قال محمد الأشعري الشاعر والروائي ووزير الثقافة الأسبق إن موضوع اللغة لم يأخذ في تجربة اليسار حيزا كبيرا من التفكير لأسباب تاريخية، ولاعتبارات تتمثل أن الأهم ليس اللغة في حد ذاتها بل المضامين التي نتناولها في اللغة. وأكد ضمن مشاركته في أشغال الجامعة الرييعية لحزب "فدرالية اليسار" اليوم السبت، بالجديدة، أن تجربة المغرب أظهرت أن إهمال هذا الموضوع كانت له نتائج وخيمة ليس فقط على المستوى التعليمي والتواصلي ولكن أيضا على المستوى الثقافي وبناء الهوية الوطنية، وأيضا على مستوى بناء الدولة الوطنية الحديثة.
وأشار الأشعري أنه لأسباب تاريخية تم إهمال هذا الموضوع لأن الحركة الوطنية أدمجت قضية اللغة مع الدين، فلكي تشكل إطارا لمقاومة الاستعمار الفرنسي آثرت أن تزج باللغة العربية والدين الإسلامي في كتلة واحدة، الشيء الذي أصبغ على اللغة العربية مكانة استثنائية، أي مقدس مرتبط بالدين، ومازلنا إلى اليوم نعيش نتائج هذا الخلط بين اللغة والدين. واعتبر أن الحركة الوطنية بكل ما قامت به من أمور إيجابية لصالح اللغة العربية، من بناء المدارس الحرة ونشر المجلات، إلا أنه كان يسيطر عليها نفس مشرقي في علاقتها مع اللغة، إذا أهملت الأمازيغية ولم ترد الاعتبار للغة العامية. وأوضح أنه في بداية استقلال المغرب ظهر الاهتمام باللغة كنوع من الانتظارات المطلبية سياسية وثقافية، حيث كانت هناك دائما حركات للدفاع عن اللغة العربية في مقابل اللغة الأجنبية، وإحلال الأمازيغية المكانة التي تستحقها في الخريطة اللغوية للبلاد. وأضاف " بقينا لسنوات وعقود سجناء هذه الحركة المطلبية بخصوص اللغة ولم نشتغل على اللغة، حتى في المجال الذي يستعمل اللغة بامتياز وهو المجال التعليمي فالاشتغال الحقيقي على اللغة كان هامشيا". وسجل الأشعري أن القرارات الرئيسية التي اتخذت من تعريب ثم التراجع عنه كلها قرارات سياسية ولم تستند على مختبرات تدرس اللغة في حد ذاتها، وهذا الجو هو الذي وضعنا اليوم في وضعية يمكن تسميتها ب "الهجانة اللغوية"، إذا نردد كثيرا من المفاهيم المرتبطة بدور اللغة في بناء الهوية والدولة، لكن في الواقع عندما ندقق في علاقة اللغة بهذه القضايا نجد أنها هامشية جدا ،لأن الاتجاه العام سليم وهو الدفاع عن التعدد اللغوي دون اعتبار أنه داخل هذا التعدد يجب أن يكون هناك نوع من الصدارة للغات الوطنية. وشدد الأشعري على أن استمرار التعامل السياسي والأيديولوجي مع اللغة يؤخر المغرب كثيرا في إيجاد حلول حقيقية لقضايا اللغة، مبرزا الحاجة إلى العودة لنوع من العقلانية في مواجهة إشكاليات اللغة.