نشر الأستاذ النقيب عبد الرحمان بن عمرو مقالا للرأي في موقع لكم تحت عنوان : لماذا لا يمكن دسترة اللغة الامازيغية كلغة رسمية؟ عمد فيه الى وضع مسلمات و مبررات و اجتهادات لكي يخلص الى إقناع القارئ بموقفه الداعي الى عدم ترسيم اللغة الأمازيغية على الاقل في المرحلة الراهنة. و لا أريد ان أناقش أستاذنا في موضوع ما كان أصلا أن يثار للنقاش بشكل ينحو باتجاه التموقف من الأمازيغ و حرمانهم من حق طبيعي على أساس دسترته لضمان توازن عرقي تضبط وتيرته في المساوات بين حقوق المغاربة بمختلف اطيافهم العرقية مبادئ المواطنة الكاملة بعيدا عن تركهم في مستنقع التفاوتات العرقية كانعكاس للتفاوتات الجهوية التي كرستها في حقهم سياسات التهميش الممنهجة على مستوى الثقافة و الاقتصاد و الاجتماع. و لكن ما أثارني في مقال الأستاذ المحترم المعروف بمواقفه التقدمية النبيلة كمناضل اشتراكي، فضلا عن كونه فعالية حقوقية مشهود لها بالدفاع عن حقوق الانسان، هو أن ما اعتمده من مبررات فيه التباسات و أخطاء ما كان على رجل قانون محنك مثل سي بن عمرو أن يرتكبها و تتعلق بمبررين ساشرحهما على الشكل التالي : يقول الاستاذ بان "إسبانيا التي يبلغ عدد سكانها اكثر من اربعين مليون نسمة يتكلمون العديد من اللهجات و اللغات المحلية، فإن اللغة الرسمية الوحيدة المرسمة في جميع الجهات باسبانيا و هي اللغة المرسمة بهيئة الاممالمتحدة". و هدا القول غير صحيح على الإطلاق لأنه لايخفى على رجال القانون و خبراء الدساتير العالمية، بان الدستور الإسباني يعتبر اللغات المحلية الأساسية إضافة الى اللغة الإسبانبة، لغات رسمية، اي أن هناك دسترة للغة القشتالية والكتلانية و الباسكية و الغاليسية الخ... و تبعا للنص الحرفي للبنذ الثالث في الدستور الإسباني يقول : " القشتالية هي اللغة الاسبانية الرسمية للدولة. كل الاسبانيين عليهم واجب معرفتها و حق استعمالها. باقي اللغات الاسبانية، و المقصود هنا اللغات المحلية المشار اليها اعلاه، هي كذلك رسمية في مناطقها الخاضعة للحكومات الذاتية وفقا لأنظمتها"، أما المبرر الثاني و هو اعتباره اللغة الانجليزية لغة رسمية للولايات المتحدةالامريكية، و هذه المسألة رائجة عند الكثيرين من الناس بمن فيهم المثقفين، و ليس هناك في الدستور الامريكي ما ينص على اعتبار اللغة الانجليزية هي لغة رسمية، هو يعدها لغة وطنية بغاية ضمان وحدة مختلف الجنسيات و الاعراق و الاديان، و عدم ترسيم اللغة الانجليزية كانت له نتائج مهمة في حياة المهاجرين بمن فيهم المهاجرين السريين، و الكثير من المحاكم الامريكية تعرض فيها قضايا التمييز اللسني او اللغوي عندما يقوم مشغلون امريكييون بإجبار العاملين في المؤسات التعليمية او المعامل او الضيغات على التحدث فقط بالانجليزية، و يقرر معظم القضاة انصاف هؤلاء الضحايا و تعويضهم في حالة الطرد و اعتبار حقهم في الحديث بلغتهم الأم او بأية لغة يريدون. و هذا أمر في الحقيقة يزعج فقط الجمعيات الأمريكية العنصرية التي تحاول بين الفينة و الاخرى و بتنسيق مع نواب جمهوريين لطرح مشروع قانون تعديلي لكي تصبح اللغة الانجليزية رسمية، و في كل مرة تفشل لأنها لا تجد من يستجيب لها. و تمة منافع اخرى لعدم ترسيم اللغة الانجليزية في الدستور الامريكي، و هو ان اي مواطن غير امريكي لا يعرف الانجليزية، بامكان اية مصلحة مصرفية، اجتماعية، اقتصادية، ادارية،أمنية ... أن تتعامل معه بلغته، و بطريقة سهلة لكي يقضي الخدمة التي جاء من أجلها، لأن هذه المصالح لديها مترجمين لمعظم اللغات، و أحيانا في بعض المصالح، مثل مصلحة رخص السياقة، لا يحتاجون الى مترجم و مع ذلك يجتاز العديد من مهاجري الكرة الأرضية امتحانات السياقة بلغتهم الأصلية، و العديد من المغاربة و العرب اجتازوه بالعربية... كما أن عدم دسترة الانجليزية فتح مجالا هائلا بالنسبة للمجموعات المهاجرة لكي تطور أنشطتها المختلفة بلغاتها الأصلية، و أهم مجموعة تقدمت في هذا المجال تخص مواطني أمريكا اللاتينية التي جعلوا الإسبانبة لغة منافسة للإنجليزية، و بواسطتها تسير مشاريعهم الاقتصادية و الإعلامية و الثقافية ويستعملونها حتى داخل الإدارات البلدية و الولائية خصوصا في الجنوب. و حتى لا أطيل فإن إستناد الأستاذ بن عمرو على المبررين الواهيين انطلاقا من اعتقاده بالمبرر الآخر الواهي كذلك و المتمثل في الترسيم اللغوي المعتمد في هيئة الاممالمتحدة، لا يٍؤسس لأية قناعة تفيد بعدم دسترة الأمازيغية او تأجيلها لمجرد القول بأن الأممالمتحدة رسمت اللغة العربية على غرار الاسبانية و الإنجليزية، و بالتالي على الأمازيغيين لكي يظفروا بحق دسترة لغتهم ان ينتظروا اليوم الذي تعتمد فيه هذه الهيئة الدولية ترسيم اللغة الأمازيغية، و إذا رأى سي بن عمرو عدم الترسيم لا علاقة له بحقوق الانسان، فأية علاقة في ان تصبح المعايير السياسية التي دفعت بالاممالمتحدة لترسيم ثماني لغات، بحق الأمازيغ في الاعتراف بلغتهم و ترسيمها. و اتأسف كثيرا على أن تصبح الحقوق الديمقراطية لمجموعة عرقية مثار جدل و اختلاف وسط الديمقراطيين و التقدميين والدفع باللغة العربية لكي تكون حصان طروادة اللسني الذي عليه ان تواجه بواسطته اللغة الامازيغية و ثقافة الأمازيغ كمكون مندمج في سمفونية التعدد الثقافي المغربي و التي على السياسي الديمقراطي ان ينصت لها بتجرد عن كل موقف عروبي أو قوموي مسبق خصوصا في هذه الظرفية