ب 16 يوليوز, 2016 - 11:32:00 قام عسكريون ليل الجمعة بمحاولة انقلاب في تركيا مستخدمين طائرات حربية ودبابات، غير ان انقرة تصدت لهم بشدة واعلن الرئيس رجب طيب اردوغان عائدا الى اسطنبول ان الوضع بات تحت السيطرة. وادت المواجهات التي تخللتها مشاهد عنف غير مسبوقة في انقرةواسطنبول منذ عقود، الى سقوط ما لا يقل عن 60 قتيلا بينهم العديد من المدنيين على ما اعلن مسؤول تركي، كما تم اعتقال 754 عسكريا وفق وكالة الاناضول الحكومية. وبعدما كان رئيس الوزراء بن علي يلديريم اكد ان الوضع بات "تحت السيطرة الى حد كبير"، اعلن الرئيس اردوغان قبيل فجر السبت ان "هناك في تركيا حكومة ورئيس منتخبان من الشعب" مضيفا "سنتغلب على هذه المحنة ان شاء الله". وبدا اردوغان الذي كان حشد متراص من الانصار في انتظاره لدى هبوط طائرته في مطار اسطنبول قادما من مرمريس (غرب) حيث كان يمضي عطلة، في موقع تحد قوي متوقعا فشل محاولة الانقلاب ومؤكدا انه يواصل تولي مهامه "حتى النهاية". وتوعد اردوغان الانقلابيين بالقول ان "الذين نزلوا بدبابات سيتم القبض عليهم لان هذه الدبابات ليست ملكا لهم"، وهو متحصن بدعم انصاره الذين لبوا بكثافة دعوته للنزول الى الشوارع في انقرةواسطنبول وازمير من اجل التصدي للانقلابيين. وهنأ الاتراك على نزولهم "بالملايين" الى الشارع ولا سيما في ساحة تقسيم في اسطنبول وقد غصت باعداد غفيرة من المتظاهرين المنددين بالانقلابيين. غير الوضع في هذا البلد البالغ عدد سكانه 80 مليون نسمة والذي يعتبر عضوا اساسيا في الحلف الاطلسي، كان لا يزال غامضا قرابة الساعة 7,00 (4,00 ت غ)، بعد حوالى ثماني ساعات على الاعلان عن محاولة الانقلاب. وقامت طائرة في وقت باكر صباح السبت بالقاء قنبلة قرب القصر الرئاسي في انقرة فيما قصفت طائرات عسكرية من طراز اف-16 دبابات للانقلابيين عند مشارف القصر الرئاسي، بحسب ما افادت الرئاسة. "خونة" وبعد قليل، قام ستون جنديا انقلابيا كانوا احتلوا خلال الليل جسرا فوق البوسفور، بتسليم انفسهم لقوات الامن في اسطنبول، وفق مشاهد بثها التلفزيون مباشرة. وكانت طلقات نارية متقطعة لا تزال تسمع عند الفجر في عدد من احياء انقرةواسطنبول، بعد ليل شهد اعمال عنف ودوي انفجارات ناجمة بحسب وسائل الاعلام عن قصف جوي. وامر رئيس الوزراء الجيش السبت باسقاط الطائرات والمروحيات التي سيطر عليها الانقلابيون، وفق ما افاد مسؤول تركي. واعلن تعيين قائد جديد لهيئة الاركان بالنيابة محل الجنرال خلوصي آكار الذي كان محتجزا لدى الانقلابيين. ولدى وصوله الى مطار اسطنبول، ندد اردوغان بالانقلابيين "الخونة" الذين اتهمهم بالارتباط بخصمه اللدود الداعية فتح الله غولن المقيم في المنفى في الولاياتالمتحدة منذ سنوات. غير ان غولن ردا مؤكدا "انفي بصورة قاطعة مثل هذه الاتهامات"، في بيان صدر من الولاياتالمتحدة. وقال "من المسيء كثيرا بالنسبة لي كشخص عانى من انقلابات عسكرية عديدة في العقود الخمسة الماضية، ان اتهم بانني على اي ارتباط كان بمثل هذه المحاولة". وتم تحرير رئيس هيئة اركان القوات التركية الجنرال خلوصي آكار الذي كان محتجزا لدى الانقلابيين في قاعدة جوية بضاحية انقرة ونقله الى مكان آمن، بحسب ما افادت الشبكات التلفزيونية التركية. وكان الغموض يلف مصير الجنرال آكار وقد اعلن الرئيس رجب طيب اردوغان انه لا يعرف مكان وجوده، فيما عين محله رئيس اركان بالوكالة لعجزه عن تولي مهامه. وقال اردوغان ان الفندق الذي كان يقضي فيه عطلة في منتجع مرمريس بجنوب شرق تركيا تعرض للقصف بعد رحليه منه. مؤشرات الى ضبط الوضع تحدث رئيس الوزراء بن علي يلديريم عن محاولة انقلابية "غبية" و"محكومة بالفشل". وتعرض البرلمان الذي تم نشر دبابات حوله للقصف في العاصمة انقرة حيث قتل ما لا يقل عن 17 شرطيا، بحسب وكالة الاناضول. وفي اسطنبول، فتح جنود النار على الحشد ما ادى الى وقوع عشرات الجرحى، وفق مصور لوكالة فرانس برس. كما اسقطت طائرات اف-16 مروحية للانقلابيين وفق التلفزيون التركي. وبعد حوالى ساعتين على اعلان الانقلاب، توقع له اردوغان الفشل، متحدثا من مكان لم يتم الافصاح عنه للتلفزيون عبر تطبيق "فيس تايم" على هاتف محمول. وكان التلفزيون الرسمي بث قبيل منتصف الليل (21,00 ت غ) مساء الجمعة بيانا صادرا عن "القوات المسلحة التركية" يعلن فرض الاحكام العرفية وحظر تجول على مجمل الاراضي التركية. وبرر الانقلابيون "تولي السيطرة على البلاد" بضرورة "ضمان وترميم النظام الدستوري والديموقراطية وحقوق الانسان والحريات". وتوعد رئيس الوزراء جميع الضالعين في هذه الحركة "غير الشرعية" بانهم سيدفعون "الثمن باهظا". واغلق الجسران فوق البوسفور اللذان يصلان بين شطري اسطنبول الاسيوي والاوروبي في الاتجاهين. وفي اسطنبول، اغلقت قوات الامن بعض المحاور الكبرى ولا سيما تلك المؤدية الى ساحة تقسيم بوسط كبرى مدن تركيا، فيما انتشرت الشرطة بكثافة. وسيطر القلق والهلع على العديد من السكان وهرعوا الى المتاجر للتمون بالماء والمواد الغذائية والى اجهزة الصرف الالي لسحب الاموال. ودعا الرئيس الاميركي باراك اوباما الى دعم الحكومة التركية "المنتخبة ديموقراطية" والى "التحلي بضبط النفس وتفادي العنف واراقة الدماء". كما حضت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني على "ضبط النفس" و"احترام المؤسسات الديموقراطية" فيما دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي جرت مؤخرا مصالحة بين بلاده وتركيا، الى تفادي "اي مواجهات دامية". وراى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون "من الاساسي عودة الحكم المدني والنظام الدستوري بصورة سريعة وسلمية". وفي ايران المجاورة، اعرب وزير الخارجية محمد جواد ظريف عن "قلقه الشديد".