احتل المغرب المرتبة 28 عالميا من بين 55 اقتصادا في المؤشر الدولي للملكية الفكرية لعام 2025، الصادر عن غرفة التجارة الأمريكية، مسجلا نسبة 59.21 بالمائة من النقاط الممكنة، ليحل في صدارة الدول ذات الدخل المتوسط، والثاني على مستوى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بعد إسرائيل. وتقدم المغرب في هذا الترتيب على اقتصادات إقليمية بارزة مثل السعودية (53.70 بالمائة)، والإمارات (48.26 بالمائة)، وتركيا التي حصلت على 47.97 بالمائة من النقاط، بحسب ما ورد في التقرير السنوي لمركز السياسات العالمية للابتكار التابع لغرفة التجارة الأمريكية. ويضع المؤشر، في نسخته الثالثة عشرة، الاقتصادات الكبرى في صدارة التصنيف، حيث حافظت الولاياتالمتحدة على المرتبة الأولى بنسبة 95.48 بالمائة، تلتها المملكة المتحدة في المرتبة الثانية بنسبة 94.12 بالمائة، ثم اليابان بنسبة 93.88 بالمائة، وألمانيا بنسبة 92.65 بالمائة، وكوريا الجنوبية بنسبة 92.06 بالمائة، وفرنسا بنسبة 91.29 بالمائة. وتتميز هذه الاقتصادات بمستوى عالٍ من التكامل بين السياسات الحكومية، وحماية الملكية الفكرية، وتحفيز البحث العلمي والتجاري. ويؤكد التقرير أن هذه الدول نجحت في ربط الابتكار بالنمو الاقتصادي طويل الأمد من خلال منظومات قوية للملكية الفكرية، ما يجعل منها نماذج يُحتذى بها في هذا المجال.
بحسب المؤشر، فإن المغرب سجل أداء قويا في مجالات متعددة، على رأسها الانضمام إلى المعاهدات الدولية ذات الصلة، حيث حصل على أعلى النقاط في فئة "العضوية والمصادقة على المعاهدات الدولية" بإجمالي 6.5 من أصل 6.5 نقاط، وذلك بعد انضمامه إلى معاهدة سنغافورة بشأن قانون العلامات التجارية، واتفاق جنيف في إطار اتفاق لاهاي، بالإضافة إلى اتفاقية بودابست ومعاهدات أخرى تخص البراءات والتصاميم الصناعية والجرائم الإلكترونية. وقد ساهمت هذه العضويات في تعزيز الثقة الدولية في الإطار القانوني المغربي للملكية الفكرية، وهو ما اعتبره التقرير خطوة حاسمة نحو تقارب المغرب مع أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال. على مستوى حماية البراءات، حصل المغرب على 6.38 من أصل 10 نقاط، وحقق أداء جيدا في ما يتعلق بمدة الحماية (1.00)، وحماية الأصناف النباتية (1.00)، وآليات الإنفاذ الخاصة بالمنتجات الصيدلانية (1.00)، فيما أشار التقرير إلى وجود نقاط ضعف في ما يتعلق بإتاحة البراءات لبرمجيات الحاسوب (0.50) وعدم وجود آلية رسمية للاعتراض على البراءات (0.00). كما نوه التقرير باتفاقيات التعاون التي تجمع المغرب بعدد من الدول، منها اتفاقية التعاون في مجال تسريع البراءات مع إسبانيا، وتوفر المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية على آلية لتصديق البراءات المسجلة لدى المكتب الأوروبي للبراءات. في المقابل، رصد المؤشر جوانب قصور في منظومة الإنفاذ، إذ حصل المغرب على 3.01 من أصل 10 نقاط في فئة "التنفيذ"، بسبب استمرار معدلات مرتفعة لتقليد المنتجات والقرصنة الرقمية، إضافة إلى تقديرات غير رسمية تفيد ببلوغ معدل قرصنة البرمجيات نسبة 64 بالمائة. كما بيّن المؤشر أن التدابير الحدودية تحتاج إلى مزيد من الفاعلية، رغم تحقيق المغرب لنقطة كاملة (0.75) في مجال الشفافية وتوفير البيانات من طرف الجمارك. ويرى الخبراء أن التحديات في هذا المجال تتطلب جهدا مؤسساتيا متعدد الأبعاد، يشمل تعزيز القدرات التقنية للقضاء والجمارك والأمن، وزيادة التنسيق مع أصحاب الحقوق والمجتمع المدني. أما في ما يخص فئة "الابتكار المتقدم"، فقد حصل المغرب على صفر من أصل 6 نقاط، بسبب غياب أي حوافز خاصة بتطوير الأدوية اليتيمة أو آليات حماية إضافية لهذه الفئة من المنتجات. واعتبر التقرير أن غياب سياسات واضحة في هذا المجال يُضعف من قدرة الاقتصاد الوطني على جذب الاستثمارات الموجهة نحو الصناعات الدوائية المبتكرة، لا سيما في ظل تصاعد أهمية هذا القطاع عالميا بعد جائحة كوفيد-19. ويشكل هذا الجانب دعوة مباشرة لصناع القرار في المغرب لمراجعة سياسات الحوافز الضريبية والتنظيمية الموجهة نحو البحث العلمي في المجال الطبي والصيدلاني. كما سجل المغرب نقاطا متوسطة في فئات أخرى كحقوق التأليف والنشر (3.74 من 10)، والعلامات التجارية (2.00 من 5)، والتصاميم الصناعية (1.25 من 2)، وأسرار المهنة والمعلومات السرية (1.25 من 2). ويظهر من توزيع النقاط أن الإطار القانوني المغربي متماسك إلى حد كبير، لكن التنفيذ والتفاعل المؤسساتي مع هذه التشريعات ما يزال بحاجة إلى تطوير. ويسلط التقرير الضوء على أهمية إشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني في جهود التوعية والتحسيس بقيمة حقوق الملكية الفكرية، لما لذلك من تأثير على تقليص معدلات التعدي والقرصنة. ويخلص المؤشر إلى أن التقارب مع الأنظمة الرائدة في مجال حماية الملكية الفكرية لم يعد خيارا تنمويا، بل ضرورة استراتيجية. ويرى خبراء المركز أن البلدان التي تتيح بيئة آمنة للابتكار قادرة على جذب رؤوس الأموال وتعزيز تنافسيتها في الأسواق الدولية.