30 غشت, 2016 - 02:26:00 على بعد أسابيع قليلة من موعد الانتخابات، تتسابق الأحزاب السياسية لترشيح أسماء قوية لها نفوذها، قادرة على جلب الأصوات التي تؤهل الحزب لحصد مقاعد داخل مجلس النواب. وفي هذا السياق، سعت الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات إلى ضم مجموعة من الشخصيات المعروفة والتي لم تتدرج داخل الحزب، ولا تنتمي له، منها شخصيات مستقلة، لم يسبق لها أن انخرطت في أي حزب، ومنها شخصيات سياسية قادمة من أحزاب أخرى، ومن بين هذه الأحزاب، حزب العدالة والتنمية الذي ضمت لوائحه أسماء مجموعة من الأشخاص الذين لا ينتمون إليه، بل ويختلفون في بعض القيم والمبادئ مع "البيجيدي"، منها شخصيات يسارية، وسلفية، وأخرى قادمة من حزب الأصالة والمعاصرة، الخصم الرئيس للبيجيدي في انتخابات 7 أكتوبر، ما يطرح مجموعة من التساؤلات عن سبب انفتاح الحزب على شخصيات من خارج هياكله للمرة الأولى في تاريخه، وعما إذا كان الهدف من وراء ذلك، هو الانفتاح على كفاءات وطنية لا تنتمي بالضرورة للحزب، أم أنه توجه براغماتي لحصد أكبر عدد من المقاعد، وهل يسعى البيجيدي إلى تأطير بعض التوجهات الفكرية، التي لم تكن ممثلة في البرلمان والدفع بها للمعارضة من داخل المؤسسات، أم أنه يسعى إلى إقحام آراء معارضة تؤرق ما يسميه حزب العدالة والتنمية "الدولة العميقة" في إطار الصراع بينهما؟ ترشيح الأشخاص من خارج الحزب انفتاح على الكفاءات وفي إطار هذه الترشيحات، قال عبد العزيز أفتاتي، البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، إن انفتاح "البيجيدي" على أشخاص من الخارج، وترشيحهم على رأس الدوائر الإنتخابية هو "انفتاح على كفاءات ستعزز المشهد المؤسساتي وستجسد التنوع الفكري والسياسي في البلاد، وستسهم في إعطاء المزيد من الإشعاع للبرلمان المغربي، حيث ستصبح التيارات الفكرية حاضرة داخل البرلمان، وستكون كل أطياف الأمة ممثلة فيه، بما فيها الآراء والتيارات السياسية التي لم تجد الفرصة سانحة من قبل". واعتبر أفتاتي أنه من الإنصاف أن يسعى حزب العدالة والتنمية لكي تكون هذه التوجهات الفكرية حاضرة وممثلة، تعبر عن رأيها من داخل المؤسسات، رغم أن هذا سيكون على حساب حصة الحزب، "لكن هذه هي الوطنية". وبخصوص التحاق بعض القيادات السابقة لحزب الأصالة والمعاصرة، بالبيجيدي" في تشريعيات 7 أكتوبر المقبل، قال أفتاتي، "إن "البام" ليس حزبا، وإنما هو فقط ذراع للدولة العميقة، تشوش به على الأحزاب"، وإن "بعض الأشخاص بسبب وطنيتهم اكتشفوا أن ذلك الحزب طاعون فابتعدوا"، معتبرا أن من التحق بالبيجيدي قادما من حزب آخر يعبر عن موقفه. وحول ترشيح "البيجيدي" لشخصيات لم تناضل داخل هياكله على رأس اللوائح، وقطفها ثمار العمل المستمر للمناضلين داخل الحزب، أوضح أفتاتي أنه "يجب التمييز بين تمثيلية الأمة والحسابات الصغيرة"، إذ ليس من المعقول في نظره أن تكون "الحساسية السلفية المغربية غير حاضرة، وأن يغيب الامتداد الفكري لبلعربي العلوي المدغري، وأبي شعيب الدكالي، والمختار السوسي، وكلها مدارس مغربية بامتياز، كانت ملهمة للحركة الوطنية"، كما أنه "من المستحسن أن ينفتح حزب العدالة والتنمية على شباب متميز، يرمز لتراث 20 فبراير، إذ الذي يهم هو أن هذه النزعات الفكرية تعبر عن مواقفها من داخل المؤسسة". وزاد أفتاتي أن حزبه انفتح أيضا على بعض الكفاءات الأكاديمية، من أصحاب الرأي، الذين يعتبر تغييبهم "إعطابا لمؤسسة البرلمان"، وذلك بغرض الحفاظ على إشعاع هذه المؤسسة، وأن حزب العدالة والتنمية في النهاية، يسعى من خلال هذه الترشيحات لإعطاء الإشارة إلى أن ما يهمه هو إشعاع مؤسسة البرلمان، والحرص على انعكاس تعددية المجتمع داخله. ترشيح "البيجيدي" لأشخاص من خارج الحزب استقطاب براغماتي وتعليقا على الترشيحات الخارجية لحزب العدالة والتنمية، قال محمد شقير أستاذ العلوم السياسية، "إن هذه الترشيحات تدخل في إطار اللعبة السياسية، التي يعتبر الترحال السياسي أحد مرتكزاتها، إذ يتم استقطاب الأشخاص الذين لم تعطهم التزكية من طرف أحزابهم السابقة، من أجل توظيفهم في الحصول على مقعد نيابي"، معتبرا أن حزب العدالة والتنمية حزب عادي كباقي الأحزب، يخضع لنفس قواعد اللعبة السياسية، وبالتالي لا يشد عن قاعدة توظيف الترحال السياسي لخدمة مصالحه الانتخابية، وهو نفس الشيء الذي يستخدمه غريمه "الأصالة والمعاصرة"، ومثل لذلك بدائرة طنجة-أصيلة، حيث رشح "البيجيدي" سمير عبد المولى وصيفا في لائحته، مستقطبا إياه من حزب "البام". واعتبر شقير أن حزب العدالة والتنمية ينهج نفس الأساليب التي ينهجها خصومه، بهدف تحقيق الفوز في الانتخابات المقبلة والاستمرار على رأس الحكومة، وأن ترشيح هؤلاء الأشخاص غير المنتمين للحزب، هو "عملية تبادل مصالح بين حزب يسعى إلى حصد مقعد في البرلمان، وأشخاص يسعون بدورهم للحصول على مقعد". وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن "البيجيدي حزب براغماتي كباقي الأحزاب"، يسعى لخدمة مصالحه، حيث "يتحدث عن الديموقراطية الداخلية للحفاظ على تماسكه الداخلي، ويضرب الخصوم بسلاحهم"، والدليل على براغماتية حزب العدالة والتنمية -حسب شقير-، هو تحالفه مع خصمه، حزب التجمع الوطني للأحرار في الحكومة الحالية، وعقده "لتحالف كاثوليكي مع حزب التقدم والاشتراكية الذي يختلف معه في كثير من المبادئ والقناعات". وختم شقير بالقول إن ترشيح "البيجيدي" لأسماء تنتمي لتوجهات فكرية معارضة، بحجة منحها الفرصة للتعبير عن رأيها المعارض لكثير من سياسات وتوجهات الدولة، غير صحيح، ولا يندرج في إطار حربه مع ما يسميه ب"الدولة العميقة"، ولا هو انفتاح على كفاءات أو توجهات فكرية، وإنما هو براغماتية من الحزب بهدف التغلب على غريمه الأساس في صراع الاستقطابات، والفوز في النهاية بالإنتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 7 أكتوبر المقبل.