تحول مارس المعروف لدى الجزائريين بأنه "شهر الشهداء"، ويحتفل خلاله بعيد الانتصار على على الاستعمار الفرنسي، إلى شهر إضرابات واعتصامات وتظاهرات. وقد شهد هذا الشهر عشرات الحركات الاحتجاجية التي طالت كل القطاعات ومنها ما يشهد إضرابات لأول مرة كالإذاعة الحكومية، وأفراد الحرس البلدي العاملين مع الجيش "في مكافحة الارهاب". ولمارس معنى خاص لدى الجزائريين. فهو يسمى "شهر الشهداء" كما في مناهج التعليم لتلاميذ الصف الابتدائي. وخلاله "استشهد ثلاثة عقداء من الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي". كما يحتفل الجزائريون يوم 19 من نفس الشهر بعيد النصر، وذلك بمناسبة توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع الجيش الفرنسي المحتل في 19 مارس 1962. وتتحدث الصحف الجزائرية يوميا عن عشرات الاضرابات التي تهز الجامعات والشركات العمومية والادارات ومنها من يتواصل منذ عدة أسابيع كإضراب طلاب المدارس العليا. كما قرر الأطباء "المقيمون" (الذين يواصلون الدراسة في الاختصاص) مواصلة الإضراب للمطالبة بزيادة أجورهم وإلغاء "الخدمة المدنية" غير واثقين" بوعود وزير الصحة بتنفيذ مطالبهم، حسبما صرح أحد المتحدثين باسمهم لفرانس برس. وتضطر الحكومة في كل مرة الى الاستجابة لمطالب المحتجين، بعدما تفشل في التعامل معهم بالقوة الامنية كما حدث مع الاساتذة الموقتين الذين نجحوا في تحقيق مطلب تثبيتهم بعد عشرة ايام من الاعتصام امام رئاسة الجمهورية. وقد تضطر ايضا الى الاستجابة الى مطالب المدارس العليا الذين يريدون الاحتفاظ بالافضلية كمدارس امتياز وعدم تطبيق نظام "ليسانس ماستر دكتوراه" المطبق في باقي الجامعات الجزائرية. وبعيدا عن الإضرابات شهد الشهر المنصرم اكبر تظاهرة تشهدها العاصمة الجزائرية منذ سنوات، شارك فيها عشرة آلاف من افراد قوات الحرس البلدي. فقد اعتصموا في السابع من مارس امام مقر البرلمان عدة ساعات قبل ان يتفرقوا على اساس وعود تلقوها من وزارة الداخلية ورئيس المجلس الشعبي الوطني بتحقيق كل مطالبهم. وقرر هؤلاء تنظيم اعتصام جديد يضم خمسين الف من الحراس البلديين أمام مقر رئاسة الجمهورية الاحد المقبل لعدم رضاهم على قرار منح التقاعد المسبق لكل من افراد الحرس البلدي بلغ 45 سنة وعمل 15 سنة. وهم يطالبون بان يشمل التقاعد كل من يرغب فيه دون شروط. واندلعت احتجاجات شعبية في كل ولايات (محافظات)الجزائر خلال الشهر، تحدثت عنها الصحافة كما في عنابة (600 كلم شرق الجزائر) وسيدي بلعباس (450 غرب الجزائر) والعاصمة، وكلها تتعلق بالمطالبة بالتوظيف والسكن. وأسفرت احتجاجات في حي شعبي في العاصمة 22 جريحا من بينهم 21 شرطيا بينما تحدث شاهد عن سبعين جريحا على الاقل في صفوف سكان وادي قريش، بعدما دخلوا في مواجهات مع قوات الشرطة التي كانت تحمي جرافات البلدية المكلفة بتهديم بيوت فوضوية. وأعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حزمة اجراءات اجتماعية وسياسية في 22 فبراير، تصدرها رفع حالة الطوارئ وتمكين العاطلين عن العمل من الحصول على قروض ميسرة لإنشاء مؤسسات صغيرة. وجاءت هذه الاجراءات بعد احتجاجات دامية شهدتها عدة مدن جزائرية في كانون يناير وخلفت خمسة قتلى و800 جريح. *أ ف ب --- تعليق الصورة: من احتجاجات الجزائر