أبو رغال هو رمز الخيانة في التاريخ العربي، حيث ارتبط اسمه بالشخص الذي خان قومه وأرشد أبرهة الأشرم إلى طريق مكة ليهدم الكعبة. ومن هنا خُلد عنوانا لكل من يبيع أمته. اليوم،نجد أن المتصهينين العرب يجسدون ذات النموذج،حيث يقدمون أنفسهم أدوات لخدمة الاحتلال الإسرائيلي، تماما كما فعل أبورغال حين كان دليلا ذليلا للغزاة. الخيانة ليست مجرد فعل فردي أو خطأ معزول، بل هي استراتيجية اعتمدتها قوى الاحتلال والاستعمار على مر التاريخ لضرب المجتمعات من الداخل. ففي كل عصر، كان الغزاة يبحثون عن "أبو رغال" جديد، شخص من بين الصفوف، يملك وجها مألوفا صفيقا، وقدرا وافرا من الحقارة والدناءة تؤهله لولاء مطلق منبطح للعدو. اليوم، يلعب المتصهينون هذا الدور، مبررين جرائم الاحتلال الإسرائيلي ومسوغين انتهاكاته، في مشهد يعيد إنتاج ذات الخيانة التي ضربت أمما سابقة. ولا ننسى هنا درس التاريخ المغربي القريب في عهد الاستعمار حين استغل المستعمر بعض الوجوه الخائنة لتبرير وجوده، حيث قدموا أنفسهم وسيطا بين الشعب والمستعمر، وحاولوا الترويج لفكرة أن الوجود الاستعماري كان ضروريا للتحديث والتنمية تماما مثل الذين ينبرون اليوم لتقديم الكيان الصهيوني على أنه دولة ديمقراطية. إن دور المتصهينين العرب يتجاوز مجرد الدفاع عن الاحتلال، فهو يمتد إلى محاولة تغيير وعي المجتمعات العربية والإسلامية. إنهم يسعون لتشويه القضية الفلسطينية، والترويج لفكرة أن الاحتلال الإسرائيلي شريك "شرعي" في المنطقة، ضاربين بعرض الحائط عقودا من الاحتلال والتهجير والتنكيل بالشعب الفلسطيني. وكما أن أبا رغال فتح الطريق للغزاة نحو مكة، يفتح هؤلاء الطريق أمام إسرائيل للتغلغل في عمق الأمة، ليس فقط اقتصاديا وسياسيا، بل أيضا ثقافيا ومعنويا. إنها خيانة لقيم الأمة، ودماء شهدائها، وحقوق أجيالها القادمة، وهو ما يلزم كل الأحرار اليوم بمواجهة وعزل هؤلاء الأدلاء الأذلاء الذين يمهدون الطريق لأعدائنا، ويحاولون تسويق الهزيمة كخيار، والتطبيع كحقيقة، والاحتلال كشريك. ولا بد من فضح خطورة هذا الدور التخريبي انطلاقا من الوعي بأن مواجهة الخيانة ليست فقط حماية لفلسطين، بل هي دفاع عن كرامة الشعوب ومستقبلها، لأن الاحتلال ينتهي، لكن أثر الخيانة قد يدوم إن تُرك مشرعا.