في يوم الاثنين 16 دجنبر 2024، انعقدت الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة عزيز أخنوش تحت قبة البرلمان. خلال هذه الجلسة، أقرّ بشكل غير مباشر أنه تجاوز الفصل 36 من الدستور الذي ينص على أن القانون يعاقب على المخالفات المتعلقة بتضارب المصالح، واستغلال التسريبات التي تخلّ بالمنافسة النزيهة وأية مخالفة ذات طابع مالي. اعترف عزيز أخنوش بصريح العبارة أن شركتيه "أفريقيا غاز" و"غرين أوف أفريكا" Green of Africa، التي يملك جزءا منها بالشراكة مع عثمان بنجلون، فازتا، إلى جانب الشركة الإسبانية "أكسيونا" Acciona، بصفقة إنشاء محطة لتحلية مياه البحر في الدارالبيضاء. ويُعدّ هذا تضاربا صارخا للمصالح، خاصة أنه يشغل منصب الرئيس المباشر للإدارة العمومية المسؤولة عن منح المشروع.
في مداخلته، قدم أخنوش عددا من المعلومات المغلوطة حول الموضوع، حيث قال بالحرف: "Appel d'offre مفتوح للجميع". إلا أن الحقيقة أن المشروع يندرج تحت القانون رقم 12-86 المتعلق بعقد الشراكة بين القطاع العام والخاص (PPP)، وليس له علاقة بقانون الصفقات العمومية كما زعم. وتهدف الدولة من خلال هذا الإجراء القانوني، الذي تم اعتماده عام 2015، إلى تمرير الصفقات الاستراتيجية الكبرى التي لا تملك لها القدرات التقنية والمالية. تمر عملية الانتقاء بمرحلتين: المرحلة الأولى تُعرف ب "الانتقاء الأولي"، وهي مرحلة يتم فيها اختيار الشركات التي تستوفي الشروط التقنية، بينما تُعرف المرحلة الثانية ب "الحوار التنافسي" Dialogue Competitif الذي تديره لجنة وطنية يترأسها ويعينها رئيس الحكومة وفقا للمرسوم رقم 703-20-2. وتقوم هذه اللجنة بقيادة الحوار التنافسي مع المتنافسين لاتخاذ القرار النهائي في الجانب المالي للمشروع. من اللافت أن رئيس الحكومة نفسه يترأس هذه اللجنة الوطنية التي تمتلك سلطة اتخاذ القرار النهائي. ويبدو أن هذه اللجنة قد منحت المشروع لشركات يملكها رئيسها، مما يثير تساؤلات حول تضارب المصالح الواضح والفج. واصل أخنوش تضليل الرأي العام المغربي بالتصريح بأن المشروع لم يحصل على أي دعم من الدولة. لكن الحقيقة هي أنه إذا كانت الدولة تملك الموارد المالية الكافية، لما لجأت إلى قانون PPP أصلا. وقد منح المجلس الوزاري الإسباني في ديسمبر 2023 قرضا بقيمة 250 مليون يورو بفائدة منخفضة لدعم المشروع، بالإضافة إلى قرض بقيمة 62 مليون يورو من الشركة الإسبانية للتمويل والتنمية "Cofides" والبنك الإسباني CaixaBank. الجدير بالذكر أن شركة عزيز أخنوش لم تكن تستوفي الشروط والمؤهلات التقنية للمشاركة في مشاريع التحلية، بل دخلت غماره مختبئة في حصان طروادة (الشركة الإسبانية)، بينما يبقى قرار المحطة في مدريد.