قال خبير الطاقة الروسي ألكسندر فرولوف إن "القدرة الطاقوية لسوريا لا تكمن في احتياطياتها من النفط والغاز بقدر ما تكمن في موقعها الاستراتيجي، الذي يجعلها نقطة تقاطع لطرق النقل الطاقوي المحتملة"، وذلك في حديثه لقناة "جيو-إنرجيتيكا إنفو" الروسية. وأشار فرولوف إلى أن دعم دول مثل روسيا والصين يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في إعادة بناء الاقتصاد السوري تدريجيًا. في الوقت نفسه، يبقى الوضع السياسي في المنطقة عاملًا رئيسيًا سيحدد وتيرة التعافي، حيث أوضح الخبير أن "مستقبل سوريا لا يعتمد فقط على مواردها، بل أيضا على قدرة القوى العالمية على إيجاد توازن في المصالح في المنطقة."
قبل اندلاع الحرب الأهلية، كانت سوريا تنتج حوالي 400 ألف برميل من النفط يوميًا و5 إلى 6 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًا، كما يذكر ألكسندر فرولوف، وهو نائب مدير معهد الطاقة الوطنية بموسكو. وأضاف: "ّرغم أن هذه الأرقام تبدو متواضعة مقارنة مع الدول المجاورة مثل السعودية أو العراق، إلا أن موقع سوريا الجغرافي يعطي لمواردها الطاقوية أهمية استراتيجية". وتذكر فرولوف أنه في أوائل الألفينيات، كان هناك نقاش حيوي حول مشروع خط أنابيب الغاز من قطر إلى أوروبا عبر الأراضي السورية، ولكن الحكومة السورية رفضت دعم هذا المشروع، مما أثار استياء بعض الدول الغربية. وأوضح الخبير: "فضلت سوريا توجيه علاقاتها إلى تحالف مع روسيا، وهو ما أثر في قرارها بالرفض لمشروع الغاز القطري"، ليُصبح هذا الخيار لاحقًا إحدى الفرضيات التي تفسر أسباب النزاع السوري. وكان وزير الخارجية الفرنسي السابق أول من طرح فكرة الربط بين الحرب في سوريا والمشاريع الطاقوية. وأكد فرولوف على أن "هذه الفرضية تثير الشكوك، نظرًا لصعوبة تنفيذ مثل هذه المشاريع البُنية التحتية في ظل الظروف غير المستقرة والصراع." دمر النزاع الأهلي اقتصاد سوريا وجعل أراضيها شبه غير خاضعة للسيطرة، وفقًا لما يراه الخبير. ونتيجة لذلك، أصبحت أي خطط لبناء منشآت طاقوية، بما في ذلك خطوط الأنابيب، غير قابلة للتحقيق، وكمثال على التحديات في مثل هذه المشاريع، أشار إلى تركمانستان، التي تواجه أيضًا صعوبة في بناء خط أنابيب عبر مناطق غير مستقرة مثل أفغانستان. وقال فرولوف إن "الوضع يتفاقم بسبب العقوبات الدولية التي تمنع سوريا من جذب الاستثمارات وتجديد بنيتها التحتية، مما يجعلها تعتمد على المساعدات الخارجية والدعم من حلفائها مثل روسيا وإيران." رغم الدمار الكبير، تظل سوريا نقطة محورية في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط. وأشار فرولوف إلى أن القوى الكبرى تواصل السعي للنفوذ في المنطقة. وقال: "حتى لو لم تلعب سوريا دورًا رئيسيًا في سوق الطاقة، فإن السيطرة عليها تحمل قيمة رمزية بالنسبة للعديد من الدول." كما ناقش دور العوامل الخارجية في استمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة. على سبيل المثال، فإن مصالح الولاياتالمتحدة وحلفائها والصراع بينها وبين روسيا وإيران تخلق ديناميكيات معقدة. وفيما يتعلق بالمستقبل، أعرب فرولوف عن تشككه في قدرة سوريا على التعافي بسرعة واستعادة جزء من قدرتها الاقتصادية السابقة، وقال: "حتى مع نهاية النزاع، ستحتاج البلاد إلى عقود لاستعادة بنيتها التحتية المدمرة واستعادة الاستقرار الداخلي."