأصفاد المديونية، وأمام رفع الحكومة الراية البيضاء أمام أبسط مظاهر الفساد". وقالت "إن فشل الانتخابات فشل للعرض السياسي الرسمي، وإيذان بسقوط شعارات براقة رفعت لإخماد جذوة الانتفاضة الشعبية مثل "الاستثناء المغربي" و"التغيير في ظل الاستقرار" و"دستور الجيل الجديد من الدساتير"، وما أعقب هذه الشعارات من خطابات رسمية للملك تظهره أكثر معارضة من المعارضة، لكن سرعان ما انكشف زيف تلك الشعارات أمام تغول الاستبداد وقمع الحريات حتى بات القمع هو اللغة السائدة في الرد على المخالفين والغاضبين والمحتجين، وأمام الانتشار غير المسبوق للفساد بتوسع مساحة الريع السياسي والاقتصادي". وأضافت الجماعة في الجزء المعنون ب "الانتخابات .. مقاطعة واعية وبلقنة متعمدة وتجاهل للإرادة الشعبية"، أنه "لم يكن مستغربا التدحرج من مستوى الشعارات الكبيرة إلى شعارات لا تتجاوز الهامش الضيق، فلا غرابة أن يتحول شعار محاربة الفساد والاستبداد إلى شعار عفا الله عما سلف، ثم الرضى بمجرد تأويل وتنزيل ديمقراطي للدستور بدل المطالبة بدستور ديمقراطي". كما اعتبرت ذلك "هروبا عبثيا من الحقيقة الكاشفة الفاضحة ألا ديمقراطية ممكنة من رحم الاستبداد الذي تطفح به معظم مواد الدستور المكتوب والأعراف فوق دستورية وواقع الحال الذي لا يشكل فيه الدستور أكثر من تميمة للتبرك". وشددت الجماعة ذات المرجعية الإسلامية على أن انتخابات 7 أكتوبر، "شكلت مناسبة أخرى لإبراز التدافع القوي بين الإرادتين: إرادة الاستبداد وحماته التي تهدر الأموال الطائلة من قوت الشعب لمحاولة إشغاله بواجهة ديمقراطية لامعة في شكلياتها، فارغة من أي مضمون لأبسط مقتضيات الديمقراطية، محافظة على احتكار المخزن لأهم السلط وللثروة. وبين الإرادة الشعبية التي ارتقت بشكل كبير من العزوف التلقائي لانتخابات لم ير منها إلا الآثار السلبية منذ أول انتخابات بالمغرب منذ 1960، إلى مقاطعة بكثير من النضج والوعي بأثر هذا الموقف في عزل الخيار الرسمي وفرض الإرادة الشعبية"، على حد تعبير المصدر. واعتبرت جماعة الشيخ الراحل عبد السلام ياسين، في التقرير ذاته، على أن موقفها في مقاطعة الانتخابات لم يعد محصورا فيها وحدها، حيث أورد التقرير "نسجل أن هذا الموقف لم يعد محصورا في جماعة العدل والإحسان، إنما أكدت الانتخابات الأخيرة تبنيه من غالبية الشعب المغربي الذي قاطع الانتخابات بما يقارب 80% ما يجعل المؤسسات الناتجة عن هذه الانتخابات هي مؤسسات أقلية قاصرة عن امتلاك الشرعية لذاتها وعن إضفائها على النظام". وأضافت "وهنا نعيد تأكيد اقتناعنا الراسخ بعدم جدوى المدخل الانتخابي في ظل نظام سياسي مستبد لا تتجاوز الانتخابات في عرفه دور التسويق الخارجي وتزيين الواجهة للتغطية على واقع احتكار الملك أهم السلط التنفيذية والتشريعية والقضائية والأمنية والاقتصادية. ولعل الأشهر الثلاثة الأخيرة تظهر جليا الحكومة الفعلية الممسكة بكل الدواليب والمقررة في الشؤون الداخلية والخارجية السياسية والاقتصادية من غير رقيب ولا حسيب".