ب 10 أكتوبر, 2017 - 09:22:00 معادلات جديدة قد تنتج عن الزيارة التاريخية التي قام بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو، الأسبوع الماضي. الزيارة لن تؤدي فقط لتزايد نفوذ روسيا في الشرق الأوسط، بل قد تفضي لسلسلة تفاهمات بين الجانبين على الرغم من الخلافات بين عملاقي النفط حول الملف السوري. ورافق العاهل السعودي في الزيارة وفد من 1500 شخص، كما تم تخصيص طائرة لإحضار المواد الغذائية الطازجة من الرياض يومياً خلال الزيارة التي استمرت أربعة أيام الأسبوع الماضي. خلافات قديمة وعلى الرغم من خلافاتهما المستمرة منذ عقود، والتي وضعتهما على طرفي نقيض في النزاعات التي يشهدها العالم الإسلامي من أفغانستان إلى الشيشان، توصل البلدان إلى توقيع صفقات أسلحة وطاقة بقيمة مليارات الدولارات. ووقعت السعودية، الحليف التقليدي للولايات المتحدة، عقداً يفتح الباب أمام شراء الرياض انظمة الدفاع الجوي الروسية اس-400 وأنظمة صواريخ موجهة مضادة للمدرعات، إضافة إلى استثمارات وصفقات في مجال الطاقة، بحسب ما أعلنت المؤسسة العامة للصناعات العسكرية السعودية. ماذا يريد الكرملين من السعودية؟ مع ذلك، لا يزال البلدان على موقفهما من النزاع السوري حيث يدعمان أطرافاً متحاربة. وتدعم السعودية فصائل المعارضة السورية التي تقاتل قوات الرئيس بشار الأسد، بينما تدعم روسيا بقوة النظام السوري المدعوم أصلاً وبشدة من طهران. وفيما تحمّل السعودية الأسد مسؤولية النزاع القائم في سوريا الذي أدى إلى مقتل أكثر من 330 ألف شخص منذ 2011، تشكل الزيارة مؤشراً إلى أن الرياض سلّمت بالدور الأساسي الذي تلعبه روسيا حالياً في الشرق الأوسط. وقال المحلل السياسي ألكسندر شوميلين من مركز نزاعات الشرق الأوسط في موسكو "بالنسبة لبوتين، تشكل زيارة الملك (السعودي) اعترافاً بهذا الدور". وأدت حملة الغارات الجوية التي تنفذها روسيا في سوريا إلى تغيير مسار الحرب حيث تمكن النظام من توسيع سيطرته لتشمل مناطق واسعة من البلاد. ويسعى الكرملين حالياً إلى حشد التأييد لتسوية سياسية في سوريا تضمن بقاء الأسد. في الوقت نفسه، تريد موسكو من الرياض أن تساعد في تمويل مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، ما يؤمن لروسيا صفقات مربحة، بحسب فلاديمير فرولوف، المحلل السياسي المستقل الذي يتخذ من موسكو مقراً له. تراجع الدور الأميركي وتسعى السعودية إلى توسيع مروحة علاقاتها الدولية منذ أن قلصت واشنطن من الدور الذي تلعبه في المنطقة. وقال فيودور لوكيانوف من مجلس السياسة الخارجية والدفاعية في موسكو إن "الولاياتالمتحدة أصبحت أقل اهتماماً بالشرق الأوسط وروسيا تستفيد من ذلك". ويعود تململ السعودية من واشنطن إلى عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. وعلى غرار حلفاء آخرين للولايات المتحدة، كانت السعودية تطالب بتغيير النظام في سوريا، إلا أنها أصيبت بالخيبة بعد رفض أوباما اتخاذ إجراءات حاسمة ضد الأسد. وقال ألكسندر فيلونيك المحلل الموالي للكرملين في أكاديمية العلوم الروسية "الولاياتالمتحدة فقدت مصداقيتها، وروسيا تخرج من مرحلة ركود طويلة". التمرد الشعبي وفي حين أن روسيا لن تحل محل واشنطن كأكبر ضمانة أمنية في المنطقة، يمكن للسعودية أن ترى في موسكو شريكاً يمكن الاعتماد عليه في حال حصول تمرد شعبي على غرار "الربيع العربي". ويوضح فرولوف "لقد شهدوا كيف أن الولاياتالمتحدة خانت حليفها حسني مبارك في مصر تحت شعار تعزيز الديمقراطية". خلاف حول إيرانبالنسبة للسعوديين، فإن زيارة موسكو كانت كذلك محاولة لاستمالة بوتين من أجل استخدام سلطته للحد من النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط. ويقول شوميلين "الأولوية بالنسبة للسعودية هي عدم السماح لإيران بأن تزداد قوة في المنطقة". ويضيف شوميلين "لا أحد يعلم كيف سيتصرف بوتين حيال هذا الأمر، فهو وسط مجموعة لاعبين أساسيين توجهاتهم مختلفة". ويقول فرولوف أن اعتماد روسيا الكبير على الدور الذي تلعبه إيران على الأرض في سوريا يجعلها غير قادرة على تحمل انفصال جدي عن طهران. ويقول المحلل إن "السعوديين سيخيب أملهم من بوتين في هذا المجال، وهذا قد يؤثر على الاتفاقيات الاقتصادية مع روسيا". وعلى الرغم من الخلافات الجلية، أكدت زيارة العاهل السعودي أن الحملة العسكرية الروسية في سوريا أمنت دوراً طويل الأمد لموسكو كلاعب أساسي في الشرق الأوسط.